ها نحن نجدد الموعد مع السينفيليين المغاربة والعرب بإصدارنا للعدد الأول من مجلة “سينفيليا”، و ذلك بعد انقضاء أكثر من أربعة أشهر على انطلاق موقع “سينفيليا” الذي استطاع بشهادة السينفيليين المغاربة أن يجد له مكانة خلال هذه المدة القصيرة ضمن مكونات الإعلام المغربي المهتم بالصورة والسينما، والذي مازال ضعيفا ولا يواكب النقلة التي تعرفها السينما المغربية على الخصوص. وهذا ليس راجعا لنقص في الكفاءات الإعلامية والنقدية المغربية بقدر ما هو راجع لعدم اهتمام الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارتا الإتصال والثقافة به، بل محاولة تهميشه لكونه يخلق “مشاكل” لهذه الجهات هي في غنى عنها.
ومسايرة من مجلة “سينفيليا” لأهم التظاهرات والأحداث السينمائية المغربية، خصصنا في هذا العدد الأول ملفا شاملا، من إثنين وعشرين صفحة، للدورة الرابعة عشرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، التي تعتبر بدون منازع أهم حدث سينمائي مغربي خلال السنة، كونها عبارة عن تيرمومتر يمكن من خلاله قياس درجة جودة وتطور السينما المغربية كما وكيفا. وقد حاولنا بدورنا قدر المستطاع أن نجعل هذا الملف مقياسا يمكن من خلاله للقارئ المختص والعادي أن يأخذ نظرة بانورامية عن حالة السينما المغربية هنا والآن.
لكن لا يمكننا في هذا التقديم أن نمر مرور الكرام دون أن نشير إلى أمور مستجدة على الساحة السينمائية المغربية دون ذكرها، ومن بينها حدثان مهمان:
-الأول يكتسي طابعا إيجابيا وهو تجديد المكتب المسير للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بعد فترة من الركود شهدتها هذه الأخيرة، الأمر الذي قد يساهم في انطلاقة جديدة ل”جواسم” تمكنها من استعادة بعض من بريقها التليد، والذي شهدته خلال عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، حيث كانت عبارة عن مدرسة سينفيلية تَخَرجَ منها نقاد سينمائيون ومخرجون مازالوا يشتغلون ويغنون الساحة السينمائية إلى الآن.
-الحدث الثاني والذي كان من المفروض أن يكون إيجابيا بدوره، هو إحداث لجنة لدعم المهرجانات السينمائية. والتي يبدو من خلال نتائج دعمها الأولى أنها لم تراع المصداقية والشفافية المطلقة في شروط اشتغالها، إذ رغم أن بعضا من المهرجانات السينمائية ك “المهرجان الوطني للفيلم بطنجة” و”مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية” و”مهرجان مرتيل للسينما المغربية والإيبرو أمريكية” و”المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات”، نالت دعما تستحقه، إلا أن المتتبع سيلاحظ أن “مهرجانات” أخرى سقطت بالمظلات فقط لتنال نصيبها من “الكعكة”، ك “مهرجان الفيلم المغاربي القصير بوجدة” و”مهرجان” في طنجة، كان مجرد ملتقى لطلبة حزب العدالة التنمية ينظم خلال يومين من كل سنة منذ سنتين تقريبا، ونجد به فقرات متنوعة مختصة بتجويد القرآن والأناشيد الدينية، وقد يأتي عرض فيلم به كنشاط عشوائي لمجرد تكملة المشهد السوريالي الذي يَشي بذوق منظميه…مع العلم أن لجنة الدعم تناست أهمية مهرجانات سينمائية ك”مهرجان سيدي قاسم للسينما المغربية”، و”مهرجان سبو للفيلم للفيلم القصير” بالقنيطرة، اللذان ينظمهما ناديان سينمائيان عريقان شكلا منذ البداية أحد أسس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية، وذلك بتقليص الدعم المخصص لهما إلى أدنى مقياس بحيث لا يمكن لهما حسب دفتر تحملات دعم المهرجانات السينمائية، انطلاقا من تاريخ منح الدعم، أن يحملا إسم مهرجان ويدخلا ضمن التصنيف “ج”، بل يكتفيا بكونهما مجرد ملتقيين.
على العموم فالمشهد السينمائي المغربي يشهد منذ مدة طفرة نوعية وكمية إيجابية وجب علينا التنويه بها ومساندتها، مع وضع الأصبع على بعض الهفوات التي يمكن لها أن ترافق أي مشروع طموح مثل هذا المشروع السينمائي المغربي الذي بدأت بوادره تلوح في الأفق.