تواصل السينما المغربية تثبيت حضورها في المحافل الدولية بعد أن أحرز الفيلم الطويل حب في الداخلة للمخرج خالد إبراهيمي، الجائزة الكبرى “سيزانغ دور” خلال مهرجان FACAS المنظم بكوت ديفوار. هذا التتويج، الذي يعد أرفع جائزة يقدمها المهرجان، يعكس المكانة التي باتت تحتلها السينما المغربية كأحد أبرز الأصوات الإبداعية في إفريقيا والعالم.
الفيلم، من إنتاج شركة ALS Production، جمع نخبة من الأسماء المغربية المرموقة في مجال الكتابة والإنتاج والإخراج، إذ تولى الروائي والسيناريست عبد الإله حمدوشي صياغة السيناريو، فيما أشرف زين الدين شرف الدين على إدارة الإنتاج. وجاء العمل كتجربة متكاملة تبرز المستوى العالي الذي بلغته الصناعة السينمائية في المغرب من حيث الحرفية والقدرة الإبداعية.
يحكي حب في الداخلة قصة رومانسية بين شابين ينتميان إلى عوالم متباينة، في مدينة الداخلة التي تتحول إلى شخصية مركزية في السرد، بما تحمله من طبيعة خلابة وتنوع ثقافي يجعلها فضاءً حيوياً للدراما. وقد استطاع المخرج إبراهيمي أن يوظف جمالية المكان ليعكس الصراعات الداخلية للشخصيات، مقدماً حكاية إنسانية تنبض بالصدق وتلامس الوجدان.
اعتمد الفيلم على لغة بصرية شاعرية تتجلى في إيقاع هادئ وصور بانورامية واسعة لبحر الداخلة ورمالها الذهبية، وهو ما منح العمل بعداً جمالياً إضافياً. إشادة النقاد في كوت ديفوار جاءت لتؤكد هذا التميز، إذ رأوا فيه قدرة على المزج بين الخصوصية المحلية والبعد الإنساني الكوني، ما جعله قريباً من الجمهور الإفريقي ونال إعجاب لجنة التحكيم.
لا يمثل هذا التتويج تكريماً لفيلم بعينه فحسب، بل يترجم مساراً متنامياً للسينما المغربية التي تواصل ترسيخ نفسها في خريطة الإبداع الإفريقي والدولي. فقد أبرزت لجنة التحكيم قدرة الفيلم على سرد قصة حب عابرة للحدود الثقافية والجغرافية، في حين ظل محتفظاً بروح مغربية أصيلة تجعل التجربة صادقة ومؤثرة.
إن فوز حب في الداخلة بالجائزة الكبرى في مهرجان FACAS يكرس مكانة المغرب كفاعل رئيسي في السينما الإفريقية، ويؤكد أن الإنتاج المغربي قادر على بلوغ أفق عالمي، من خلال أعمال تزاوج بين العمق الإنساني والهوية الثقافية، وتضع المغرب في صدارة المشهد السينمائي الإقليمي والدولي.
