الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  نقد    
"إيطو تتريت" فيلم أمازيغي بنكهة المقاومة الأطلسية

  محمد زروال   

عرضت القناة الثانية  ليلة الأحد 4 غشت 2013  فيلم " إيطو تتريت"  للمخرج الأمازيغي محمد عبازي الذي اعتمد في السيناريو  على رواية " تمغرا ن وخوب " لدريس ألمو.  سبق للمخرج أن اشتغل على التراث الأمازيغي في فيلمه " كنوز الأطلس"  وله أفلام أخرى من قبيل : "  اليوم الطويل "   وفيلم " اتفاق " الذي صور ببلدة تونفيت نهاية الستينيات ولا زال الفيلم محتفظا به في الأرشيف الدانماركي .و بعد مشاهدة الفيلم أمكننا الخروج بالملاحظات التالية :
أولا،  لم تلتزم القناة الثانية بالتوقيت المبرمج للفيلم ليلة الأحد على الساعة 22 و20 دقيقة حسب برامج يوم الأحد 4 غشت 2013  ، وانتظر المشاهدون  ما بعد منتصف الليل بساعتين لمشاهدة الفيلم، ولا شك  أن اختيار ليلة القدر المعروفة بطقوسها الدينية و زيارة الأقارب لم يكن مناسبا لعرض الفيلم،  وأكيد أن الاختيار لم يكن اعتباطيا  من طرف المسؤولين في القناة الثانية بل  إنه اختيار له ما يبرره في سياسة القناة تجاه الأمازيغية .
ثانيا، اعتماد المخرج على اللغة الأمازيغية بلكنة الوسط مع بعض الاستثناءات كان له وقع كبير على نفسية المشاهدين الذين تعودوا على مشاهدة الأفلام الأمازيغية بلكنة الجنوب. وقد خلق العرض نقاشا في المواقع الاجتماعية ،  وهذا من الأشياء الإيجابية التي حققها الشريط لأنه كسر القاعدة وأبان عن إمكانية الإبداع باللسان الأمازيغي دون مشاكل في أي منطقة من المغرب.
ثالثا، اعتمد لمخرج على وجوه معروفة في الساحة الثقافية الأمازيغية في الجانب الجمعوي أو الحقوقي أو الإعلامي،  مما أفقد التمثيل تلك النكهة التي تعود عليها الأمازيغ ، حيث يعتقد أن الممثل لا يجب أن يكون غير ذلك ،  ولهذا لم يستسغ الكثير من المشاهدين  ظهور بعض الوجوه المحسوبة على الحركة الأمازيغية في الفيلم ،  واعتبروا ذلك بحثا عن المال وليس خدمة الثقافة الأمازيغية. عموما فإن الشخصيات قد لعبت أدوارها بشكل جيد،  لكن كان من الممكن الاعتماد على ممثلين لهم خبرة في المجال وإن كانوا من أمازيغ الجنوب لأنه لن يواجهوا الكثير من الصعوبات في حفظ الحوار بأمازيغية الوسط.  كان أيضا من  الممكن الاعتماد على ممثلين عاديين من الأمازيغ ويكفي أن يخضعوا لتدريب بسيط للمشاركة في الفيلم ، لأن الكثير من التجارب العالمية أبانت عن إمكانية إنجاح العمل السينمائي بالاعتماد على  الممثلين الهواة.  .
رابعا، اشتغل المخرج بشكل جيد على التراث الموسيقي الأمازيغي الأصيل وأحيى ذاكرة الكثير من الأسماء الفنية الأمازيغية مثل موحى أموزون وحمو أليزيد ...  وأعاد الاعتبار للشعر الأمازيغي كوسيلة نضالية ضد المستعمر وضد الخونة.
خامسا، ركز المخرج كثيرا على الأثاث المنزلي الأمازيغي الأصيل ووظفه بكثافة في الكثير من اللقطات، كما أنه حاول محاكاة تلك الفترة الزمنية من حيث الاشتغال على الألوان.
سادسا، استحضر المخرج المكون اليهودي  في شخصية صامويل ، وأبرز لنا الأدوار التي قام بها اليهود لتحرير المغرب من المستعمر لإيمانهم بالانتماء للوطن المغربي.
سابعا، استحضر المخرج رموز المقاومة المسلحة الوطنية وبعض المحطات الحاسمة في النضال ضد المستعمر مثل عسو باسلام وزايد أحماد و محمد بن عبد الكريم الخطابي وبوبكر أمهاوش.....
ثامنا، احتفى الفيلم بفضاء القرية الأمازيغية وقدم لنا صور جميلة لعناصرها وقد ساعده في ذلك الاشتغال مع المخرج محمد عبد الكريم  الدرقاوي كمدير للتصوير.
في الختام لا بد أن نشير أن فيلم " إيطو تتريت"  يعتبر أول فيلم ناطق بامازيغية الوسط يستفيد من دعم المركز السينمائي المغربي .

محمد زروال