الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  مشهد رئيسي    
علاقة الأدب المغربي بالسينما المغربية، شيزوفرينة وملتبسة

  عبد الكريم واكريم   

عرفت الساحة السينمائية المغربية مؤخرا نوعا من الانتعاش في العلاقة بين الأدباء والمخرجين المغاربة ، خصوصا بعد الإتفاقية التي وقعها المركز السينمائي المغربي و اتحاد كتاب المغرب، والتي كان هدفها حسب الموقعين عليها تقريب وتسهيل التعاون بين الكتاب والسينمائين.
لكن ما نراه من تصرفات لبعض المخرجين بخصوص السطو على كتابات الأدباء المغاربة يهدد هذا التقارب المحتمل بين الطرفين. وتأتي قضية "قرصنة" رواية "أسلاك شائكة" لمصطفى الغتيري من طرف المخرج محمد اليونسي -كما يدعي هذا الأخير- وتحويلها لفيلم بعنوان "الوشاح الأحمر" والتي كتب لها السيناريو المخرج نفسه صحبة المخرج والسيناريست الجيلالي فرحاتي ونالت الدعم، إضافة إلى قضايا مماثلة سابقة، لتزيد الأمر تأزما بين الجانبين، وتدفع  الأديب المغربي لكي يفكر ألف مرة قبل أن يقبل بتحويل روايته أو قصته إلى فيلم من إخراج مخرج مغربي، خصوصا أن قانون حماية الملكية الفكرية الحالي ليس كفيلا بحماية الكُتاب المغاربة .
أما بخصوص  السيناريو الذي يتم ترديد أنه توجد أزمة بخصوصه، فهناك كُتاب سيناريو مغاربة، لكن نظرا لأن حقوقهم الفكرية تُنتهك باستمرار، فهم يَترددون في التعامل مع المخرجين المغاربة، الذين يُصرون إما على إشراك أسمائهم في كتابة السيناريو رغم أنهم لم يكتبوا فيه أي حرف، أو يسطون عليه كُلية مدعين أنه لهم ، فكرة وسيناريو وحوارا، أو ينسبون الفكرة إليهم ويُشركون كاتب السيناريو الحقيقي إما في السيناريو أو الحوار فقط...على العموم هناك فوضى حقيقية في هذا الإطار إلى درجة أن هناك بعض المخرجين تُكتب لهم السيناريوهات ويُوقعونها بأسمائهم،  فيما يكتفي الكاتب بفتات المائدة من تعويض لايسمن ولا يغني من جوع.
وأظن أن كل هذه الأمور والتصرفات تراكمت عبر سنين، نظرا لنظام الدعم الذي يُعطَى بمعرفة إسم المخرج ، والذي لا يُشجع على ظهور كتاب سيناريو محترفين مهمين وكبار، وذلك بمنح دعم لهم للكتابة وإعادة الكتابة، هذا الأخير الذي أصبح يُعمل به لكن باحتشام، وللمخرجين مرة أخرى فقط وليس لكُتاب السيناريو.
شهدت علاقة الأديب المغربي بالسينمائي المغربي جفوة طالت واستمرت لسنوات عديدة ، إذ ظل الأدباء المغاربة يتهمون – عن حق – الكثير من المخرجين المغاربة كونهم لا يقرؤون ، وحتى لو كانوا يقرؤون فثقافته فرانكوفونية ولديهم نظرة تغريبية عن المجتمع المغربي، فيما كان السينمائيون يرددون أن الروايات المغربية غير صالحة لتُحول إلى أفلام سينمائية، لكون أغلبها  عبارة عن استيهامات  تدور في ذهن السارد، أكثر من كونها تسلسلا لأحداث وتطورا لشخصيات.
وكخلاصة أرى أن علاقة الأدب المغربي بالسينما المغربية ما زالت لم تأخذ المسار الصحيح، رغم أن العديد من الروايات المغربية تم تحويلها إلى أفلام سينمائية، لم تكن دائما من بين أهم ما أنجز  في السينما المغربية...ولما نرى أن بعض المخرجين يلجأون إلى السطو على أعمال أدبية دون ذكر مصدرهم، ولا تعويض الأديب صاحب العمل ماديا، لا يبدو لنا نور في آخر نفق هذه العلاقة الشيزوفرينية والملتبسة بين الطرفين.

عبد الكريم واكريم