الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  حوارات    
بلعباس: أفلامنا تنتج «باش ما عطا الله»

  حكيم بلعباس   

يفتح المخرج حكيم بلعباس قلبه في هذا الحوار مع « اليوم24» ليتحدث عن مواضيع سينمائية عامة وخاصة، ناظمها الأساسي انشغاله الدائم بطرح السؤال أكثر من الإجابة، وبطريقة صناعة الفيلم أكثر من الفيلم في حد ذاته.
{‬ كيف ترى وجود صارم الفاسي الفهري على رأس إدارة المركز السينمائي المغربي؟
< ما أعرفه عن صارم الفهري هو أني حين فكرت في إنتاج أول أفلامي سنة 2002 «خيط الروح»، والتقيته بخصوص هذا قال لي «إنه لا يريد ذلك، ويفضل أن نبقى أصدقاء، لكن بالمقابل، سأقدم لك كل ما تحتاجه من معدات وآليات، ويمكنك أن تدفع مقابلها لي يوم تستطيع ذلك، وإن لم تستطع فنحن أصدقاء». كما تكررت مساعدته لي أثناء تصويري لفيلم «حرفة بوك حيت غلبوك»، حين احتجت لبعض المعدات المكلفة، واتصلت به وأرسلها إلي دون أن يأخذ عن ذلك أي مقابل. هذا عموما ما أعرفه عن صارم الفهري، وأرجو أن يستطيع تحمل المسؤولية التي أوكلت إليه اليوم.
{‬ برأيك، هل يكفي أن نغير من على رأس المركز السينمائي؟ ألا يتطلب الأمر باعتقادك إعادة هيكلة المؤسسة ككل؟
< المهم بالنسبة إلي، كما أسلفت، أن السينما تربية، وأتساءل: أيمكن أن تكون هذه التربية من بين اختصاصات المركز السينمائي؟ ولا أتحدث هنا عن التكوين، في إطار انخراط عام بين المؤسسات المشرفة على ذلك، وبينها وزارة التعليم والتربية الوطنية، ووزارة التعليم العالي.
وأقول هذا تبعا للدور الكبير والخطير الذي صارت تشكله الصورة في تكوين الفرد، في ظل غياب معرفة لدى الناس بطبيعة الصور التي يتلقونها ويبعثون بها. لذلك، نجد ما يمكن أن نصطلح عليه بـ«كور واعط للعور».
وارتباطا بما سبق، أعتقد أن ما تعانيه الشعوب العربية كافة اليوم له علاقة بما يحدث الآن على الشبكة العنكبوتية، من صور وأصوات تتداول ولا يعاد فيها النظر، ولا يتساءل الناس عن «من يريني؟ وماذا وكيف؟»، وهنا يمكن أن يأتي دور السينما في التوضيح والتوعية، خصوصا إذا تناولناها في معناها النبيل.


شاع قبل إعلان رئيس المركز السينمائي الجديد أن المقاييس التي وضعتها وزارة الاتصال فصلت على مقاس حكيم بلعباس، لكنك رفضت هذه المسؤولية. هل هذا صحيح؟
كي نتحدث عن قبول أو رفض، يجب أن نتحدث عن ترشيح أولا، فأنا لم أترشح لهذا المنصب، وتلك مجرد إشاعات روجت في ظل غيابي عن المغرب.
{‬ وفي أي سياق اشتغلت سابقا مع وزارة الاتصال؟
< كل ما هناك أني كنت، في السنة الماضية، عضوا ضمن اللجنة التي أوكلت إليها مهمة الاشتغال على الكتاب الأبيض، ومددت من جانب آخر يد المساعدة لما كان يُنوى الاشتغال عليه في المعهد العالي للسمعي البصري، بتقديم مجموعة من الآراء، دون أن يعني ذلك أنه كان بيدي القرار بأي شكل من الأشكال.
وغير هذا، الذي يعرف عني أني رجل مسكون بهَم التربية على الصورة في بلدي المغرب (وهذا الهم معضلة بالنسبة إلي)، يدرك أنه يعزّ علي رؤية المستوى المتدهور والحالة التراجيدية لواقع التربية والتعليم بالمغرب.
{‬ هل حديثك عن التعليم والتربية بشكل عام، أم التربية على الصورة السينمائية؟
< قد يعتقد الناس أننا حين نتحدث عن التعليم في السينما أو التربية على الصورة، فالأمر لا يتعلق بغير التكوين، في حين أن الموضوع برأيي أكبر من ذلك، إذ يخص القيم الكبرى التي نقدمها عبر هذا التعليم، وطبيعة المعرفة، ومدى إتاحتها الفرصة للتساؤل وإعادة النظر في الأشياء والقدرة على قول كلمة «لا».
فدراسة السينما، برأيي، لا تعني تعلم تقنيات الاشتغال عليها أو ما شابه، لأن هذه الأخيرة حرفة يمكن أن تتعلم عبر الأنترنت.. ما أتحدث عنه هو ترسيخ قيم نبيلة وأساليب تفكير مختلفة، وهذا هو معنى ممارسة السينما بالنسبة إلي. هذه السينما تساعدنا على الرقي لرؤية بصيص أمل متبق وسط هذا العالم الذي صار خرابا، بعدما صارت معالم الإنسانية تتجه نحو الاندثار.
{‬ ما دمت مسكونا بهَم تغيير المجتمع المغربي والتربية على الصورة السينمائية على نحو يرتقي بقيمه، لماذا اخترت الاشتغال مع مؤسسة أخرى بدل أن تقدم خدماتك داخل بلدك المغرب، بالاشتغال مثلا من داخل المركز السينمائي؟
< أولا، المعلومة غير صحيحة، اشتغالي بقطر هو مشروع كان محددا في فترة معينة، ما بين أربعة وخمسة أشهر، ويتعلق الأمر بإعادة هيكلة القطاع السينمائي بقطر.
اشتغلت فيه على إعادة هيكلة نظم التربية على الصورة، وعلى مشروع تقديم المنح، ومعهما مشروع مهرجان الدوحة. والمهم في الأمر بالنسبة إلي أن نموذج هذا المشروع يمكن الاشتغال عليه في أي مكان كمؤسسة مستقلة.
‭{‬ ما هي الملامح العامة لهذا المشروع؟
< كان من أهمها إعادة النظر في تعريف مفهوم السينما، انطلاقا من كون هذه الأخيرة لا يمكن أن تدرس إلا من الدواخل، ولا يمكن أن تلقن وتعلم ويعبر فيها الإنسان عن نفسه إلا من خلال معرفة الإنسان بمحيطه. هذا المفهوم أو التحديد هو ما انبنى عليه مشروع الدوحة السينمائي، وانخرط فيه طلبة من منطقة الخليج والدول العربية، لأنه تضمن شِقين (شق التربية على الصورة وشق المنح)، والشق الأخير كان في إطار بحث عن عمليات بديلة تسهل المأمورية على المخرجين والمخرجات الشباب بمساعدتهم على إنتاج أشياء، وأعمال من شأنها أن تدفع بالتعبير السينمائي في الوطن العربي.
{‬ هذا يعني أنك نظَّرت لهذا المشروع؟
< حضرت المشروع في مدة معينة، ووضعته لدى المعنيين به. لكن مع ذلك، يرافقني سؤال أطرحه على نفسي باستمرار، وهو: إلى أي حد يمكنني الاشتغال كمنظر وإداري، وأنا أحمل الهَم الإبداعي؟
{‬ لكن تساؤلك هذا يأتي بعد انخراطك في هذا العمل؟
< أعيش حالة تساؤل مستمرة رغم هذا الانخراط، وأفكر دائما بأن الأصل لدي هو الإبداع الإنساني. وبمعنى آخر، لا يمكنني أن أكون موظفا، لأني طيلة حياتي لم أشتغل داخل مكتب، وأكره ذلك.
‭{‬ هل يعني هذا أننا لا يمكن أن ننتظر أن يتقدم حكيم بلعباس بالترشح لمدير المركز السينمائي يوما؟
< إذا كانت الإدارة بمعناها البيروقراطي، وبملامحها الجافة التي أكرهها، فأبدا لا يمكنني الاشتغال في إطارها.
{‬ هل هناك مجال لاشتغالك على النحو الذي تريد لتسهم في تغيير النظم العامة التي تدبر بها واحدة من كبريات المؤسسات العمومية؟
< هذا هو السؤال الذي يجب أن يُطرح، لأني في اشتغالي، عامة، أرفض الخضوع لقواعد مقننة، وخاصة إن تعلق الأمر بضوابط لا تتوافق ورؤيتي العامة، لإيماني بأن الإنسان لابد أن يكتشف طرقا أخرى للتعبير، وبأنه إن أردت الاشتغال في سياق عام معين، يجب أن يكون لعملي الذي أقدمه قيمته الخاصة والمضافة، وألاّ أكون منصاعا في واد بمجرى محدد سلفا من أعلى.
{‬ وكيف تمارس هذا ضمن عملك الحالي كأستاذ للسينما؟
< في تدريسي للسينما، سواء بجامعات الولايات المتحدة الأمريكية أم بالمغرب في بعض الأحيان، لا أرضخ لاستعمالات الزمن للجامعات، وفق قرارات سابقة، وإنما أقدم دروسي بشكل يتلاءم ورؤاي، في إطار «des smainaires»، بمعنى أني أشتغل من الداخل، انطلاقا من ذاتي على الخارج، وأطلب من طلبتي أن يشتغلوا من الداخل أيضا، وأخرج من نسق أن الأستاذ هو من يمتلك المعرفة دائما، ويتواصل من أعلى، وبالتالي تصير عملية التدريس عملية تقاسم واشتراك مبنية على التساوي بتبادل التجربة. وهذه هي الرؤية التي أراها مناسبة للاشتغال أيضا داخل الإدارات.
{‬ بخصوص أفلامك السينمائية، حسب قراءات النقاد، ثمة تداخل ما بين الروائي والوثائقي، هل يتعلق الأمر باختيار؟ وإن كان كذلك لماذا؟
< لم يكن يوما هذا الأمر اختيارا، وإنما جاء على نحو عادي وبسيط.. وفي أول تجاربي «خيط الروح» اصطدمت بالسؤال الذي طرحت.
{‬ السؤال/الملاحظة لا تخص فقط فيلمك الأول، وإنما مجموع أعمالك؟
< لكن مجموع أفلامي هي في أساسها فيلم واحد، ولا يعني ذلك أنها حكاية واحدة تتكرر.
{‬ ماذا تقصد بأن مجموع أفلامك فيلم واحد؟
< القصد من ذلك أن الأهم والأساس في اشتغالي السينمائي ليس ما هي الأفلام التي سأقدم، وإنما لماذا أقدم هذه الأفلام.
{‬ طيب، ولماذا تقدم هذه الأفلام؟
< هي الرغبة والبحث عن اللذة في تقاسم لحظات إنسانية مع الآخر. هو الخوف من الموت الذي يدفعنا لنحكي أنفسنا، ونبحث عن طريقة لترك بصمتنا، هو بطريقة أخرى لمحاولة القبض على الزمن. بالنسبة إلي مثلا، فيلمي «أشلاء» خلد معي صورة والدي، إذ أشعر وكأنه لا يزال يعيش معي حتى بعد رحيله، كما هو الشأن بالنسبة إلى ابنتي الصغرى مايا، التي جعلها هذا الفيلم تعتقد دائما أن جدها لا يزال يعيش في «أبي الجعد».
من هنا أريد القول إن السينما تنقش الزمن وتمدد أهم لحظاته، ونأخذ السينما معبرا لنسجل ونحتفظ بأجزاء من هذا الزمن، ونقول إنه كان لنا.
{‬ حديثك هذا عن السينما من منظور ينتصر للإبداع السينمائي في جانب قيم نبيلة صرفة، لكن ماذا لو تحدثنا عن السينما كصناعة؟
< في بلد كالمغرب لا يمكننا أن نتحدث عن صناعة سينمائية، ونحن لا نملك سينما وطنية أولا. فخلق صناعة سينمائية لا يمكن أن يتأتى إلا بخلق سينما وطنية، سينما تعكس حقائق وأوجه المغرب، وعبرها ينجذب الجمهور المغربي إلى سينماه، ويحتاج إلى كم إنتاجي أكبر، ومن تم نصير بحاجة إلى إيجاد يد عاملة لذلك، وبعدها فقط، يمكننا أن نهيئ لتكون لدينا صناعة.
{‬ لكن هل لدينا سينما وطنية بالمقاييس التي وصفت؟
< لدينا نماذج قليلة، وأعتقد أنه في المغرب يتم إنتاج أفلام «باش ما عطا الله»، لدينا سينما كما لدينا أعمال تندرج في خانة «اللا سينما».
{‬ كيف ترى هذا الإنتاج في عمومه؟
< يمكننا أن نقول إنه من الجيد أن يكون لدينا الكم الحالي من الإنتاج السينمائي، الذي ينفض الغبار عن أعمال تطفو وتبدو جيدة، لكن من الجيد أكثر أن نرغم أنفسنا على الاجتهاد أكثر، ونكون أفضل ونبحث عن حكايات تعكس صورتنا كمغاربة.
السينما يمكنها أن تبني مجتمعا بقيم إنسانية عالية، من شأنها مسح الحدود الجغرافية بتقاسم ما هو إنساني، وذلك ما تقدمه سينما بلدان مختلفة برعت في ذلك.
{‬ استعنت في كل أفلامك بشخصيات حقيقية إلى جانب الممثلين، لماذا هذا التوجه؟
< لا أومن بوجود قواعد للسينما، كل واحد منا يمكنه أن يشتغل في السينما، يكفيه أن ينصت إلى ذاته، والبحث في دواخله حتى يقدم لنا سينما حقيقية. لأن مفردات ومفاهيم السينما وآلياتها لم تخلق من عدم، هي موجودة لدينا جميعا.
{‬ لكن لن نتحدث هنا عن سينما حقيقية؟
< بلى، هي سينما حقيقية محترفة، يكفي أن ينصت الواحد منا إلى صدى الإنسان فيه ليجدها وينتجها.
 ‭{‬ ما أكثر ما يعنيك وأنت تشتغل على السينما عموما؟
< ما يهمني هو في ذلك أني إنسان يعيد النظر ويتساءل عن ماهيته وعن وجوده ومكانته بين باقي إخوته من البشر، ويهمني الطريق إلى الوصول إلى الفيلم أكثر من الفيلم نفسه.
‭{‬ أنت مهووس بتوثيق الذاكرة المغربية، سواء الذاتية أم العامة.
< يأتي هذا من باب التحسر على طاقات ومسارات تمضي في اتجاه تفجير أشياء مدمرة بدل تفجير إبداعات من شأنها أن توثق. نحن أمة لا توثق، نحن شعب لا يقرأ، وأقول هذا ليس من باب احتقار الأصل أو الهوية، وإنما أقولها من باب التحسر على فرص ضائعة، ومستقبل لا يهتم له ولطاقات تهمش.
{‬ ما أكثر ما يعنيك وأنت تشتغل على السينما؟
< ما يهمني هو أني إنسان يعيد النظر، ويتساءل عن ماهيته وعن وجوده ومكانته بين باقي إخوته من البشر، ويهمني طريق الوصول إلى الفيلم أكثر من الفيلم نفسه.
‭{‬ كيف ترى دعم مؤسسة الدوحة للأفلام العربية؟
< تبعا لما اشتغلت عليه ولرؤيتي الخاصة لهذا الدعم، أراه دعما لأصوات جريئة وجديدة تدفع بسينما العالم العربي إلى مرحلة إبداع أكبر.
{‬ ماذا تعني بكلمة الجرأة هنا؟
< أقصد من قولي أصوات جريئة أنها مجددة، وتنحو نحو المغامرة.
{‬ لكن، هل يمكن أن نتحدث عن إبداع حر وجريء مدعوم من صندوق الدوحة؟
< السؤال يجب أن يوجه للمشرفين على مؤسسة الدوحة لدعم الأفلام.. لكن أعتقد أن هناك أفلاما كثيرة تم دعمها، تميزت بهذه الحرية والجرأة في الطرح، ومنها فيلم «تمبكتو» لعبد الرحمان سيساكو. ودعم كثير من السينمائيين قد يدخل ضمن استثمار دبلوماسي، ولا إشكال بالنسبة إلي، لأن ما يهمني هو أن يحصل سينمائيون شباب جدد على هذا الدعم بأبسط الطرق.
‭{‬ ألا يمكن أن تتدخل هذه المنح في توجيه هذا الإبداع السينمائي الذي تدعمه نحو مسار معين؟
< لا أعتقد، لأن لا أحد يتدخل في تغيير عناصر العمل، الذي يمر قبل قبوله عبر لجان قراءة تضم عناصر من دول مختلفة عبر العالم، ولا مجال فيها للمقايضة أو المجاملة.
{‬ وماذا تقول عن الدعم السينمائي المغربي؟
< لا أعرف عنه شيئا، وإن كنت حصلت على دعم ما بعد الإنتاج مرتين. وأرى أنه يجب إعادة النظر في التسبيقات على الدعم ككل، وأحبذ لو أن يتضمن الدعم السينمائي المغربي شقين: دعم للمخرجين الذين أخذوا طريقهم في الاشتغال السينمائي، وشق ثان يشمل دعما أكبر لعناصر شابة جديدة برؤية جديدة إلى جانب مرافَقة، تقيم الموضوع، وتتبع خطواته، وتحضنه خطوة خطوة إلى غاية إنهاء مشروعه، بمعنى أن نشتغل على هذا الشق كما لو أننا نشتغل داخل ورشات بحس تربوي لن أنحاز عنه في جميع المجالات.
نحن بحاجة إلى إعادة الهيكلة في هذا المجال، كما حاجتنا إلى إعادة هيكلة مجالات حيوية أخرى في المغرب.
{‬ كيف ترى وجود صارم الفاسي الفهري على رأس إدارة المركز السينمائي المغربي؟
< ما أعرفه عن صارم الفهري هو أني حين فكرت في إنتاج أول أفلامي سنة 2002 «خيط الروح»، والتقيته بخصوص هذا قال لي «إنه لا يريد ذلك، ويفضل أن نبقى أصدقاء، لكن بالمقابل، سأقدم لك كل ما تحتاجه من معدات وآليات، ويمكنك أن تدفع مقابلها لي يوم تستطيع ذلك، وإن لم تستطع فنحن أصدقاء». كما تكررت مساعدته لي أثناء تصويري لفيلم «حرفة بوك حيت غلبوك»، حين احتجت لبعض المعدات المكلفة، واتصلت به وأرسلها إلي دون أن يأخذ عن ذلك أي مقابل. هذا عموما ما أعرفه عن صارم الفهري، وأرجو أن يستطيع تحمل المسؤولية التي أوكلت إليه اليوم.
{‬ برأيك، هل يكفي أن نغير من على رأس المركز السينمائي؟ ألا يتطلب الأمر باعتقادك إعادة هيكلة المؤسسة ككل؟
< المهم بالنسبة إلي، كما أسلفت، أن السينما تربية، وأتساءل: أيمكن أن تكون هذه التربية من بين اختصاصات المركز السينمائي؟ ولا أتحدث هنا عن التكوين، في إطار انخراط عام بين المؤسسات المشرفة على ذلك، وبينها وزارة التعليم والتربية الوطنية، ووزارة التعليم العالي.
وأقول هذا تبعا للدور الكبير والخطير الذي صارت تشكله الصورة في تكوين الفرد، في ظل غياب معرفة لدى الناس بطبيعة الصور التي يتلقونها ويبعثون بها. لذلك، نجد ما يمكن أن نصطلح عليه بـ»كور واعط للعور».
وارتباطا بما سبق، أعتقد أن ما تعانيه الشعوب العربية كافة اليوم له علاقة بما يحدث الآن على الشبكة العنكبوتية، من صور وأصوات تتداول ولا يعاد فيها النظر، ولا يتساءل الناس عن «من يريني؟ وماذا وكيف؟»، وهنا يمكن أن يأتي دور السينما في التوضيح والتوعية، خصوصا إذا تناولناها في معناها النبيل.

حاورته فاطمة أبو ناجي