أصدر الناقد السينمائي المغربي عبد الكريم واكريم كتابًا نقديًا جديدًا يحمل عنوان “تجارب سينمائية نسائية جديدة.. قراءات في أفلام مغاربية”، صدر عن دار القرويين في 80 صفحة من القطع المتوسط، ليشكل إضافة نوعية إلى المكتبة السينمائية المغاربية والعربية، ولا سيما في سياق توثيق وتحليل المنجز النسائي المتصاعد في حقل الإخراج السينمائي.
يأتي هذا الإصدار الجديد تتويجًا للاهتمام المتجدد بالمسارات الإبداعية لمخرجات مغاربيات برزن بقوة في السنوات الأخيرة، واستطعن فرض حضورهن على خريطة المهرجانات الدولية من الصف الأول، مثل كان، برليناله، صاندانس، وكارلوفي فاري، وغيرها من المنصات العالمية التي تحتفي بالجودة الفنية والطرح المختلف.
فصلان… قراءة نقدية وحوارات مباشرة
ينقسم هذا العمل إلى فصلين رئيسيين:
-
الفصل الأول يقدم قراءات نقدية لأفلام مخرجات شابات من المغرب وتونس، ومن أبرز الأفلام التي توقف عندها:
-
“كذب أبيض” لأسماء المدير،
-
“أزرق القفطان” لمريم التوزاني،
-
“ملكات” لياسمين بنكيران،
-
“ماشية لجهنم” لأسهمان لحمر،
-
“مجنون فرح” لليلى بوزيد،
إلى جانب أعمال أخرى تنتمي إلى تجارب مغايرة تمثل روح التجديد والأسئلة الفنية الراهنة.
-
-
الفصل الثاني خصصه المؤلف لحوارات مع مخرجات مغربيات، تطرقن خلالها إلى تجاربهن الخاصة، تحدياتهن، ورؤيتهن للواقع السينمائي في العالم المغاربي وما بعده.
طفرة نسائية لافتة في السينما المغاربية
جاء في تقديم الكتاب أن هذا العمل يرصد الطفرة اللافتة التي عرفتها السينما النسائية في المغرب وتونس، التي تُرجمت إلى قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، مع بروز أسماء مخرجات شابات استطعن تحقيق إشعاع إقليمي وعالمي، من خلال أفلام تميزت بالعمق، وبالبصمة الفنية الخاصة، والرؤية النسوية الجمالية.
إن هذه المخرجات، وفق واكريم، لم يعدن ظواهر محلية فحسب، بل أصبحن فاعلات في المشهد السينمائي الدولي، وهو ما تؤكده اختيارات أفلامهن ضمن المسابقات الرسمية للمهرجانات الكبرى، وحصادهن لجوائز معتبرة تثمن أصواتًا نسائية مختلفة في الطرح، تتقاطع مع قضايا الهوية والحرية والجسد والمجتمع.
امتداد لمسار نقدي رصين
في تصريح له لوكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح عبد الكريم واكريم أن هذا الكتاب يأتي امتدادًا لسلسلة من مؤلفاته النقدية السابقة التي تناول فيها السينما المغربية والعربية والعالمية من زوايا متعددة، مشيرًا إلى أن فكرة هذا الإصدار انطلقت من اهتمامه المستمر بـ”المساهمة النسائية المتنامية في المشهد السينمائي، ليس فقط كمجال فني، بل كمجال للتفكير وتفكيك الواقع.”
كما شدد واكريم على أن رغبته في التوثيق لتجارب المخرجات المغاربيات جاءت انسجامًا مع تحولات المشهد الإبداعي، الذي يشهد اليوم تحررًا متزايدًا من القيود التقليدية، وبروز سرديات جديدة أكثر جرأة وتفردًا.
عبد الكريم واكريم: ناقد وفكر سينمائي مستمر
يُعد عبد الكريم واكريم من أبرز الأصوات النقدية المغربية في مجال السينما، حيث راكم تجربة طويلة في الكتابة والتحليل، وواكب التحولات الفنية منذ مطلع الألفية. وهو اليوم رئيس تحرير مجلة “سينفيليا” السينمائية المتخصصة، وسكرتير تحرير مجلة “طنجة الأدبية” الثقافية.
من أبرز مؤلفاته السابقة:
-
“أسئلة الإخراج السينمائي في المغرب” (2003)
-
“كتابات في السينما” (2010)
-
“تجارب جديدة في السينما المغربية” (2013)
-
“سينمات عالمية: أفلام ومخرجون.. قراءات في تجارب مغايرة” (2018)
-
“السينما العربية الجديدة: تجارب وتيارات” (2020)
كما شارك في لجان تحكيم عدد من المهرجانات السينمائية محليًا ودوليًا، ما منحه نظرة عميقة وشاملة إلى الإنتاج السينمائي في بعده الجمالي والسوسيولوجي.
خاتمة
يأتي إصدار “تجارب سينمائية نسائية جديدة” ليُكرّس التوجه الجديد في النقد السينمائي المغاربي الذي لم يعد يكتفي بالمتابعة الظرفية أو الصحفية، بل صار يعتمد على أدوات القراءة الجادة، ويهتم بتوثيق التجارب البصرية النسائية التي تشكل جزءاً جوهرياً من أسئلة السينما المعاصرة في المنطقة.
هذا الكتاب، إذن، لا يوثق فقط لأفلام ومخرجات، بل يرسم ملامح مرحلة كاملة تعيد تشكيل الوعي الجمالي، وترسخ لصوت نسائي مغاربي بدأ يأخذ مكانه الطبيعي في الساحة الدولية، بروح نقدية، وجرأة سردية، وتميز فني يستحق التتبع والقراءة.
سينفيليا