الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
تكريم للقوافل السينمائية وتقنييها بمهرجان الفيلم العربي القصير بإفران

  إدريس التركي وحكيم الخمليشي   

لا يجادل أحد في الدور الذي لعبته ولازالت تلعبه القوافل السينمائية في تقريب الفرجة السينمائية من شرائح اجتماعية متنوعة داخل المغرب بمختلف مناطقه الحضرية والقروية ، فالفرجة السينمائية بالهواء الطلق أو داخل الفضاءات المغلقة لها تاريخ يمتد الى السنوات الأولى التي شهدت اكتشاف السينما وتنظيم عروضها الأولى .
وقبل ظهور القاعات السينمائية في العالم شكلت هذه القوافل أول شكل من أشكال استغلال الأفلام السينمائية عبر الخيام السوداء اللون التي كانت تنصب هنا وهناك لتقديم الفرجة البصرية للراغبين والمتتبعين لجديد الفن السابع .
ووعيا منها بخطورة الصورة المتحركة وقوتها التأثيرية على العقول والنفوس أحدثت سلطات الاقامة العامة الفرنسية بالمغرب ، منذ الثلاثينات من القرن الماضي ، مصلحة للقوافل السينمائية بغرض نشر دعايتها الاستعمارية والترويج لأطروحتها " التحضيرية " في أوساط الشعب المغربي المختلفة عبر بواديه وحواضره . وقد أولت هذه السلطات عناية خاصة لهذه القوافل عبر برمجة مدروسة طيلة السنة تتضمن عروضا لأفلام روائية ووثائقية وروبورتاجات ورسوم متحركة وأخبار مصورة ، وعبر مراقبة صارمة لمجريات هذه العروض ونتائجها ، في وقت كانت فيه السينما هي الوسيلة الوحيدة التي تعتمد الصورة والصوت قبل ظهور التجربة الأولى للتلفزيون بالمغرب عندما أنشأت شركة " طيلما " جهازا للارسال بالدار البيضاء سنة 1954 .
وبعد استقلال المغرب سياسيا سنة 1956 تسلمت كتابة الدولة في الأنباء مصلحة القوافل السينمائية وسخرتها مباشرة في أكبر عملية اعلامية للاخبار والتحسيس والتوعية والاحتفال بالاستقلال ، في البوادي والحواضر والقرى النائية ،ولوحظ آنذاك اقبال ملحوظ على برامج هذه القوافل قبل وبعد الانطلاقة الرسمية للتلفزة المغربية في مطلع الستينات من القرن الماضي .
ورغم تراجع دور القوافل السينمائية بعد تكاثر القاعات السينمائية ، التي تجاوز عددها المائتان في عقود الستينات والسبعينات والثمانينات ، وظهور القنوات التلفزيونية الأرضية والفضائية المختلفة ابتداء من التسعينات ، وتوسع شبكة الأنترنيت في السنوات الأخيرة ، الا أن الحاجة اليها حاليا أصبحت جد ملحة بعد انقراض جل القاعات السينمائية في مختلف المدن المغربية ( لم يبق منها سنة 2013 الا 33 قاعة عاملة ) وتكاثر التظاهرات السينمائية والسمعية البصرية هنا وهناك .
فهذه التظاهرات لم تعد تجد أمامها فضاءات مناسبة لتنظيم عروضها السينمائية في شروط تقنية مقبولة ، ومن هنا أضحى اعتمادها شبه كلي على القوافل السينمائية ، التي أصبحت تابعة للمركز السينمائي المغربي ، عوض وزارة الاتصال ، وأصبح نجاح هذه التظاهرات رهين بحضور تقنيين سينمائيين متمرسين من عيار الصديقين ادريس التركي وحكيم الخمليشي ، اللذان سيتم تكريمهما يوم السبت 17 غشت الجاري في النسخة 15 لمهرجان الفيلم العربي القصير بافران بمبادرة من الجهة المنظمة ، جمعية نادي الشاشة للطفولة والشباب بأزرو ، في ليلة وفاء لهما ولعطاءاتهما وعطاءات مختلف التقنيين السينمائيين المغاربة الذين كانوا وراء نجاح عروض القوافل السينمائية منذ انطلاقتها الى الآن ، فتحية حارة للصديقين التركي والخمليشي بمناسبة هذا التكريم المستحق ومزيدا من النضال السينمائي عبر مختلف ربوع المملكة الشريفة .

أحمد سيجلماسي