الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
هم الكلاب وشتائم أخرى..

  ملصق فيلم "هم الكلاب"   

أسئلة أخرى مهمة في هذا النقاش المحتدم حول نتائج المهرجان الوطني للفيلم بطنجة ، وهي هل من حق الذي يصنف نفسه في دائرة النقاد أن يُخرج فيلما ؟ طبعا من حقه ذلك.. هل من حقه أن يشارك في المهرجان الوطني للفيلم ؟ طبعا..من قال خلاف ذلك ! ؟ هل من حقه إذا ما رُفض فيلمه من طرف لجنة الانتقاء و مُنع من المشاركة في المهرجان ، هل من من حقه أن يستاء ؟ طبعا من حقه.. ، إذا استاء و غضب هل من حقه أن يعود ناقدا من جديد ؟ طبعا يفعل.. فالتحوّل في زماننا هذا أصبح موضة ، هل من حقه أن يُعمل أقلامه سكاكينه النقدية بعد ذلك قذفا وتجريحا في الأفلام المشاركة ؟ هل من حقه أن يترك النقد الهادئ الرصين التفصيلي الموضوعي العلمي و يستبدله بمفردات من أمثال ( فيلم عيان خايب مدعوم من جهات عليا.. لجنة تحكيم متواطئة ، موجهَة متآمرة...) ؟ هل من حق المنافس لك في مسابقة ما أن ينتقد أداءك ؟ هل من حق المخرج الذي لم يفز بجائزة مثلا أن يظن أن هناك مؤامرة كونية لتدميره و الحد من إبداعاته و إسهاماته السينمائية المدهشة.. ؟ طبعا من حقه ذلك ، فكل مبدع يظن أنه عبقري زمانه .. لكن هل من حق هذا المخرج العبقري أن يقول أن كل الذي شاهده من أفلام مجرد تفاهات ؟
و لجنة النقاد المبجلة التي حجبت جائزتها هل من حقها ذلك.. ؟ بالتأكيد من حقها أن تحجب و حتى أن تتحجب إن شاءت ذلك فالحجاب أصبح في زماننا هذا ضرورة سياسية، وليس من حق الذين ينتقدون لجنة النقاد تلك أن ينتقدوها بهذا النقد الحاد غير الموضوعي.. يكفي أن نقول لها كما قلنا لأي لجنة سينمائية في العالم أن قراراتها نابعة من قناعات الأفراد الذين يشكلونها.. فقط وبكل بساطة.. و قرروا أن يفوز "هم الكلاب ".. وهذا الفيلم بالمناسبة محظوظ وخصوصا من طرف بعض النقاد الذي أشادوا به قبل أن يخرج إلى النور.. ،  وهو على كل حال فيلم يستحق المشاهدة رغم أنني لم أستطع إكماله حتى النهاية لدواعي ذوقية محضة.. شفانا الله وشفاكم.. ولا أعرف لماذا كلما رأيت أفلام العسري أشعر أن لقطات هذا المخرج " تتعثر في ذيولها" وكأن الأمر يتعلق بتصورات غير مكتملة أو متسرعة.. ثم إن أعضاء نفس اللجنة ارتأوا أن يحجبوا جائزة الفيلم القصير ، هذا من حقهم بلا أدنى شك ، فهم في الأخير مجرد أشخاص لهم آراءهم و أذواقهم ، وحتى إن حجبوا جائزتهم القيّمة تضامنا مع أصدقاء لهم استبعدوا من لجنة الانتقاء أو حتى ضدا في رئيس اللجنة فهذا ليس خطأ جسيما في المغرب.. فهم رغم أنهم نقاد ، من المفروض أن يتحلوا بقدر معقول من الموضوعية و المهنية ، فهم في آخر المطاف مغاربة (و المغاربة كيبقا فيهم الحال بزاف الى حسو بالحكرة ) ، مع ملاحظة أحزنتني كثيرا وهي أن قرار لجنة النقد لم تحضى بأي اهتمام إعلامي كجائزة لها قيمة ، فحتى الذين فازوا بها لا يضعونها في نفس قيمة جائزة لجنة التحكيم أو الجائزة الكبرى مثلا .. ولم يأتوا حتى لتسلّمها.. والدليل على ذلك هو أنك لو طرحت سؤالا بسيطا عن الفيلم الذي فاز بجائزة النقاد السنة الماضية أو التي قبلها ستخون الذاكرة أغلب المجيبين.. وهذا حقا خبر جد حزين ، فجائزة النقاد يجب أن تحضى بالاهتمام الذي تستحقه على اعتبار أن من يعطونها يمتلكون أدوات المهنة و يمتلكون الرؤية النقدية العلمية التي هي بمثابة البوصلة لكل مبدع .. سأعود وأقول أن لجنة النقاد المحترمة المبجلة ، التي تضم من بين أعضاءها خيرة رجالات النقد الموضوعي في هذا البلد السعيد ، هي سيدة قرارها و قرارها هذا هو نابع من معرفة ذاتية و ذوق شخصي وليس قرارا حائزا للشيء المقضي به كما يقول أهل القانون.. وهو قرار مثله مثل قرار ناقد من النقاد أراد أن يُخرج فيلما فلم يلقى استحسان لجنة سينمائية أخرى ، و هي الأخرى من بين أعضاءها نقاد ، فاستاء وغضب.. هل من حقه أن يستاء ؟ نعم ، هل من حقه أن يغضب ؟ بالطبع أنا معه ، فنحن في الأخير بشر ومن حقنا أن نغضب و نلعن كل من فكّر في هذه الفكرة الجهنمية في أن يستبعد فيلما عن مسابقة وطنية ، هل هو من سيدفع من جيبه !؟ هل هو من سيوفر الأكل و المبيت و .. و.. !؟ لا وألف لا ، إذن كان عليه أن يسمح بمشاركة كل الأفلام المحترفة و شبه المحترفة و أفلام الهواة و أفلام المقاولات و أفلام الهاتف و أفلام الكارتون.. كل كل الأفلام ، فنحن في المغرب اعتدنا الأسواق و الموالد .. ومن حقنا أن نحتفل في عز هذا الحزن الذي نعيشه والغلاء الذي نراه.. حتى الخبز أ عباد الله معرض للزيادة في أي وقت.. من هذا المجرم الذي رفض أن يصبح المهرجان الوطني للفيلم سوقا مغربية حرة يباع فيها كل شيء ويشترى منها كل شيء..؟  من هذا الذي يدفع من جيبه ؟ دعوا الناس تعيش و تشارك.. فالمهم هو المشاركة كما قال أحد العلماء..دعوا المخرجين المغاربة يُخرجون أمعائهم للمشاهد المغربي ( والأمعاء في لغة أهل الفن هي الدواخل و المكنونات..) الفرق الوحيد يكمن في الرائحة .. دعوا المغاربة يشمّون إبداعات بعضهم يا أصحاب اللجن !.. فنحن شعب نعشق الموالد وروائح البخور و نهوى حلوى المواسم و الأعياد ، ونحب أن نجتمع على قصعة واحدة ، لماذا تمنعون المبدعين المغاربة من الاجتماع على قصعة واحدة ؟ .. الخير موجود.. وللي ياكلو واحد ياكلوه عشرة.. ، لكن من يسمع والكل متآمر.. ، حتى التصورات والأفكار هي الأخرى متآمرة ، فعندما نكتبها نقدا تبدو رائعة و مبهرة لكننا عندما ننفذها كصورة تبدو جد سيئة.. هذا هو الفرق بين النقد و الابداع.. هذا هو الفرق بين القول و الفعل .. هذا هو الفرق بين التفكير و اللغط.. هذا هو الفرق بين مهرجان محترم ومهرجان سوقي.. هذا هو الفرق بين لجنة تحكيم سينمائية ولجنة الوقاية من حوادث السير.. وقانا الله من حوادث السير و من حوادث السينما..
في العام القادم سنشهد حفلة من الشتائم و الانتقادات و ذلك بعد أن تدخل الأفلام الطويلة هي الأخرى مقصلة الانتقاء ، لكن وإلى أن يعود الينا المهرجان في السنة المقبلة دعونا نستغل الفرصة لنجرّب ما نفكر فيه فلعله يكون أفضل ..

عمر قرطاح