الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
داوود أولاد السيد في مهرجان سلا: المونتاج هو السينما والممثل الحقيقي يأتي من المسرح

ضمن أنشطة الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بمدينة سلا من 22 حتى 27 شتنبر 2014، قدم المخرج المغربي داوود أولاد السيد ماستر كلاس عن مساره السينمائي. وبعد نهاية المناقشة سألته إن كان هذا أول ماستر كلاس يقدمه. قال لا. قلت له هل كتب شيء عن ماستر كلاس سابق؟
قال لا.
يبدو أن تحدّث في مهرجان لم يُدع إليه كتاب.
للإشارة، فحين يحضر داوود مهرجانا سينمائيا فأنت تجده في القاعة يشاهد كل الأفلام تقريبا.
في حديثه عن مساره السينمائي روى داوود أنه كان مصورا مع مجلة كريمة وأصدر كتاب فيه صور بعنوان "مغاربة" سنة 1989 وقد وضع عبد الكبير الخطيبي مقدمة الكتاب. بعدها أصدر "بجّعد فضاءات وذاكرة" 1996. ثم أصدر كتاب "فضاءات اللحظة" وهو عبارة عن مزيج من  صور وشعر احمد البوعناني. وقد كان التصوير بلمسة سينمائية مدخل داوود أولاد السيد إلى عالم السينما.
ففي 1986 حضر تكوينا في السيناريو، وكان هناك كل من عبد القادر لقطع وعبد الكريم الدرقاوي... تكوين أشرف عليه مدير المعهد العالي للسينما (IDHEC) وهو المعهد الذي صار اسمه (FEMIS)، وهو معهد مهم عالميا في التكوين السينمائي. بعدها اقترح عليه مدير لفيميس الانتقال للسينما. قدم له منحة شاملة في باريس لمدة شهرين لحضور تكوين: كيف تصنع فيلما من الفكرة حتى النهاية؟
ذهب إلى باريس. فماذا وجد؟
وجد أن المدرسين كانوا يعشقون السينما لم يكونوا مجرد موظفين. لم يكن هناك أساتذة دائمون بل ممارسون يدرّسون موسميا في الفيميس. وهم يعرفون كيف يوصّلون خبرتهم. في ذلك المعهد يأتون بمخرجين وكتاب لإدارة ورشات. هنا استفاد من خبرة جون كلود كاريير  Carrière الذي عمل مع لويس بونويل وميلوس فورمان (حصل على أوسكار الشرف في 2014). دروس التصوير قدمها هنري ألكان ALEKIN Henri هو الذي صور "الحياة لنا" لجون رينوار و"الجميلة والوحش" لجان كوكتو. وصور "اجنحة المتعة" لويم واندرس Wenders وقد أنجز أولاد السيد فيلمين قصيرين هما "كاريكاتور" و"أوتو بورتريه". ومن أفلامه "باي باي السويرتي، "طرفاية باب البحر"، "في انتظار بازوليني" و"الجامع" في 2010.
حكى داوود عن لقائه بأحمد البوعناني وفجأة غلبته الدموع. صمت لحظة وأضاف "البوعناني مثقف حقيقي ومخرج حقيقي وسينمائي حقيقي  قام بمونتاج الفيلم الأول الذي أخرجته. كان البوعناني يدخن ويعمل ولا يتكلم بينما انا مراكشي أتحدث كثيرا". وأضاف: المونتاج هو السينما المونتاج ليس حاسوب. المونتاج هو اللغة السينمائية. ومن يمارسه يجب أن يعرف إيزنشتاين... 
تحدث داوود عن دور الحظ في مساره. اضاف محمد عبد الرحمان التازي أن منح الكلمة للمخرج في هذا للقاء بسلا هو حظ أيضا.
كان ذلك في الدورة الثامنة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة بمدينة سلا من 22 حتى 27 شتنبر 2014. أحضر المهرجان للمرة الثانية بعد دورة 2011. تغير الكثير حول وفوق نهر أبي رقراق. بنيت جسور ورصفت طرق وبنيت مارينا ومرفئ يخوت... لكن اللاعدالة واضحة بين الضفة الشمالية والضفة الجنوبية للنهر. فالضفة الجنوبية فيها صومعة حسان والأوداية وشالة... الضفة الجنوبية للنهر، فيها باب المرسية ومقبرة كبيرة. يجب تنقيل المقبرة لأن الشعب البري الذي هرب من الشواطئ وسكن الداخل يتغير. الآن يصير المغاربة شعبا بحريا ويجب أن تكون الأسبقية للأحياء.

قال داوود إنه قضى ثلاثين سنة وهو يصور، وهاجسه في التصوير هو أن يوثق. يقول "أصور كل يوم. حتى حين لا استخرج الكاميرا أفكر. أصور بعيني. عشقت الصورة. للصورة قيمة كبيرة. من يأكل الحمام ولا يعشقه لن يصوره".
وقد عرّف السينما بأنها الكتابة وحكي بالصورة والصوت. كل مخرج يحكي. لكن المخرج هو الذي يملك رؤيا – رؤية (بالألف وبالتاء). يوضح "إما لدينا وجهة نظر أو لا نملكها. لا يوجد حل وسط" وقد ميز بين الرؤية السينمائية والرؤية التلفزيونية. السينما رؤية. كيف أرى السينما؟
أكد أن ما يهمه ليس الموضوع بل المقاربة، الإحساس. فالسينما ليست مهنة، السينما عشق. لذا دائما يزعجه هذا السؤال: لماذا أريد إنجاز هذا الفيلم؟ 
الفيلم السينمائي هو السيناريو وإدارة الممثل والإضاءة والمونتاج ووجهة النظر... الفيلم هو تركيب من كل هذا. إذا أخطأت في الكاستينغ دمرت كل ما سبق. 
السيناريست ليس تقنيا بل يجب أن يكون له خيال كبير. السيناريست بالنسبة للمخرج هو شخص يتكامل معه على مستوى الخيال. لا يمكن التعامل مع سيناريست لا تتقاسم معه نفس الهموم... وقد تحدث داوود بإسهاب عن يوسف فاضل الروائي، "فاضل يكتب بطريقة رائعة. في الحوار أميز بين اللغة والكلام. أريد أن يكون في الحوار في السيناريو لغة لا مجرد كلام". وعن تعامله مع نفس السيناريست ومدير التصوير قال داوود "العمل مع نفس الأشخاص لا يضعفك. الوفاء للفريق يساعد". 
في المناقشة التي أدارها الممثل محمد الشوبي تحدث داوود عن لقطة الجنازة في فيلم "في انتظار بازوليني" وأكد أنها لم تكتب في سيناريو. بل كان الممثلون يستريحون ثم مرت جنازة حقيقية. فتم صنع جنازة وصار فيها الكومبارس المغاربة بملابس الرومان لتقديم العزاء. طبعا الرومان لا يقولون الله أكبر. هذه السخرية هي مزيج مواقف. علق داوود إنه يحب السخرية لكنه اعترف أنها صعبة. من أين جاءت هذه السخرية؟
أجاب:
من مصدرين حسب داوود:
أولا القصة، فحين تكون قوية فهي تتوالد أثناء التصوير. أكد أن القصة أولا ثم السيناريو واشهد بقول جون رينوار: إن السيناريو نسلمه للتقنيين في الاستوديو.
ثانيا: ممثلون كبار: محمد البسطاوي ومصطفى تاه تاه ومحمد مجد. وأكد أن الممثل هو الذي يأتي من المسرح. وأضاف "يجب على المخرج السينمائي أن يذهب إلى المسرح ليكتشف الممثل الحقيقي".    
سأله طالب في السينما الجنوب وعن فيلم المستقبل فأجابه: "إعمل والوقت هو الذي سيحسم. تبحث. لا تملك الوصفة جاهزة. لكن حاول باستمرار".
أما عن تكرار حضور الجنوب في أفلامه قال داوود أن خياله تشكل في الجنوب. حتى فيلمه القادم سيكون في الجنوب. يعجبه الفضاء أكثر من البشر... يحتفظ الجنوب بلمسة في روحه وأفلامه. وختم "لتكون عالميا يجب أن تكون محليا. يجب أن تحمل بصمة المغرب".

محمد بنعزيز