الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
درس سينمائي بمهرجان سطات

  الناقد السينمائي بوشتى فرق زايد و المخرج عز العرب العلوي   

جرت العادة في المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات أن يلقي رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية درسا سينمائيا يستعرض من خلاله تصوره للسينما وطريقة اشتغاله في ابداع الأفلام ، وهكذا استضاف المعهد العالي للتكنولوجيا التطبيقية يوم الأربعاء 10 أبريل 2013  من الثالثة الى السادسة مساء المخرج عز العرب العلوي في درس سلط فيه الأضواء على تجربته السينمائية وطريقة اشتغاله ، وقد أكد في البداية  أن تجربته الفنية أكبر وأعمق من أن تلخص في وقت وجيز متسائلا عما يمكنه الادلاء به ليفيد هواة السينما الذين يستمعون اليه في هذا الدرس . انطلق المخرج عز العرب من التساؤل حول مفهوم السينما وأشار الى أن لكل مخرج تعريفه الخاص للسينما ، وأن هذا التعريف مشتق في الغالب من فلسفة كل مخرج ، ان كانت له بالفعل فلسفة ، ومن رؤيته للوجود والانسان ، ففي نظره يمكن تقسيم المخرجين السينمائيين الى ثلاثة أصناف : صنف يشتغل دون الانطلاق من أية فلسفة وصنف له فلسفته الخاصة لكنه يشتغل دون وعي بها وصنف ثالث يشتغل وفق فلسفة محددة هو واع بها منذ البداية . وهذا الصنف الثالث هو الذي ينتمي اليه عزالعرب العلوي لمحارزي وذلك لأنه بدون رؤية يكون المخرج مجرد تقني سينمائي لا غير . فالرؤية الفكرية والأسلوب الاخراجي هما اللذان يميزان مخرجا ما عن الآخر . وهكذا يمكننا معرفة أعمال المخرجين الكبار وتمييزها عن غيرها من الأعمال انطلاقا من بصمتهم الابداعية المتفردة وخصوصية كتابتهم السينمائية ، فالمخرج المبدع يختلف اختلافا جذريا عن المخرج المنفذ الذي هو مجرد تقني وذلك لأن الأول مخرج موهوب أولا وقادر على اخراج ما يعتمل في دواخله من أفكار وأحاسيس بأسلوب جميل يحضر فيه الرمز والايحاء والعمق الانساني ويبتعد عن التقريرية والمباشرة والسطحية . فالتقنية يمكن اكتسابها والموهبة يتم صقلها بالممارسة والعمل الميداني ، لكن بدون رؤية
فكرية لا يمكن الحديث عن مخرجين مبدعين . ولابداع فيلم سينمائي يرى العلوي أنه لابد من التمكن من صلب الموضوع وبعد ذلك القيام بالاختزال المفصل مع الابتعاد عن الحوار والشرح في الكثير من المشاهد لفائدة الأفكار . ففي فيلمه " أندرومان " أنتج مجموعة من الرموز التي تدل على تداعيات الفكرة الجوهرية ، فالاشتغال على الغابة يساوي لديه الاشتغال على المرأة لأن القاسم المشترك بينهما هو الهشاشة ، وكلاهما مصدر للولادة الحقيقية للعالم وللخصب والعطاء . فلابد من الامساك بخيوط الحكاية في الفيلم وبناء المشاهد في تماسك بعضها مع البعض الآخر ، فمنذ البداية ينبغي التفكير في الهندسة البصرية للفيلم مع تشفير المعرفة بغية الدقة والامتدادات الفكرية . لقد تحدث المخرج العلوي بشكل عام في هذا الدرس عن طريقة اشتغاله في أفلامه السينمائية والتلفزيونية القصيرة والطويلة وأشار الى أن فيلميه " ايزوران " القصير و " أندرومان " الطويل ، بشكل خاص ، يتضمنان مجموعة من الرموز القابلة لتأويلات وقراءات متعددة ، فكلما أعدنا مشاهدة هذين الفيلمين كلما أنجزنا قراءات جديدة . ان الفيلم الذي لايمكن نسيانه هو الفيلم الذي يثير أسئلة كثيرة وتكون الاجابات عنها مختلفة من شخص لآخر ومن لحظة زمنية لأخرى . فما يعاب ، في نظره ، على الكثير من الأفلام هو البساطة في الرؤية والاكثار من الشرح والتفسير والاعتماد على الحوار في أغلب المشاهد . صحيح أن الحوار عنصر من عناصر التعبير الفيلمي ، لكن لا ينبغي اللجوء اليه الا في حالة عجز الصورة عن التعبير.
كانت هذه بعض الخطوط العريضة للدرس السينمائي الذي ألقاه المخرج عز العرب العلوي في اطار الدورة السابعة لمهرجان سطات الوطني لفيلم الهواة ، من 9 الى 13 أبريل 2013 ، المنظمة من طرف جمعية الفن السابع والمجلس البلدي للمدينة بدعم وتعاون مع وزارة الاتصال وولاية جهة الشاوية ورديغة والمركز السينمائي المغربي ومجلس الجهة وأطراف أخرى . وقد تلت هذا الدرس مناقشة نشطها وشارك فيها هواة السينما الحاضرون وسيرها الباحث والناقد السينمائي الدكتور بوشتى فرق زايد ، الذي عرف في البداية بأهم محطات التجربة السينمائية لصاحب الدرس .
وتجدر الاشارة الى أن تجربة العلوي مع السينما انطلقت بشكل أساسي سنة 1985 وهو تلميذ بثانوية سجلماسة بالرشيدية ، التي حصل بها على شهادة البكالوريا الأدبية سنة 1986 ، اذ اخرج في هذه السنة فيلما هاويا قصيرا وبعد ذلك ظهر كممثل في فيلم " البحث عن زوج امراتي " لمحمد عبد الرحمان التازي سنة1993 واشتغل كمساعد مخرج ثاني الى جانب حميد الزوغي في فيلم " خيول الحظ" للجيلالي فرحاتي سنة 1995 واستفاذ من تداريب في تقنيات السينما داخل الوطن وخارجه ، كما حصل سنة 1996 على دبلوم الدراسات العليا من كلية الآداب / ظهر المهراز بفاس بأطروحة حول موضوع " النقد السينمائي بالمغرب : نشأته وتطوره " . وبعد ذلك اشتغل لفائدة التلفزيون المغربي حيث أخرج
مجموعة من البرامج من بينها برنامج " ثانويات " و برنامج " هؤلاء التلاميذ " ، وحصل سنة 2000 على شهادة الدكتوراه الوطنية بأطروحة حول الخطاب السينمائي بالمغرب ثم سافر الى كندا لتحضير شهادة في الاخراج السينمائي والتلفزيوني .
أخرج عز العرب العلوي لمحارزي مجموعة من الأفلام السينمائية القصيرة من بينها " بيدوزا " سنة 2005 و " جزيرة يوم ما " سنة 2006 و " موعد في وليلي " سنة 2007 و " ايزوران " سنة 2008 ، كما أخرج افلاما طويلة للتلفزيون من بينها " مسحوق الشيطان " سنة 2008 و " الرقاص " سنة 2010 و  بيت من زجاج " سنة 2011 و باكورة أفلامه السينمائية الطويلة " أندرومان من دم وفحم " سنة 2012 . وقد حصد هذا الفيلم السينمائي الطويل وقبله فيلم " ايزوران " القصير مجموعة من  لجوائز داخل الوطن وخارجه.

أحمد سيجلماسي-سطات-المغرب