الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
تكريم سعد الشرايبي بمهرجان تطوان السينمائي

  سعد الشرايبي   

بعد تكريمه يوم 10 مارس 2013 بالمركب الثقافي سيدي بليوط ، الى جانب حسن وهبي وآيت عمر المختار ومحمد باكريم وكاتب هذه السطور ، من طرف الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب بمناسبة تنظيمها لمجلسها الوطني التاسع عشر بالدار البيضاء ، أبى منظمو مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط الا أن يكون سعد الشرايبي من ضمن الشخصيات السينمائية المكرمة هذه السنة في اطار الدورة 19  لمهرجانهم الذي خرج من صلب حركة الأندية السينمائية سنة 1985 ، شأنه في ذلك شأن مهرجان السينما الافريقية بخريبكة وتظاهرات سينمائية أخرى . وبمناسبة هذا التكريم الجديد للصديق سعد الشرايبي أعمم هذه الورقة / الشهادة في حقه كعربون محبة واحترام وتقدير له كانسان ولفنه ومواقفه النبيلة . ومعلوم أن هذه الشهادة يتضمنها الكتاب الجديد الذي سيصدر قريبا حول التجربة السينمائية لسعد الشرايبي بمبادرة من جمعية القبس للسينما والثقافة بالرشيدية التي نظمت سنة 2012 ، في اطار مهرجانها السينمائي الجامعي ،  يوما دراسيا كان محوره  الشرايبي وسينماه بمشاركة ثلة من النقاد والباحثين السينمائيين من بينهم حميد اتباتو ومحمد اشويكة ومولاي ادريس الجعيدي ومحمد البوعيادي وغيرهم ...



سعد الشرايبي : الابن البار لحركة الأندية السينمائية بالمغرب



أنجبت حركة الأندية السينمائية بالمغرب مجموعة من الأسماء الوازنة التي سجلت حضورها في ساحتنا السينمائية بشكل مستمر على امتداد أربعة عقود أو يزيد ، خصوصا مع حدث تأسيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية سنة 1973 ، التي شكلت ولازالت مدرسة للتكوين السينمائي الهاوي  ، وما نظمته هذه الجامعة وأنديتها من أنشطة مختلفة الأشكال والأحجام في عقدها الأول على وجه التحديد . وكان سعد الشرايبي واحدا من هذه الأسماء البارزة التي ترعرعت في أحضان هذه الحركة وراكمت  خبرة نظرية وعملية في التنظيم الجمعوي والتدبير المالي وتنشيط جلسات نقاش الأفلام والكتابة الصحافية وتلقي وتحليل الأفلام وغير ذلك . وأصبح من خلال مساهمته في تأسيس وتسيير نادي العزائم السينمائي بالدارالبيضاء ، من 1973 الى 1983 ، والانضمام الى المكتب الوطني المسير لجامعة الأندية السينمائية ، من بين العناصرالمثقفة الفاعلة داخل حركة أندية السينما بالمغرب . ومما زاده فعالية ذكاؤه وديناميته وقدرته على المبادرة واستشرافه للمستقبل وتواضعه وعمقه الانساني وحبه اللامحدود للمعرفة .
فهذه الخصال المقرونة بعشقه الكبير للسينما ساعدته في الانتقال من ضفة المستهلك لصور الغير الى ضفة المنتج لصوره الخاصة ، وقبل أن يخرج باكورة أفلامه ، الوثائقي القصير " بوعادل / من حياة قرية " سنة 1978 ، اشتغل كمساعد في الاخراج في " رماد الزريبة " ، وهو فيلم روائي طويل من انجازجماعي سنة 1976 ، كما اشتغل كمدير انتاج في الفيلم القصير " الايام المائة للمامونية " من اخراج مصطفى الدرقاوي سنة 1977 . وبعد فيلمه الأول ، الوثائقي القصير،  أخرج سعد الشرايبي سنة 1980 فيلما روائيا قصيرا بعنوان " كلمات وتعبير " ، وأردفه سنة 1982 بفيلم متوسط الطول بعنوان " غياب " من تأليفه وانتاجه واخراجه . وبعد ذلك دخل تجربة الفيلم الروائي الطويل سنة 1990 باخراجه ل " أيام من حياة عادية " ، الذي ستتلوه أفلام روائية طويلة أخرى هي على التوالي : " نساء ونساء " و " عطش " و " جوهرة بنت الحبس " و " الاسلام يا سلام " و " نساء في المرايا " بالاضافة الى أفلام تلفزيونية أخرجها وأفلام قصيرة أنتجها أو نسق انتاجها وغير ذلك .
ما يلاحظ على هذه الأفلام الروائية الطويلة أن مخرجها العصامي يتطور من عمل لآخر ويزداد تمكنه من أدوات التعبير الفيلمي رغم أن مواضيعها لا تخرج في غالبيتها عن ثلاث تيمات رئيسية متداخلة فيما بينها  : تيمة المرأة :وضعيتها وعلاقتها بالرجل في سياقات مختلفة ، تيمة الصداقة : خيبة الأمل في الحاضر والحنين الى الماضي ، تيمة التاريخ القريب : العلاقة بالمستعمر الفرنسي ، تأثيرات أحداث 11 شتنبر على العلاقة بين الشرق والغرب ، مغرب سنوات الرصاص .
سعد الشرايبي ، المزداد بفاس يوم 27 يونيو 1952 ، ليس مخرجا سينمائيا وتلفزيونيا فحسب ، فمهنته الأساسية مرتبطة بالأدوية وتوزيعها  ، لأنه تابع دروسا جامعية بكلية الطب بالدار البيضاء ، كما تابع دروسا في التواصل بجامعة فانسين الفرنسية في مطلع السبعينات من القرن الماضي . ان انخراطه في الحياة السينمائية المغربية  كعاشق للسينما ومتتبع لجديدها ثم كمبدع ومهني داخل غرفها وهياكلها المختلفة جعله أحد مهندسي السياسة السينمائية بالمغرب في محطات تاريخية مختلفة بفضل أفكاره وتصوراته وتوصياته و قوته الاقتراحية ، وبفضل نضاله الى جانب سينمائيين آخرين من أجل تحسين شروط الممارسة السينمائية بالمغرب . فطيلة مساره السينمائي كان مناضلا ولايزال ، من مواقع مختلفة ، من أجل نشر الثقافة السينمائية وتنظيم المهنة ودعم الجمعيات والتظاهرات السينمائية ماديا ومعنويا وتأطير الورشات وتنشيط الندوات والموائد المستديرة وغيرها . لم يبخل أبدا على أصدقائه بما يتوفر عليه من امكانيات مادية ومعنوية ، ولم يبخل على الجمعيات والأندية السينمائية بأفلامه ، ولم يكن أبدا شحيحا مع العاملين معه في أعماله السينمائية والتلفزيونية  ، ولم يسجل عليه أنه تنكر لأصدقائه القدامى أو لم يلب دعوة لتأطير ورشة تكوينية أو المشاركة في ندوة أو غير ذلك . فهو خريج مدرسة الأندية السينمائية والابن البار لحركتها الثقافية والفنية ، اجتمع فيه ما تفرق في غيره . وما تهافت التظاهرات السينمائية المغربية المختلفة على تكريمه وهو في أوج عطائه الا اعتراف بخدماته الكثيرة وبنبل أخلاقه وبعمق العلاقات الانسانية التي تربطه بمختلف الفاعلين السينمائيين من فنانين وتقنيين ونقاد وصحافيين وجمعويين وغيرهم .
فتحية احترام وتقدير لهذا الفنان والمثقف العضوي ، باسم أندية السينما بالمغرب ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، ومزيدا من العطاء والنضال أخي وصديقي سعد.

أحمد سيجلماسي