في أقل من ساعة وعشرين دقيقة، يأخذنا المخرج المغربي محسن بصري في رحلة على الطريق وعبر دهاليز ذاكرته، مستكشفا تلك اللحظة المصيرية التي اضطر فيها للانفصال عن أمه.
وفي فيلمه (لعزيزة)، الذي عرض يوم الجمعة ضمن قسم آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، يحكي بصري قصة رحلته مع والدته من قريته إلى العاصمة المغربية الرباط ليعيش مع والده الذي ترك الأم دون تفسير وهي حامل في شهرها السابع.
الفيلم ينتمي لأفلام رحلات الطريق لكنه على النقيض من أفلام كثيرة تنتمي لهذه النوعية، يخلو من الحبكة والصراع الخارجي باستثناء معاناة شخصية الأم، التي تجسدها الممثلة فاطمة الزهراء بن ناصر، الداخلية وصراعها بين حبها الشديد لابنها وتعلقها به وبين قرارها إرساله للأب كي يحصل على فرصة أفضل في التعليم الذي حرمت هي منه.
وبميزانية لا تتجاوز 250 ألف يورو يخصص بصري، الذي كتب الفيلم أيضا، القسم الأكبر منه لتوثيق رحلة الطفل إحسان مع أمه لعزيزة في حافلة متجهة للرباط. وبالتوازي مع تلك الرحلة يعرض لقطات (فلاش باك) تستعرض لمحات من حياة الأم في الطفولة ليخلق رابطاً قوياً بين الطفلة المستسلمة التي أخرجها أبواها من المدرسة وأجبراها على الجلوس في المنزل بانتظار زوج المستقبل، والأم العازمة على أن يحصل ابنها على مستقبل أفضل.
يغلب على الفيلم طابع وثائقي واضح وكأن المخرج، رغم حميمية التجربة وخصوصيتها، أراد أن ينتزع نفسه من ذكرياته الشخصية لينظر لها عن بعد. يختار لذلك بشكل واع ألا يتضمن شريط الصوت أي موسيقى تصويرية. يختار كذلك ألا يستغرق في تفاصيل عن أسباب انفصال الأب عن الأم ويفضل بدلا من ذلك أن يركز على الرحلة وتداعياتها المصيرية على الأم وابنها.
ورغم واقعيته لا يخلو الفيلم من لمسة خيال. فالطفلة لعزيزة تصاحب لعزيزة الأم طول الطريق لتذكرها بما تركته خلفها وتعينها على ما هي مقبلة عليه.
يشدد المخرج على أن بطء إيقاع فيلمه مقصود إذ يتذكر كيف بدت الرحلة التي استغرقت بضع ساعات، وكأنها استغرقت عاما من الوقت بل ويعكس ذلك من خلال ساعة الحافلة المتوقفة نتيجة عطل وكأن عقاربها، مثل الطفل، تأبى أن ينقضي الوقت وأن تصل الحافلة لوجهتها.
سينفيليا – رويترز