إن المهرجانات السينمائية بالمغرب الأن واحدة من أهم الأحداث نشاطا داخل صناعة السينما، و بالنسبة إلى العديد من المنتجين و المدراء و حتى الدارسين من نقاد و كتاب صحافيين، فإن وجود مهرجان في عصرنا يقوم بالدور القاعات السينمائية، إد يتعلق الأمر بمشاهدة احدث الأفلام، أو دورها في نشر الثقافة السينمائية على حد قول الأنصار المؤيدين، وهذا ما سنتساءل عنه :
ما معنى مهرجان السينما ؟ وما هو هدفه ؟ وإلى أي حد يمكن للمهرجان أن يلعب دور قاعة السينما ؟ وعن أي ثقافة سينمائية نتحدث ؟ هل ثقافة الكم ؟ أم ثقافة الكيف ؟
مهرجان السينما هو عبارة عن حدث منظم من طرف نادي أو جمعية أو مؤسسة معينة، يكون في فترة محددة من الزمن، ينظم مسابقات للأفلام القصيرة منها و الطويلة ويعمل المهرجان على تقديم جوائز تقديرية أو مالية للفيلم الفائز سواء على مستوى الاخراج أو السيناريو أو التمثيل أو المونتاج حسب هدف اللجنة المنظمة.
إن الهدف المنطقي لإقامة مهرجان ما هو إلا عرض أفلام جديدة، أولها من أجل المنافسة، و الثانية عرضها للجمهور الواسع، يقدم المهرجان فرصة للمخرجين سواء الحرفيين منهم أو المبتدئين أو المهنيين الهواة، من أجل اكتشاف أنفسهم و دواتهم من خلال جوهر المنافسة ثم من خلال ذوق الجمهور المختلف، هذا من جهة و قد يلعب المهرجان دورا هاما في نشر الثقافة المحلية بطعم عالمي وذلك عبر عرض أفلام عالمية مختلفة .
في دولة كالمغرب لم يعد المخرج يفكر في القاعة بنفس المنهج القديم، فمند اللحظة التي يبدأ فيها المخرج بصناعة فيلمه يفكر في المهرجان الذي يرحب به، فإن المنتجين و المخرجين يحملون هما في أدهانهم بالنسبة لأفلامهم عن طريق الصورة الاخيرة للنهاية السعيدة المرجوة، التي لم تعد تتعلق بشباك التذاكر في قاعة السينما ولكن أضحت تتعلق بالمهرجان الذي سيرحب بالفيلم، لأن إذ لم توافق لجنة تحكيم على اختيار أفلام المسابقة، فسيفقد الكثير من المتفرجين، وهذا ما جعل بعض المخرجين المنتجين يتملقون من أجل الحصول على إرضاء مدراء المهرجانات…
هناك عدد من المهرجانات تدير بنفسها هيئة خاصة من الرقابة على أفلامها و هم يمتثلون عن طواعية لأحكام ” باك صاحبي” و العلاقات و الاقرب فالأقرب تحت قانون ” فيدني ونفيذك ” حتى الندوات التي تقام داخل أنشطة المهرجان لها قواعد حول من يأتي للتقديم الانشطة و من سيديرها و من سيوقع كتابه و ما يباح و ما لا يباح ظهوره في الأفلام، و حتى الاشخاص المدعوين أيضا من ممثلين و مخرجيين و منتجين و تقنيين، و بالرغم من أن هذه القواعد ليست قانونية فليس هناك ما يضطر المنبوذين أو المستبعدين من مهني السينما الى الخضوع لهذه القواعد التي لن صارت مكشوفة على عروشها…
ينظم المغرب حوالي 84 مهرجان في السنة و ما يزيد ، وعلى الرغم من هذا الكم الهائل من المهرجانات المدعمة من طرف المركز السينمائي المغربي أو مجلس الجهة المكلف بالشؤون الثقافية و الفنية، تعاني أغلب هذه المهرجانات ضعفا في التسيير و التنظيم و التخطيط، ينعكس سلبا على استقطاب جمهور يواكب جل الانشطة، و حتى بروتوكول الحضور صار يقتصر على حفل الافتتاح و الاختتام من أجل التباهي بالصور والدعاية المجانية لمن يبحثون عن الشهرة…
وفيما يخص الجمهور فإن الثقافة السينمائية التي تملأ دعاية المهرجان على الارجح منكوبة ، كلما رأيتم انتشار الدعاية بشكل لافت أدركتم أن ثقافة المهرجان فارغة المضمون، أم الشكل فصور الملصقات في كل مكان، فالثقافة التي يتم نشرها في مثل هذا الحدث السنوي لم تعد لها علاقة بمشاهدة الأفلام و مناقشتها ، بل بعدد من حضر من المدعوين سواء الفنانين أو الحشد من الجماهير، أخد الصور و التباهي بها على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن ليس هذا هو المهم، فالمثير للاهتمام هو أن عدد المهرجانات السينمائية يفوق عدد الأفلام التي تنتج في السنة…
وحسب تصنيف عن أهم المهرجانات السينمائية في الولايات المتحدة الامريكية، لا يتعدى العشرة، أما عالميا فهناك سبع أهم مهرجانات سينمائية ك مهرجان البندقيّة السينمائي الدولي في إيطاليا، و مهرجان كان السينمائي الدولي في فرنسا، و مهرجان هونج كونج السينمائي الدولي في الصين، و مهرجان برلين السينمائي الدولي في ألمانيا، و مهرجان ملبورن السينمائي الدولي في أستراليا، و مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي في أمريكا، و مهرجان ريندانس السينمائي للأفلام في لندن…
ويبقى الإشكال بين الكم و الكيف محصورا بين عدد المهرجانات السينمائية، وعدد الأفلام المنتجة وعدد قاعات عرضه.
عبد الرحيم الشافعي
موقع جد مهم يغني الساحة الفنية