افتُتح بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي معرضان سينمائيان ضمن فعاليات الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية، بإشراف الناقد والسيناريست طارق بن شعبان، مدير المهرجان، وبحضور ثلة من صناع السينما وضيوف التظاهرة من بينهم المخرجة الأرمينية إينا مخيتاريان، والمخرجة فاتو سيسيه ابنة السينمائي المالي الراحل سليمان سيسيه، إلى جانب أسماء عربية وأفريقية بارزة في المشهد السينمائي.
وخصص المعرض الأول، المعنون بـ«طبعًا أرمينيا»، للاحتفاء بأكثر من قرن من تاريخ السينما الأرمينية، من خلال مجموعة مميزة من معلقات الأفلام التي تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي وصولًا إلى اليوم. ويقترح المعرض، بتصميم بصري للفنان أمان الله عكجة، رحلة جمالية تستكشف سينما ذات نزعة شاعرية وفلسفية عميقة، تنشغل بأسئلة الهوية والمنفى والذاكرة الثقافية، مدعومة بملصقات مرممة بعناية ومقاطع فيديو توثق لأبرز الأعمال الأرمينية الخالدة.
ويأتي هذا المعرض ضمن برنامج «سينما تحت المجهر»، الذي يتواصل من 14 إلى 19 ديسمبر 2025، ويشمل أيضًا عروضًا سينمائية مختارة وماستر كلاس تقدمه المخرجة تمارا ستيبانيان حول السينما الأرمينية وإشكاليات الهوية.
أما المعرض الثاني، المعنون بـ«أركيولوجيا (اللا) مرئي»، فيحتفي بتجربة المخرج المالي الكبير سليمان سيسيه، ويقدم قراءة حسية وبصرية لعالمه السينمائي، حيث يتحول الضوء إلى عنصر فلسفي يتجاوز الوظيفة التقنية ليصبح لغة تربط الإنسان بالكون وتكشف طبقاته الروحية والوجودية. ويستلهم المعرض رؤيته من فيلم «Yeelen»، دون إعادة سرد أحداثه، بل عبر استحضار وهجه الداخلي وأبعاده الرمزية المرتبطة بالمعرفة والحرية.
وعبّرت المخرجة فاتو سيسيه عن امتنانها لهذا التكريم، مشيدة بعمق المقاربة الفنية التي استحضرت التصور الصوفي لوالدها لعلاقة الضوء بالفضاء والإنسان. وعقب افتتاح المعرض، تم عرض فيلم «تحية ابنة لوالدها»، الذي تستعيد فيه فاتو سيسيه محطات من حياة والدها الشخصية والفنية، وعلاقته بالعائلة والسينما والأصدقاء، فيما أبرزت شهادات سينمائيين ماليين مشاركين الأبعاد الروحية والفكرية التي ميزت تجربة سيسيه وجعلت من سينماه مرجعًا إنسانيًا وفنيًا عالميًا.
سينفيليا

