الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  نقد    
قراءة في فيلم على الحافة

  ملصق فيلم   

"على الحافة" شريط سينمائي لليلى الكيلاني. فيلم يتكلم عن الحاجة و الفقر التي تدفع بالفتاة إلى الارتماء بين أحضان الفساد وارتكاب الجريمة من أجل العيش ولو على الهامش. فيلم يعرض لنا الحق في العيش و بأي وسيلة. في البداية، نرى فتاة، في العشرينات من عمرها، اسمها بديعة، قاسية الملامح والسلوك. تعمل بطنجة بإحدى معامل السمك. تبحث عن حياة أفضل. تكتري غرفة في منزل متهالك. يحتوي على مرحاض واحد و مشترك مع السكان الآخرين. تعمل بالنهار في المصنع وبالليل تعيش حياة أخرى، تمارس الدعارة. تختار زبائنها وتستولي على بعض أغراضهم. و إلى جانبها صديقتها إيمان.التي لم يظهر السيناريو أهميتها في الحكي. كأنها أتت لتجعلنا نفهم أكثر من هي بديعة. كان دورها باهتا. حياة مليئة بالمخاطر. تحرك سريع للكاميرا مع أحداث الفيلم. فبطلة الفيلم، تتحرك بسرعة، تتكلم بسرعة وأحيانا بكلام غير مفهوم. كأنه بحث مستمر عن الحياة الأفضل في أقل وقت ممكن. و قد نجحت المخرجة في تبيانه بالصورة. رغم وجود لقطات لاتحتاج إلى حوار. تخرج الفتاتان إلى الشارع بالليل وتركبان سيارة بها رجلين. تقضيان الليل معهما وفي الصباح الباكر و قبل استيقاظ الرجلين، تسرقان ما يمكن سرقته وتهربان فرحتان بالانتصار. و هكذا تمضي حياتهما بين صعوبة العمل بالمعمل و ليل طنجة . يمضي السرد بشكل خطي. في البداية، نلاحظ وصف بصري لفتاة تعاند الزمن من أجل العيش. فتاة هجرت عالم الأنوثة واستوطنت ملامحها برودة و جفاء لا مثيل لهما. و تعتمد على فصاحة لسانها الذي لا يخطئ الهدف و جرأتها للمشي قدما. لا تخاف و تعمل ما تريده. كأننا أمام الفتاة الخارقة لكن بشكل واقعي. طرح غير مقنع على مستوى الكتابة الدرامية. يأخذنا الحكي إلى صدفة لقاء غير مقنعة، التقت بديعة و إيمان مع شابتين في أحد المنازل لزبون من الزبائن. لقاء مفتعل لا تشعر بانسجامه مع باقي الأحداث. والملاحظ، أن الشابتين تعملان أيضا بأحد المعامل بوحدة صناعية. لماذا التركيز على هذه الفئة بالذات؟ لقاء يحدث فيه انسجام غير منطقي بشكل سريع. كان أدائهما غير مقنع. تقنع بديعة وبسرعة مذهلة الجميع بضرورة سرقة صاحب البيت. فتسرق سلسلة ذهب وتتفق مع الأخريات على بيعها و توزيع المبلغ بينهن. يحدث انسجام و من الوهلة الأولى على السرقة؟
تتوطد العلاقة بينهن و تعمل دائما بديعة على فرض صوتها و شخصيتها بالقوة. تستمر اللقاءات والسهرات بينهن . أحيانا كانت هذه السهرات بدون فائدة و لا تخدم الحبكة الدرامية للشريط. خصوصا عندما تركز الكاميرا على رقص إحداهن. هناك حشو وإقحام يخلخل البناء الحكائي للفيلم. مع مرور الأحداث، نرى بين الفينة والأخرى، أن هناك علاقة قوية بين بديعة و الماء. إذ تتكرر عملية الغسل أو الاستحمام بشكل قوي. و هي رغبة دفينة للفتاة تمرر عبر الصورة للتخلص أولا من آثار تلك العلاقات الجنسية وثانيا من رائحة سمك المعمل أي من رائحة عمل تكرهه. كما تقول خلال الشريط بين الفينة والأخرى"ريحة تمشي مع العظام". لقطة الماء المتكررة مهمة جدا و لا تحتاج إلى حوار.  بالشريط بعض الهفوات جعلته يبدو غير مقنع، مثل قرار بديعة الذهاب لزيارة الشابتين بالمنطقة الصناعية، و قد عرفنا من خلال الحوار أن تلك المنطقة محروسة بشكل جيد. كما قالت إحدى الشخصيات في الشريط "حتى الوزير ما يقد يدوز .."  استطاعت بديعة التي لا يصعب عليها شيء، أن تمر بكل سهولة رغم توقيفها من طرف سائق الأتوبيس وسؤالها. و لم يكن للحوار الذي دار بينهما تتمة. حتى هذه اللحظات من الشريط، ما زال يغيب عنصر التشويق. ننتظر الحدث الذي سيغير مجرى الأحداث. ويأتي الحدث، اقترح على بديعة بما أنها الفتاة الخارقة، على سرقة مجموعة من الهواتف النقالة آخر موديل وذات السعر العالي. أول مرة، نراها تخاف و تتردد. حاولن إقناعها. لأنها نقلة نوعية ستغير حياتهن. فكرت بديعة فيما بعد لوحدها ثم أخبرت صديقتها إيمان، بأنها ستقوم بالعملية لوحدها. لكنها لم تستطع بيع ما سرقته. افتضح أمرها بسرعة وأرغمتها الشابتان على إعطائهما نصيبهما. فعادت من جديد إلى مكان السرقة، بالفيلا ، حضرت معها صديقتها لمساعدتها وبقيت زميلتيهما بالخارج للحراسة. و هنا، ستكون تلك النهاية الغير المنسجمة مع البناء ككل. النهاية التي افتتح بها الشريط. قبل أن تخرجا من الفيلا، قامت صديقتها بصب البنزين داخل الفيلا حتى لا يبقى أثر للسرقة. و في هذه الأثناء،. ذهبت بديعة إلى فوق لتغتسل من مادة البنزين التي أصابت ثيابها. و تتحول بنا الكاميرا اتجاه صديقتها إيمان التي أشعلت النار.و أسرعت إلى فوق لإخبارها بما فعلت. تتوقف الكاميرا على وجه إيمان، بلقطة كبيرة، نقرأ من ملامحها أنها ستتخلى عنها مضطرة. خارج الإطار، صوت سيارة الشرطة.  إيمان الخارقة سقطت في فخ سلوكها. لم ينفعها سلوكها الخارق في الإفلات من العدالة. كيف يمكن لإيمان أن تغدر بها؟ لم يبين لنا الفيلم خلال سرده للأحداث، رغبتها في التخلص من بديعة؟ التدقيق في التفاصيل هو الذي يبني العمل ككل و يجعل منه وحدة متكاملة. و يبقى الشريط رغم ما عليه، عملا سينمائيا يطرح مشكل الفقر عند المرأة بلغة سينمائية و بعيون نسائية. لأن النسبة الكبيرة من الفقر تصيب النساء. ويعطينا  صورة من الصور على كيفية التخلص منه؟ هل هي طرق مشروعة؟ أم المجتمع هو المسئول عن تلك الأخطاء؟ استعملت المخرجة لغة سينمائية لقراءة الأحداث التي كانت تتوالى بسرعة مذهلة. رغم كثرة الحوار الذي كان يمكن الاستغناء عنه في بعض اللقطات. اختيار بطلة الفيلم كان موفقا إلى حد كبير. لعبت الدور بشكل جيد و متقن. و كانت تلقائية وغير متكلفة. كأننا أمام حالة واقعية. هنيئا لبطلة الفيلم الذي يعتبر أول عمل سينمائي لها و بفضل أدائها استطاع الشريط أن يكون له حضور على الساحة الوطنية و حتى الدولية.

أمينة شرادي