حظي الفنان عمر السيد، لأول مرة في حياته، بتكريم على مجمل أعماله السينمائية كممثل، وذلك في حفل اختتام الدورة 25 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية مساء السبت 28 يونيو 2025 بالمركب الثقافي محمد السادس بخريبكة.
وقد تم تأثيث لحظة هذا الكريم، التي نشطتها المبدعة الشابة سناء فاضل بحرفية عالية، بعرض شريط فيديو يستعرض مقتطفات من حوار مع المكرم وبعض أغانيه تخللتها مقاطع من أفلام مغربية شارك فيها من قبيل “الحال” لأحمد المعنوني و”عنوان مؤقت” لمصطفى الدرقاوي و”ريزوس، دم الآخر” لمحمد لطفي و”وجها لوجه” لعبد القادر لقطع و”المطلقة” لرشيد العروصي… أو بعض الأفلام الدولية التي أعجب بها منذ احتكاكه الأولي بقاعات السينما بالحي المحمدي (قاعتي السعادة وشريف) عندما كان يافعا (الفيلم الإيطالي “سينما براديزو” نموذجا)… كما تم تأثيثها بشهادة جامعة مانعة ألقاها الأستاذ عبد الله لوغشيت، أحد وجوه الثقافة والفن والإعلام بالدار البيضاء وإبن الحي المحمدي الذي أنجب فنانين كبار من بينهم عمر السيد، حيث عرف بأهم محطات التجربة الفنية للمحتفى به مركزا على البعد السينمائي فيها، كما أشاد بمنظمي المهرجان والحرفية العالية التي بلغوها هذه السنة وتمنى لهم المزيد من التألق والنجاح.
في الختام نودي على المكرم تحت زغاريد وتصفيقات الجمهور الذي غصت به قاعة المركب الثقافي، وبعد كلمة له بالمناسبة شكر من خلالها المنظمين والجمهور الحاضر على حفاوة الإستقبال وحسن التنظيم قدم له عامل الإقليم درع التكريم وسلم له رئيس الجماعة الترابية هدية باسم ساكنة المدينة وأخذت لهم صور للذكرى.
فيما يلي ورقة مركزة تسلط بعض الأضواء على حضور عمر السيد أمام وخلف كاميرا السينما على امتداد ما يفوق أربعين سنة:
البعد السينمائي في تجربة عمر السيد الفنية:
إلى جانب عطاءاته المسرحية (مع الطيب الصديقي وغيره) والغنائية والموسيقية (قبل وبعد تأسيس فرقة “ناس الغيوان” في مطلع سبعينيات القرن العشرين) وغيرها، كان للفنان عمر السيد (78 سنة) حضور أمام وخلف كاميرا السينما.
انطلق هذا الحضور بمشاركته في فيلم “تغنجة” (1980) لعبده عشوبة، حيث اضطلع فيه عمر السيد بمهمة مدير الإنتاج، كما شخص فيه دورا إلى جانب العربي باطما (1948- 1997) وسكينة الصفدي (1949- 2022) ومحمد الحبشي (1939- 2013) وغيرهم، وتم تأثيث موسيقاه التصويرية بأغاني ونغمات فرقة “ناس الغيوان”. بعد هذا الفيلم غير الموفق إبداعيا، انخرط عمر السيد وباقي أفراد مجموعة “ناس الغيوان” في تجربة سينمائية وثائقية ناجحة من توقيع المبدع أحمد المعنوني سنة 1981. يتعلق الأمر بفيلم “الحال”، الذي أنتجته يزة جينيني وأعجب بموسيقاه وأغانيه المبدع السينمائي الكبير مارتن سكورسيزي، وتلاه فيلم “إبن السبيل” (1981) لمحمد عبد الرحمان التازي، وهو من إنتاج وسيناريو وحوار نور الدين الصايل (1947- 2020)، وقد أدى عمر السيد في بداية ونهاية هذا الفيلم أغنية بصوته، على نغمات البانجو من عزف حميدة الباهيري، ألف كلماتها الصايل خصيصا لهذا الفيلم.
كانت لعمر السيد، بعد هذه التجارب الفيلموغرافية الثلاث، مشاركات بأدوار متفاوتة القيمة في أفلام سينمائية مغربية وأجنبية أخرى نذكر منها العناوين التالية: “الورطة” (1982) لمصطفى خياط، “عنوان مؤقت” (1984) لمصطفى الدرقاوي، “ريزوس/دم الآخر” (1996) للراحل محمد لطفي، “بيضاوة” (1998) لعبد القادر لقطع، “زنقة القاهرة” (1998) لعبد الكريم محمد الدرقاوي، “مبروك” (1999) لإدريس اشويكة، ” السر المطروز” (2000) لعمر الشرايبي، “وجها لوجه” (2003) لعبد القادر لقطع، “الطين جا” (2004) لحسن لكزولي، “درب مولاي الشريف” (2004) لحسن بنجلون، “الحلم المغربي” (2007) لجمال بلمجدوب، “عود الورد” (2007) للراحل لحسن زينون، “أوطو- سطوب” (2008) للمهدي الخودي (فيلم قصير)، “صوت المغرب” (2009) للمخرجة الإيطالية جوليانا كامبا، “كاع لي بغيت” (2010) للمخرجة والصحافية المقيمة بين باريس والدار البيضاء ميشيل ميدينا (وثائقي متوسط الطول)، “السيناريو (2011) للراحل سعد الله عزيز، “موشومة” (2012) للراحل لحسن زينون، “المطلقة” (2017) لرشيد العروصي، “طحالب مرة” (2025) لإدريس اشويكة…
لقد برهن الفنان عمر السيد في هذه الأفلام السينمائية ومجموعة من الأعمال التلفزيونية والمسرحية على أنه ممثل متمكن من أدواته، لا تقل مكانته فيها عن مكانته كأحد الأعمدة الأساسية لمجموعة “ناس الغيوان” الشعبية الغنائية الذائعة الصيت.
أحمد سيجلماسي