الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
هل فعلا كتب الفاضلي فيلم "حياة قصيرة"؟

  لقطة من فيلم   

جاء في حوار مع المخرج في العدد 6 ص 1 من نشرة الدورة الثانية عشرة للمهرجان الوطني للفيلم الذي انعقد بطنجة بين 21 و29 يناير 2011:
 "قصة "حياة قصيرة" كانت بداية قصة فيلم طويل أعجبتني الحبكة التي تميز بها. فأردت اختصار القصة للاشتغال عليها من أجل فيلم قصير... فالفيلم يحكي قصة "زهر" طفل ولد تحت طالع النقمة والمحن، توفيت أمه أثناء ولادته...
فهذه القصة في مجملها قصة جد حزينة غير أنني خلال معالجتي لها أردا أن أضع فيها بعض الألوان المتمثلة في الفكاهة الخفيفة..."
هذا ما صرح به السيناريست والمخرج عادل الفاضلي بصدد فيلمه "حياة قصيرة". واضح أن السيناريست قد بذل جهدا كبيرا في الكتابة، فهو عالج القصة لتكون فيلما طويلا، ثم أعاد معالجتها لتصبح فيلما قصيرا، بل إنه عمل على تغيير خصائص النوع الفني (le genre) للقصة، ليحول السوداوية إلى كوميديا... بمعنى أن الفاضلي قد تفحص بطله وحدد أيّ نوع من البشر هو، وحين ضبط هوية الشخصية صار يدخل عليها التعديلات الملائمة للمظهر والمزاج... وهذا مستوى راقي من الكتابة.
وحسب كاتالوغ المهرجان فإن الفاضلي هو صاحب فكرة القصة، وتعاون مع يوسف برادة لكتابة ما سيرى وسيسمع  في الفيلم.
بفضل هذا الجهد الإبداعي منقطع النظير فاز "حياة قصيرة" بالجائزة الكبرى لمهرجان الفيلم المتوسطي في أكتوبر 2010 وبجائزة المهرجان الوطني للفيلم في يناير 2011. وهو الفيلم الذي سيشارك به المخرج الشاب في المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم القصير كلرمن فيران فبراير 2011 في فرنسا...
توجد مشكلة صغيرة، وهي أن هناك أغنية اسمها مسعود تقول:
حـكــــايـة مـــسـعـــــود  - عــود اللـيـل
ـ كان يامكان مشي بعيد فهاد الزمان
ـ راجل شارف هارف غادي على حمارو زربان
ـ سمع غوات دري صغير من بعيد بين الويدان (لقطة ميلاد مسعود في العاصفة).
ـ تبع الصوت زربان حتى الدري ليه بان (لقطة أب مسعود يسرع للبيت).
ـ دري صغير يلاه خارج من كرش امو (ترفع القابلة الطفل في وجه الكاميرا).
ـ وهكذا بدات حكاية مسعود
ـ مسعود لي ديما فالنحس موعود
ـ كانت عندو مديرة قبيحة سميتها السعدية (صارت هي زوجة الأب العنيفة في الفيلم)
ـ وعلاش يا دنيا معكسة مسعود؟
ـ بقا مسعود مشمكر حتى دار 16 عام (صار الطفل شابا)
ـ تقدو كتافو و كبر وتعلم لكلام
ـ وبلغ حتى هو وبداو يبانوليه فالمنام
ـ واحد النهار دايز بانت ليه خدامة كتخمل
ـ نزلات شي مرة عندو قالها سميتو مسعود
ـ كانت مزروبة مسخرة دارت معاه مع التسعود
ـ بقا كيتسناها مسمر ..فيه الخلعة مرعود
ـ نزلات جاية قاطعة..خرج فيها الطوبيس كود (لقطة مقتل الحبيبة)
ـ تصدم مسعود و جلس يدور فالزناقي
ـ يتحشش و يشم و يموت بالجوع ..نحسو باقي
ـ شافو راجل اخواني داه معاه لجامع راقي
ـ قالو كول ونوض تصلي باش للنور تولي لاقي
ـ دار اللحية مسعود و حتى هو تعلم يهضر (مسعود ملتحيا مع الإسلاميين)
ـ عجبو الحال وولا ينصح الناس و يتمختر
ـ ركب مسعود فالطيارة فرحان غيشوف بلادن (لقطة مسعود يحارب في أفغانستان)
ـ وصل و عطاوه السلاح وقالولو بقا فبلاصتك راكن
ـ وماتخافش لي جا ضربو..راك للجنة ضامن
ـ جلس مسعود يومين ما يتحرك تما ساكن
ـ سها مسعود و هز الراس و عطاه الميريكاني
ـ  فاق لقا راسو فالحبس ومعاه باكستاني
ـ يشوف فيه يتبسم فرحان و بعينيه قاني
ـ بالفقسة غوت مسعود لقاه علي بو لحية تاني
ـ دوز مسعود مع علي بو لحية عام صعيب
ـ ومن كترت ما منحوس ردوه ميريكان للمغرب (مسعود يعود للمغرب مصابا).
ـ رجع مسعود تالف مخلوع فبلادو غريب
ـ رجع للزنقة و الشوماج وولا من لحماق قريب (مسعود مشردا).
ـ  بقا دايع كيدور واحد النهار لقا راسو فطنجة (يتجول مصابا في الحرب).
لم يكتب الفاضلي فيلمه بل أخذ؟؟ الأغنية وصورها. تتحدث الأغنية عن مسعود، بينما يسميه عادل الفاضلي "زهر". وهذا ترادف صور وأسماء لغوي ليس إلا، وهو يدل أن البطل محظوظ جدا. وبما أنه عمليا شخص منحوس في حياته، فإن اسمه يناقض وضعه، واضح أن  المفارقة بين الإسم السعيد للطبل وواقعه السوداوي موجودة في الأغنية ولم يبتكرها الفاضلي ليغير نوع (genre) القصة باتجاه الكوميديا .
هذا يتجاوز التناص إلى التلاص.
والمشاهد التي مرت في الفيلم هي اختصار لنص الأغنية وليست من فيلم طويل وهمي.
حتى نص السرد والتفسيرات التي يقدمها الراوي في فيلم "حياة قصيرة" مأخوذة من الأغنية. ومهمة الراوي هنا هي ملء الفجوة الزمنية الطويلة الفاصلة بين حدث وآخر في الفيلم. ويمكن للقارئ مقارنة كل لقطة في الفيلم بنص الأغنية الموجود على الموقع:
http://hewar.khayma.com/showthread.php?t=71272
 هذه نتائج التجرؤ على الكتابة، وقد وقفت سابقا على كيف أخذ نبيل عيوش وكتاب سيتكوم "ياك حنا جيران" قصة زيارة الرئيس الأمريكي للمغرب على طريقة رواية يوسف القعيد "يحدث في مصر الآن"... والآن نقف على نموذج آخر... ولإثبات الفقر الإبداعي لمدّعي الكتابة، طلبت علنا أثناء ندوة صحفية في طنجة من مخرج كتب فيلما أن يتناول الميكروفون ويتحدث لنا عن القصة القصيرة ربع ساعة.
تظاهر انه لم يسمع طلبي.

محمد بنعزيز