الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  دراما و تلفزيون    
ملامح وملاحم بلاد ما بين النزيفين
مقالة نقدية للمسلسل العراقي العربي "الحب والسلام" ....



كثيرا ما أُلام على توجهاتي النقدية في الكتابة للتلفزيون لأعمال بعينها غادرت مخيلة ووجدان المشاهد بسبب الهوة الزمنية التي يدعيها البعض بين زمن العرض وزمن النقد ، هذا اللوم والتقريع  في حقيقة الأمر لا يثير حفيظتي البتة بسبب تقديري للجهل المركب الذي لازم الكثير ممن يضعون العصا في العجلة نتيجة لترسبات إيديولوجية منكرة في التعامل مع كل من يبدأ ثمة لمعان وتوهج يصاحب إنجازه ، كما لا ننسى البعد بين أولئك والشارع والمجتمع وإعراضهم عن رأي الجمهور الذي يعيش حالة من التلاحم والتآزر في علاقة حميمية بينه وبين تلك الأعمال التي وصمت بالقديمة تلك التي لم تزل تشغل حيزا مميزا من خيال وضمير وذهن المتفرج وكأنها حلم لذيذ تستدعى صوره ومعانيه مع كل خطرات الألم التي تعن على المتلقي بين الفينة والأخرى ، وخير دليل على سلبية الآراء المناهضة لتوجهنا النقدي بهذا المسار والمتعلق بمسلسل "الحب والسلام" هو مدى اهتمام القنوات الفضائية المختلفة بعرض المسلسل من على شاشاتها وفي وقت الذروة والذي فيه تجتمع العائلة العراقية والعربية أمام التلفاز ، كما أن هذه الأعمال التي تفجرت ينابيعها أدبا وفنا وعلما أغرق الأرض ومن عليها بكل ما هو ممتع ومفيد وغيرها من الأسباب الجمالية الوجيهة هي من أسرتني فاستدعت قلمي كي يبوح بما تأصل من رؤى وأفكار في طيات تباريحه ، وبالتالي بالإمكان لهذه الأعمال المتميزة أن تؤسس لنظريات يمكن الأخذ بها مستقبلا نتيجة للكم الهائل مما ورد فيها وعلى لسان أبطالها من فلسفة إنسانية لامست فيوضاتها شغاف القلوب ومسامع الآذان ومدامع العيون وخزائن الذاكرة لتكون في النهاية طريقا معبدا ومنهجا ثرا يغير من خارطة التفكير والسلوك الاجتماعي لدى المشاهد لا كما يتم عرضه من أعمال أخرى وإن كانت بنت اليوم والساعة تبدأ وتنتهي لا يعلق شيء منها في الذاكرة سوى الفاي أي المجموعة الخالية كما يتحدث أهل الجبر والرياضيات ومن هذا المنطلق تم تسخير طاقاتنا من أجل إنصاف الآخرين.
وفقا لما تقدم تقف ماثلة قبالتنا بصلابة وبكل معنى الحقيقة وتأكيد للواقع نظرية أو مقولة للفيلسوف أرسطو ((التطهير التراجيدي))هذا التطهير النفسي الذي هو المحرك للشعور الإنساني بمختلف اتجاهاته من خلال التعاطف مع أبطال العمل الدرامي وكل يقول هذا أنا أو هذه معاناتي كما أنه يجرد الإنسان من نزعاته الشريرة نتيجة الفزع من هول ما يترتب على البطل من تبعات نفسية وضغوطات خارجية وداخلية مما يستدعي المشاهد لطرد الأرواح المنكرة المتلازمة معه نتيجة التراكمات السلبية وبالتالي تنقية لمجرى فوتونات العقل والقلب المنبعثة من أعماقه كما يجب أن لا ننسى مصطلح المفكر الخالد الذكر سيجموند فرويد (الكاثايين) وهو يصف الحالة الدرامية المتولدة نتيجة مشاهدة المأساة وهو ما يسميه البعض بالتنويم المغناطيسي أو التفريغ العقلي ومهمته بهذا الخصوص هي تحريك الانفعالات باتجاه الجزء المخزون من الذاكرة كي يصبح لديهم أبواب مشرعة يمكن أن يرموا من خلالها أوجاعهم الهستيرية مع ملاحظة أن هناك أعمال اختلف بتقييمها وفق نظرية التطهير فربما تصبح تلويثا تراجيديا، أي محركا للدوافع الشريرة نتيجة الأرضية الخصبة والمشحونة بكل السلبيات المدمرة لتتحول الصورة المعروضة إلى تطبيق عملي لكل الجرائم والموبقات كما حدث في الكثير من الأعمال التلفزيونية ك"ذئاب الليل" و"وادي الذئاب" وغيرها من الأعمال التلفزيونية والسينمائية الفاقدة للقيمة الإنسانية مستغلين عطش البعض نحو الجنس والعنف وبرأيي المتواضع أن العمل التلفزيوني العراقي الذي نحن بصدد تفكيكه ونقده هو مصداق لما قلنا في الإيجابية المتوخاة من نظرية التطهير وهو في حقيقته تبيان لكل شيء وسيد لما ورد ذكره آنفا من أعمال تلفزيونية خالدة والعمل هوالمسلسل العراقي (( الحب والسلام)) قصة وسيناريو وحوار الكاتب العراقي العربي حامد المالكي وإخراج تامر مروان إسحاق وبطولة أياد راضي وآلاء حسين وهناء محمد وعبدالجبار الشرقاوي ومهدي الحسيني .
باختصار موجز .. ملحمة "الحب والسلام" لمن لم يشاهد العمل ولمن تابعه طيلة أربع وثلاثون حلقة خلال شهر رمضان لعام 2009 أو ما تلاها ليومنا هذا وذلك للاسترجاع الذاكراتي حتى لا يكون القارئ بمعزل عن تخيل الصور والمعاني لما نكتب .. بالمناسبة يوجد من يتابع مشاهدة المسلسل للآن عن طريق الانترنت أو عن طريق الأقراص المدمجة في محلات التسجيلات فقبل شهر من كتابة الدراسة راجعت هذه المحلات في محيطنا المناطقي فأخبروني باعتذارهم عن تزويدي بالمسلسل بسبب نفاذ الأقراص وذلك للطلب الشديد عليه مما يؤكد شعبية هذا المسلسل المتجذر في ذاكرة المشاهد فلذلك اقتضى التنويه للجميع عن مفصليات مختصرة لأحداث العمل ... كما يجب التنويه عن قرب الانتهاء من تصوير الجزء الثاني من العمل وكلي ثقة بأنه سيكون كسابقه بالجودة والجمال، إن لم يكن أفضل وهذا ما نتوقعه دائما من كاتب بقيمة حامد المالكي .
يبدأ العمل بمحاولة انتحار فاشلة لبطل المسلسل جمال العراقي في أحد مستشفيات علاج المرضى النفسيين في سوريا لتراكمات مأساوية ألمت به لكنه ينقذ عن طريق إحدى الممرضات ، بعد ذلك يأتي أحد الأطباء واسمه دكتور صبري إلى المستشفى راغبا بعمل دراسة حول أسباب انتحار هؤلاء المرضى فتعرض عليه حالة جمال العراقي كنموذج ملائم للدراسة ويحصل اتفاق بين الدكتور وجمال لسرد قصة حياته فتبدأ القصة بزواجه من نادية بنت الجيران والتحاقه بخدمة العلم وهروبه منها إلى تركيا نتيجة ضغوطات النظام العفلقي واعتباره شهيدا مما جعل أهله يطمعون بالمكرمة من صدام وهي سيارة وقطعة الأرض الممنوحة لما يسمى تجاوزا بالشهيد فيتزوج أخ جمال وهو خضر من نادية زوجة أخيه الأرملة أما جمال فيتعرف على إحدى السوريات في تركيا ويتزوجها منتقلا بها إلى ديارها السورية لتتوفى بعد ولادتها تاركة له بنتا فيعود وحيدا إلى العراق بقرار متعجل ليعتقل من قبل النظام ويمضي فترة في السجن ليخرج بعدها إلى أهله فيجد أخاه قد تزوج زوجته وقد ولدت له ولدا فيحرمها المفتي عليهما ثم يغادر جمال العراق من جديد متوجها إلى سوريا بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وهناك ينشر أحد مؤلفاته الروائية فتعم شهرته البلاد كأحد الكتاب المتميزين وتستمر الأحداث متصاعدة حتى يحين زمن سقوط النظام فيعترض طريقه أحد المتصيدين للمشاهير وهو من أنصاف المثقفين والمسمى غالب بحري في محاولة ابتزازه بكتابة رواية تشجع على القتل الطائفي في العراق إلا أنه يرفض لإيمانه بوظيفته الحقيقية كأديب في إشاعة الحب والسلام وهو ما يؤكده عنوان المسلسل لكن إحدى العصابات القاطنة في العراق تخطف ولده الوحيد ويساومونه على فدية مقدارها مليون دولار وهو نفس المبلغ الذي رصده غالب بحري لجمال لكتابة روايته فيربط بين الأمرين فيستجيب للأمر مرغما ويكتب روايته كما أراد غالب بحري والتي لو خرجت للآفاق لأحرقت الأخضر واليابس ولكن يد القدر التي يؤكد عليها الكاتب كثيرا هي من تقف بجانب الإنسان العراقي فتمنع نشر الرواية لخروج ولده من قبضة خاطفيه وبالتالي زوال السبب المحرك لكتابتها في صورتها المدمرة وفي نهاية المطاف يكتشف الدكتور صبري ومن لسان مدير المشفى أن جمال عبود ليس بكاتب فقط بل كاذب أيضا فكل ما سرده عليك ما هو إلا أحداث روايته "الحب والسلام" وكل شخصياته من صنع خياله وجمال عبود هو في حقيقته كاتب عراقي صدم بالانفجار الكبير الذي لحق بشارع المتنبي نتيجة عمل إرهابي وراح جراءه الكثير من أصدقائه المثقفين والعاملين في هذا الشارع مما سبب له حالة جنون هستيرية أرغمت أهله وذويه لنقله إلى أحد المستشفيات السورية ، والممرضة التي اكتشفت حالة الانتحار في بداية المسلسل هي الزوجة الوحيدة لجمال .
ثيمة العمل الحقيقة تكمن في حقيقة المثقف الذي يصفه جمال بأنه( أخطر من الطلقة وعندما يهزم المثقف تخرب الحياة ) وهذا ما تعرض له جمال من ابتزاز على طول سيره في عالم الأحياء وهو المثقف والكاتب الروائي الشهير حيث كاد أن يهزم وكاد أن يفجر الكون بأسره وهذا الأمر يقودنا إلى عمومية أكبر وأعمق فالانهزام له أسبابه الاجتماعية والأخلاقية والبيئية والعوز والفقر والذل والقهر وكل هذه الأسباب تخلق نموذجا للمثقف الحاقد على كل شيء في الحياة ، سلاحه ليس قلمه بل إزميل ومطرقة يخرب بهما ما يشاء من صروح مكتملة البناء أو في طور الاكتمال وفي محل الشاهد وأنا أكتب الآن أتذكر فلما أمريكيا عنوانه "النمل القاتل" عرض في ثمانينيات القرن الماضي ، فالنمل الذي لا يمثل تهديدا يذكر للإنسان وهو يعيش منفردا بمجمعاته السكنية المنتشرة على سواحل البحر تحرشت به حقارة ونذالة الإنسان لتصنع منه وحشا يدمر ويقتل كل ما طالته يداه من خلال تناوله لمواد سامة ألقاها الإنسان نتيجة لغرق السفينة التي تحملها وهي باتجاه التخلص منها في بقعة معينة على البحر مما يؤدي إلى نموه بشكل غير طبيعي فيزداد طمعه بعد أن كان يكتفي لفترة طويلة بجلب شعيرة حتى ينقلب السحر على الساحر ويصبح الإنسان أحد ضحاياه ، إذن المثقف يمكن أن يكون ضحية في مرحلة ما لكنه قد ينقلب إلى جلاد في مراحل عدة نتيجة للضغط الخارجي للمجتمع ولسياسات ابتزاز حقيرة من الدولة المعوجة وكان لتلك السياسات موهبة فذة في صنع أعداءها بنفسها ورغم هذا وذاك فان الكاتب اللامع حامد المالكي وهو باعتباره أحد المثقفين ومن خلال الرغبة والطموح والأمل والتمني بأن يكون الإنسان وبالذات المثقف عامل إشاعة للفرح والحب والسلام لا عامل من عوامل التخريب من خلال إسقاطه حرف الراء المتواجد في رواية "الحرب والسلام" للكاتب تولستوي لتصبح العبارة الحب والسلام وكأنه يريد أن يقول أن الجميع لديه رغبة للعيش بسلام وأن يكون الحب القاسم المشترك لتوجهات أهلنا في العراق وما هذه الحروب التي التهمت الأخضر واليابس إلا من صنع آخرين قادمين من مجاهل الحفر ومستنقعات الرذيلة والانحلال فنحن شعب محب ومن كان محبا لا يعرف الكره أو على أقل تقدير الحب والسلام هو أمنية ستتحقق لا محالة إن عاجلا او آجلا وهذه الوظيفة الحقيقية للمثقف ، وهي بالتأكيد وظيفة الكاتب حامد المالكي .
والآن أريد أن أبين ماهية وحقيقة تفكير الكاتب حامد المالكي وطبيعة أدواته قبل الخوض في تفاصيل العمل حتى يعرف القارئ تبعية الجمال والقبح التي ستطالعنا صورها من خلال النقد للعمل أدبيا وفنيا ومن هو المسؤول عنها ، حامد المالكي يتوقف عند تعاريج الحياة ممسكا إياها من شعرها المتهدل المسترسل على الأكتاف كابحا عجلاتها المتحركة عند نقطة ما رامٍ برأسها في مغطس الفكر لتتشكل الصور والمعاني في تداخل جمالي كبير ، ومن خلال هذه التركيبة المتموسقـة يقودنا الكاتب إلى الإيحائية الدلالية في استنباط الفن الجمالي وفهم ديناميكيته والتي تتجه بنا العملية حصر وتضييق واختيار وتنقية لجميع الصور ومعانيها المتواجدة في الحياة لأنها ذات طابع فوضوي عارم مليء بمداخل ومخارج متعاكسة ومختلفة ومشتتة ورغم جمالها إلا أن هناك من الجمال ما يستدعي تواجد حرفي متمكن من أدواته رسام بالفطرة يمتهن التنظيم وعلى يديه تبدوالأشياء الفوضوية متناسقة وإن تمايزت عن الواقع لتكون في النهاية صورة فخمة رغم الحصر والتضييق إلا أنها مبنية على النظام والجمال وكما قال أرسطو ((الجميل يقوم على الفخامة والنظام)) .
حامد المالكي لا يجانب الحقيقة ولا يدير ظهره للواقع بل كل ما يتقاطر من محبرته من كلمات هي في أصلها واقع و حقيقة رغم أن هناك من الحقيقة ما لا يراد لها أن تكون حقيقة مع تواجد الخيال والحلم اللذان هما ساحة الإبداع والدراما تبدأ بهما وتنتهي بهما ، فقد تكون نموذجا من الحياة إلا أنها بالتأكيد لا تكون الحياة نفسها إنها عملية باطنية بحتة ولدينا الكثيرمن المسلسلات العراقية التي سقطت في ((الكوبي بيست)) الأصم للتاريخ وخاصة عندما يتم تناول التاريخ بأدوات غير محترفة تريد شهرة متعجلة ولا داعي لذكرها حتى لا نوصم بالانحياز، إذن الكاتب حامد المالكي يستخدم الدراما لتوجيه تجربته التصويرية الانطباعية مضيفا لها تجارب الآخرين ولكن بسلاح الخيال والتعبير التجريبيين أي أنه يستمد مادته من الحياة والتاريخ إلا أنه لا يعيش عليهما ومن هذه الأدائية التراكبية كان لحامد أسلوبه الخاص والذي يمثل ظاهرة لا يمكن لها أن تخبو بأي حال من الأحوال فلذلك تولدت لديه قدرة خرافية في صناعة مشاهد مجايل مفترض من كل بقاع العالم مفترضا موحدات ومشتركات يعجز الآخرون عن اكتشافها في الذاكرة الجمعية. حامد المالكي يتنقل بين ثابت ومتحول رافعا علم الحداثة متخطيا المصالحة مع المحيط الدرامي في طريقة الكتابة أو كيفية المعالجة السوسيولوجيا لواقع الإنسان الكوني مع تجليات مبهرة متجددة في اختيار موضوعة العمل وكيفية تناوله تلفزيونيا ، فالحداثة لديه ليست تمردا على الشكل والمعنى إنما هي تحرر وانفلات من مألوف لا يقف على أرض صلبة ولم يعد يقاوم التيارات الحديثة في التفكير واستخلاص المعاني ..التمرد والحداثة لدى حامد المالكي ليس سحق الماضي والترجل عن صهوة الارتباط به أو كما يقول الفلاسفة السير باتجاه النجمة ولا غير ذلك على اعتبار أن الزمن له خطه الإيجابي باتجاه الأمام وهو ما أسميه بالانسلاخية .. أي نعم هو يتجه للنجمة بروح المغامر لا المقامر لكنه يحمل الماضي تحت إبطيه وهو إحدى الشجيرات التي يستظل بها بين حين وأخر لأنها مازالت تطرح الثمر الطيب المذاق .. التمرد لدى الكاتب حامد المالكي هو غوص في أعماق الحقيقة لتتولد مفاجآت واستفهامات غائبة عن هذه العقول المثالية والتي أراها تقف عاجزة عن تقصي كنه أسرار هذا الكاتب الخرافي .. ولكن قد يتولد نتيجة لما قلت رأي مفاده أن هناك انفصال عن المحيط نتيجة لنظرية ((خالف تعرف)) والجواب مع كبير ثقة أن الانفلات والانفصال والتفرد لم يأتي لأجل غايات وإمراض نفسية إنما أتى عن طريق دراسة وتمحيص نتيجة تراكم الخبرة والتلاحم والتلاصق مع حيثيات الإنسان وحياته نتيجة هم كبير ألقى بضلاله على ما يكتب ، وهناك الكثير من الإشارات التي يرسلها قلم الكاتب يمكن أن نفهم منها طبيعة وتركيبة ما يفكر به ومن خلال ما سيرد ذكره لاحقا في العملية التفكيكية للنص والعمل بشكل عام.
أول عبارة يشرأب عنقها أمامنا هي عبارة مدير مشفى الأمراض العصبية في سوريا لكوثر الممرضة وزوجة جمال عبود المجنون وهي في طريقها إلى غرفته لقيادة صبري إليه الذي يبحث في أسباب انتحار المرضى النفسيين (( إذهبي مع الدكتور صبري وابقي بجواره حتى لا يعتدي عليه جمال العراقي فجمال عبود جميعه على بعضه حالة مختلفة )) كما نعرف أن جمال عبود عراقي والإشارة باختلاف حالته كأنه يقول بعد إسقاط اسم جمال من العبارة أن العراقي مختلف عن أسوياء البشر وهو غوغائي بطبعه شرير بالجبلة ناقم على كل شيء فلا محالة سيعتدي على الدكتور رغم أن جمال ومن خلال الحلقات الأربع والثلاثين لم نشاهده يعتدي على أحد من نزلاء المشفى أو الأطباء والممرضين وكأن مدير المشفى يستعرض سيرة أسد من أسود الرافدين المتوحشة التي لا تستأنس بالغير مستعرضا حروب الزمن الآفل العدائية.. مما يوحي بأن حماقات النظام البائد برمتها أصبحت تلقي بضلالها على سيرة العراقي أينما حل وكأنه هو المسؤول عن كل ما يجري للبلد من حرق وتقتيل وإشاعة فوضى وخراب وهذا الأمر يذكرني بالازدواجية في التقييم لدى العرب بالذات عندما كان يذهب العراقي للأردن ومصر والخليج في سني العقد الثمانيني للسياحة أو العمل أو النشاط الفني فيصعد أحدنا في سيارة أجرة مباشرة يقوم السائق بعد معرفة (((عراقيتنا )))) يحلف بأشد الأيمان بمجانية الأجرة للعراقي لماذا لأنه الجندي الشجاع البطل الذي يدافع عن البوابة الشرقية بمواجهة العدو الطائفي لهم وهو إيران وعندما انتهت الحرب مع إيران استحوذ صدام على الكويت باسطا يده عليها انقلبت الموازين فأصبح المواطن العراقي يهان ويباع ويشترى في الساحة الهاشمية الأردنية كأسفل وأحط المخلوقات أما صدام حسين وأذنابه الذين هم من حطم الهيبة العراقية يعاملون كأبطال وشجعان أينما حلوا في الديار العربية وعلى لسان أهلها وحتى في الكويت التي جعلها صدام حسين المحافظة التاسعة عشر ترى من ينظر لصدام وحكومته وحزبه الفاشي بنظرة تختلف عن المواطن المسكين وما السنون العشرة الماضية بعد السقوط إلا خير شاهد على العنف العربي اتجاه العراق بأسوأ ما تحمل الكلمة من معنى رغم أن سبب الخلاف وهو صدام وأذنابه والذين قد ركلتهم أقدام العراقيين إلى مزبلة تحتضن ثلة الأقزام التاريخيين من أمثال فلان وفلان ، إذن المنظومة العربية الموغلة بدماء الأبرياء العراقيين ما زالت تسير على نهج السابقين وكل ذلك وغيره يعمله العرب في محاولة لتفتيت بنية العراق واقتصادهوحضارته لا لشيء الا لان العراق وشعبه هو منارة الدنيا وزهوها الدائم وأناأفسرها بأنها غيرة وحقد دفين رغم سذاجة العبارة , ربما يعترض علي الجميع بهذا الرأي ولكنني أقرا ما بين الحروف وليس السطور وهذه مهمتي الحقيقة في الكشف والتحليل وسترون صحة دعواي في قابل الدراسة . فالكاتب يؤكد من خلال طرحهالفكري ليس بواقعية الحدث وصوره ومعانيه بل بإمكانية وقوعه ولو بعد حين ولكن ليس قفزا على الحقائق .
يلتقي الدكتور صبري بالعراقي جمال في غرفة علاجه بالمشفى طالبا منه مساعدته في الكشف عن أسباب انتحاره ليرد عليه بعبارة ( المساعدة شيء نسبي ) لتقودنا هذه الجملة الى أفق رهيب من حقيقة العلاقات الإنسانية المبنية على النفعية المتبادلة فكر رأسمالي خانق لقيمة العلاقة الإنسانية التي ذبحت في زمن متخم بالقذارة .. بقدر ما تنفعني أقدم لك المساعدة .. المساعدة تحتكم الى المزاج وحقيقة الجوهر وللخلفية الثقافية والإيديولوجية لدى الإنسان بشكل عام فما بالك بالعراقي الذي لديه كل شيء نسبي غير محكوم بضوابط وقواعد عامة يمكن الالتجاء إليها , ليتم الاتفاق على تزويد الدكتور صبري ولنسمه صبري فقط لأنني امتعض من الأطباء كثيرا بسبب صورة سيئة اكتنفت مخيلتي منذ دهر من الزمان واجدها ثقيلة على لساني كلمة دكتور للمتاجرين بحياة البشر , الاتفاق بين الاثنين يقضي بتزويد جمال بعلبة دخان مع كل زيارة يقوم بها صبري الى المشفى ليشرع على أثرها مجنون العراق في سرد روايته بعد ان اقنع الدكتور بعدم أهمية معرفة أسباب الانتحار دون الخوض في رواية تفاصيل المرارة الإنسانية التي رافقت حياته ليستجيب صبري في متابعة سرد قصة حياة جمال مدة أربع وثلاثين حلقة في عملية فرجة من نوع أخر مبنية على الاستغلال المتبادل بين صبري وجمال بشكل يقترب من حكايات إلف ليلة وليلة أي ان جمال يحكي كل ليلة جزء من الحكاية ويقطعها عند نهاية معينة مثيرة تغري المتلقي الافتراضي وهو صبري بالمتابعة القسرية وجر المشاهد بطريقة سحرية لتحري مفصليات العمل وكما يقول جمال مختتما حكايته في كل حلقة ((هل ما زالت الحكاية محافظة على عنصر التشويق))لكن الحقيقة وهذا امر يجب الاعتراف به لإعطاء كل ذي حق حقه , هنا عملية تناص في المعنى الميثيولوجي بين طريقة سرد جمال وشهرزاد لحكايتهما لكن المادة المحتواة تختلف بصورة مطلقة وباتجاهات متعددة ففي ألفليلة وليلة الحكاية مبنية على الخيال المتعارض مع الواقع والغير قابل للتحقيق في أكثرالأحايينأما في الحب والسلام فهناك الم لم يزل يتجول في أنحاء جسد الوطن وجرح امتلأ ملحا ولم يشفى للان , في الأولى تسلية مبنية على الدعة والبطر وفي الثانية هم تجلى بصورة نص تلفزيوني مشبع بهم عاشه الكاتب بكل تفاصيله هم ارتقى على سواعد أتراب الكاتب ذوي الأعمار الغضة فكبر معهم طول بطول كما يقولون حتى خرج عن الحد فأركسهم في قاعه فبات الخلاص أمرا مستحيلا إلا عن طريق سرده للآخرين وحتى لا يكون الكاتب حامد المالكي وأترابه كلعبة الصبر التي انفجرت لعدم استيعابها هول الهم المستطيل على شغاف القلوب.
الجميل في اختيار الكاتب لجمال العراقي كراوٍ لحكايته واختيار جمال الكاتب كبطل لها ان الاثنين في واحد , وجمال الأول والثاني هو ليس فرد محدد بل هو إنسان من نمط معين تتجسد به خصائص معينة , انسان عالمي مأساته عراقية قابلة للشمولية والاتساع بمديات عريضة لذلك يعلو حامد المالكي بفنه على ما هو جزئي الى ما هو عام شامل فلم يصورمأساة شخص اسمه جمال بل صور شكلا لمأساة في شخص اسمه جمال وهي صورة جزئية لكن بإطار كبير تتحد فيها الصورفي صورة إنسانية واحدة على اختلاف الكاميرات التي صورتبها وعلى اختلاف أعين المشاهدين التي تبصرها.
نتيجة لاتساع نطاق الرؤيا ببصيرة الحكيم والإستمكان من مواطن الحرية والاختيار تعمق الخطاب الإيديولوجي للكاتب ليصبح ثريا بالدلالات والإحالات والتأويلات مستكشفا ومتبنيا عالما من الضدية التي تنامت مع محيطه الأدبي والفني في تناول الموضوعات على صعيد الشكل والمعنى انعكست على بطله مجنون العراق جمال الذي أفرزت لنا حياته من خلال روايته لصبري هموما وحالات نفسية متأزمة تشكلت نتيجة التأثير السلبي للواقع الخارجي عليه لتتطور الى سلوك مضاد في تجاويف الأنا والذات مع بعضها وتضاد مع المحيط الخارجي لتتولد صراعات وانهيارات في منظومة العلاقة بين الفرد والمجتمع , بين المثقف والمحيط .
في طريقة فذة لترجمة الحوارات الملغزة ذات اللغة العالية وفي سؤال صبري عن سبب الانتحار يجيب جمال بضحكة ساخرة طويلة وكأنه يقول ((كيف يغيب عن ذهنك سبب انتحار العراقيين))مبينا له سبب الانتحار بجملة تشع بالصور المغمورة في وحل الذاكرة ربما تبدو غامضة لمن لم يكتوي بنار المعاناة في بلد كالعراق ( كنت ابحث عن حياة أخرى خالية من رائحة البارود ومنظر الدم ) نعم فقد كانت حتمية قدر العراقيين تتلازم مع البارود الذي ينثر الدم شلالات لا يجف منبعها حتى إننيأتذكر للان عندما كنت طالبا في الأول متوسط في نهاية عام 1980وبجوار مدرستنا بستان لمزارعين بسطاء اتخذته القوات العراقية التي تمد جبهات الشيب والطيب والفكة بالعدة والعدد وبعد مغادرتها بفترة وجيزة وبعد تخريبها للبستان وإحالتهإلى التقاعد كجنينة كانتكالكحل للعيون وثمة خوف وفضول يحثان براءتنا لاقتحام البستان وهناك وجدنا نوع من الحشواة البارودية لقذائف الدبابات والمدافع تركها الجيش فارتبط البارود بشخصيتنا ورحنا نستنشق عبق رائحته كأعذب عطر خلقه الله وكأننا بطل رواية العطر لتتحول عيدان البارود لعبة مثيرة نلعبها كحروب طاحنة فيما بيننا فكان أكبرنا جثة يأخذ دور أمريكاوأنا فلسطين والآخر الصين والأخر بريطانيا وكنا نستخدم الأطلس لاختيار المدن التي تدور حولها الحرب وكل الحروب كانت تحدث في فلسطين وكل يوم نختار مدينة فلسطينية حتى لم يبقى شبرا من فلسطين لم يحتله ذو الجثة الكبيرة حتى اعتادت أنوفنا وعقولنا على استنشاق البارود ليصبح من حيثيات شخصيتنا في الرغبة في الإحراق والتدمير.. وهذا ما يريد قوله البطل جمال , فبعد تخرجه من الكلية وزواجه بحبيبته نادية التحق بخدمة العلم أو بالأحرى خدمة النظام التوتاليتاري الصدامي هذا النظام الذي ارتبط بالكائن الأسطوري المتوحش الذي نصفه الأعلى بهيئة ضبع والنصف الأسفل شبيه سرطان رملي زاحف ينفث النار من فمه والذي لا يقدر عليه إلا صانعه وفعلا لم يتمكن من القضاء عليه أي على نظام صدام الشمولي إلاأمريكا فهي من صنعته وهي من تقضي عليه ولكن قد يغيض كلامي هذا بعض من مدعي الثورات والتشدق بالنضال وتحرير العراق فأقول لهم ( اصمتوا أيها المتسورين لمحراب الجهاد والمقاومة فأمريكا تحيي وتميت وتميت وتحيي وهي حي لا يموت ) وهي دعوة لهم لمراجعة التاريخ الحديث.. ومن خلال الاسترجاع ألذاكراتي في لملمة أحداث مرت بالكاتب وبكل أقرانهوأنا واحد منهم وبث الحياة بها صورا هي في حقيقتها ليست نقلا للتاريخ او تفسيره إنما هي آثار لم تندمل في شريان الحياة الذي باتت الندب تملأ مجراه فكانت هناك صورا مؤثرة لمركز التدريب الأساس الذي شهد التحاق جمال ورفاقه بالخدمة الإلزامية ولمدة وجيزة للتعجيل بزجهم إلى محرقة جبهات القتال التي تصرخ بالموت هل شبعت ليرد عليها هل من مزيد ليكون الاعتراض على كل ذلك وعلى لسان جمال (( إن الموت هوالمنتصر الوحيد )) .
بعض المشاهد نقلت لنا الطريقة المذلة بتدريب الجنود في محاولة إذلالهموإخضاعهم بشكل يدعو احدهم كي يسخر من الآخر ,كما زودتنا المشاهد الصادقة لتلك اللحظات المريرة بمدى حقد المنظومة العسكرية المتمثلة بالضباط والعرفاء على كل من يملك شهادة دراسية مدنية لسبب واحد .. فاحدهم يحتقر نفسه للبسه الخاكي طوال حياته وهو كالقرد يقلد حركات القائد الضرورة خاسرا الحياة الجميلة التي كان يعيشها الخريج متنعما بها وهو محروم منها حتى يصل الأمر بأحد العرفاء وهو يرد على احد الجنود المتخرج من إحدى الجامعات والممتعضين من طريقة تعامله معهم بعبارة يعرفها جميع العراقيين (خريج مريج كلها تشرب بالبريج) وكلمة ابريج تعني إبريق وهو الإناء المستخدم في الإستبراءوالاستنجاء من البول والغائط في بيت الراحة وهذه عبارة يستخدمها الضباط والعرفاء للامعان بالنيل من كبرياء وكرامة الجندي ولا فرق لديهم بين جاهل ومتعلم الكل سواسية وقد نجح الكاتب والمخرج في إظهار هذه الصورة بشكلها المأساوي في أوضح تعبير .
حامدالمالكي وضع إصبعا خجولا وربما محتاطا على الجنس وإصبعا على التاريخ والمجتمع وكل له خصوصيته الفكرية والدلالية من خلال تصوير مديات الحقارة المتعمقة لدى الكثير من رجال هذه المنظومة المنحرفة في التعامل مع بعض الجنود ذوي الامتيازات الخاصة كملاحة الخلقة وإسقاطهم في وحل الاستغلال الجنسي وبعكسه سينالون اشد العقوبات وهذا ما درج عليه قلم الكاتب في التحلي بالجرأة في طرح ومعالجة الموضوع الجنسي في الخلفية الأخلاقية لدى العراقيين في جل أعماله ويتأكد هذا الطرح من خلال علاقة النائب ضابط سليم مع الجندي وسيم وهي علاقة استغلال جنسي بأبشع صورها عانى منها وسيم كثيرا كانت نظرات عينيه تشي بالرفض والاستنكار لتتحرك كوامن الحقد المتبادل بين الجندي والمنظومة العسكرية فيقرر الجندي وسيم تصفية ن.ظ سليم بطعنة سكين قضت عليه في الحال وكأنه نفذ تطلعات شعب بأكمله في رفض خسة ونذالة هذه المنظومة الموبوءة بكل عار وشنار مما أعطى الدلالة على الكبت الذي يعانيه الجندي اتجاه الضابط او العريف وحتى وقتنا الحاضر وكل ذلك بمرأى ومسمع جمال الذي قال تعليقا لهذه الحالة وهو يصف الضباط محذرا من يستمع لكلماته أن لا يأخذه العجب بنفسه في استصغار الآخرين والنيل منهم بالكبرياء الهدام فالنهاية واحدة وحتمية للجميع .. ((يتصرفون بكبرياء رغم ان الموت الذي يخطفهم في النهاية هو موت واحد)).
في لجة الاستنزاف الروائي للحكاية يطلق حامد المالكي جملة على لسان جمال واجه بها المشاهد كانسان وواجه بها صبري كدكتور يريد استدراجه كي يبوح بما احتوته ذاكرته المكبوتة من حكايات((لماذا يحب الإنسان سماع مآسي الآخرين ربماالفضول او الخوف من تجارب أو تعاسة الآخرينأن تنعكس على تجربته وتعاسته )) بخصوص المأساة كنت أتمنىأن تستمر أحداث الجيش والشمال وبغداد وما يرافقها من الم ومواجع او يتوقف المسلسل عند هذا الحد رغم أنانية التفكير لدي , كنت أتمنىأن تستمر مأساة الجمال بهذه الصورة وكأنني أتلذذ بسماع مصيبة بطلي لا أريدهأن ينتقل لمصيبة او مشكلة اخف وطئا لان تركيا وسوريا شهدت استقرار وراحة من نوع خاص لجمال لذلك كنت أريده أن يبقى في العراق .
حدد الكاتب أمرين يمكن لنا أن نناقشهما بروية فتعليله الشوق والرغبة في الاستماع للمأساة بسبب الفضول رأي قابل للاعتناق والاعتقاد وهي حالة مؤشرة في مجتمعاتنا فما ان يباشر احدهم بسرد حكاية ما إلاأصغى الجميع لها من كان مشتركا بالحديث أومن لم يشترك وهذه سليقة لدى أكثر العراقيين في الذوبان مع الراوي في سرد حكايته ومبعثها بلا شك الفضول , مما يقودنا إلىرأي مفاده أن هناك نشاط فكري متوثب خلاق يمتد به الكاتبالىعوالم مثالية بين الحوارات وانتظام متسلسل له إضاءة ساحرة في انسياب العبارات على لسان أبطاله مع وجود الكم الهائل من الحكم و الانطباعات الإيديولوجية التي تطفو بشكل واضح على لسانيات جمال المجنون , وهنا ايجابية حامد المالكي في ضخ سيل من السوسيولوجيات العراقية في بنية النص رابطا مرتكزات العمل بقوة لا يعتريها الترهل رغم ان الصيغة الجمالية واليقين الفكري اللتين استخدمهما الكاتب في تداخل جراحي في سبيل توحيد حقيقةالشكل والمضمون في إطار واحد يتوافق مع الحدث والنزيف الزمني بما يعين على التوقع والتشويق اللذان هما من أساسيات الدراما ولو إن هذا الأمر جرى مع غيره من الكتاب لأرهقهم وشتت توجهاتهم وهي نقطة في صالح المبدع حاد المالكي بالتأكيد, أماالأمر الثاني المعلل للحالة وهو الخوف من تجارب وتعاسة الآخرينأن تنعكس على تجاربهم ومآسيهم .. لا اعرف كيف وظف الكاتب قضية الاستماع الى المأساة كحل للذي يخاف أن تصيبه مأساة الآخرين ولو من طرف خفي فالخائف متشائم بطبعه فكيف به يحبذ سماع مأساة ستطاله لو استمع إليها وفق خلفيته الثقافية المعتادة بالامتعاض من سماع مصائب ومشاكل الآخرين ولكن قد يكون الكاتب يريد ان يقول بسماع المأساة ستكون للمستمع الخائف تجربة واكتساب خبرة تقيه مصارع السوء او هو كما قلنا سابقا بخصوص التطهير التراجيدي ووظيفته في رفع بعض من معاناة المتلقيورغم هذا وذاك فاني اعتقد ان هناكحواراتفارغةغير مثمرة تتواجد كعثرات ونتوءات بين طيات العمل لاتحتكمالىالمنطق او العقلانية .. أعزوأن يكون الخلل من خاصة الممثل في نسيان كلمة او حرف اخل بالمعنى العام للجملة وهذا تناقض مع الاشراقات الجلية لحوارات أخرى لنفس الشخصيات وإذا تأكد هذا الأمر فهناك عدم مبالاة من قبل المخرج في الانتباه الى حوارات الممثلين وهو امر سيء بالتأكيد واعتبره احد معاول التهديم الفني التي احذر منها دائما.
وعكس الجزء الآنف من مقالتنا كان هناك بيانا وبلاغة ساحرة استخدمهما الكاتب بين طيات حواريات جمال المجنون أيقظت  العمل فاستوقفت جميع المشاهدين ما بين جاهل وعالم متأملين على نحو الدهشة والإبهار , فالجاهل كثيرا ما تراه مشدودا لكلام المجانين كساخر منهم وبالتالي هناك متعة ما يحصل عليها هذا النوع من المشاهدين , والعالِم تراه سعيدا إذ يرى العلم على لسان المجنون لأنه مدعاة للمتعة البلاغية كالذي يستمع شعرا بليغا من مجهول وبالذات الضعيف كالمعوق اوالطفل او المرأة فهو ينشد بالكلية مسترسلا مع ما يسمعه كما انه يرى صورته الحقيقة في ذلك الشاعر او المجنون ولو بعد حين على اعتبار إن أكثر المعرفيين يوصمون بالجنون لفيض معلوماتهم الشخصية وهم في أصل شخصيتهم مجانين حقا لأنهم في تضاد مع الحياة بكل صورها كما ان حكمة وبلاغة جمال شيء خارق بالنسبة لكل المجانين من أصحاب الأدوار الحكيمة في الأعمال التلفزيونية  فلم نرى لأي مسلسل أخر هذا البعد الفلسفي والأخلاقي لجميع كتابنا العرب في ان يكون المجنون بهذا المستوى او يكون العمل بهذا الكم الهائل من الجمل الفلسفية الحقيقية النابعة من تجربة أصيلة والتي تفسر الكثير من الاعتلالات النفسية والفكرية للإنسان .
ولو أردنا أن ننسف كل ما قلنا بحق جمال بخصوص جنونه ونقول حقيقة ربما تكون غائبة عن الأذهان وهي إن جمال ليس بمجنون وقد اتخذ من هذا المكان مفزعا يبعده عن عامة الناس ممن تلوثوا بالأحقاد والشرور والمطامع الغير مشروعة لأنه انسان محب للسلام محب للحرية رغم إن المشفى سجن آخر من الناحية المكانية الا انه يجده اكثر ملائمة لممارسة حريته التي صادرها الزمن بمعية الناس ليكتفي من الحب بما وفرته له زوجته الممرضة كوثر الا إننا نصطدم بحالة الانتحار التي فيها اراد التخلص من عالمه المر الصاخب العنيف الى عالم لا تتواجد به رائحة البارود ومنظر الدم , فنقض ما ذكرناه بشان المفزع والملاذ في المشفى لنعود من جديد ونسلم بان الحياة بأسرها لدى جمال وفي كل مكان من هذا العالم لديه سواء وان لم تتواجد صور المأساة في كل الأمكنة الا ان الذاكرة تعن عليه بمطرقتها لتتشابك صور الأمكنة الماضية في مكان تواجده وكانه يقول لا يغرنكم ما ترونه من زهو وجمال وحب وسلام في سوريا فأنها تسير نحو المجهول العراقي الذي تاه به كل من حطت قدماه على أديمه الملتهب فلذلك أردت التخلص من تواجدي في هذا المكان قبل ان يحل ذلك الموعد ألخرابي .
اذن هنا كم هائل لا يعد ولا يحصى من المزدوجات الانطباعية لدى المشاهد اتجاه جمال لأنها مستقاة من جمال نفسه المتخم بالمزدوجات الفكرية المتأزمة المتصارعة وهذه قيمة الدراما على وجهتها الصحيحة التي يعول عليها الكاتب في أرشفة خلجات النفس الانسانية من خلال شخصية جمال .
في اكثر الأعمال او كلها يقوم الكاتب بتصوير شخصية البطل او بقية الشخصيات الثانوية او حتى الكومبارس بموقف ثابت من الناحية الأخلاقية او الثقافية او النفسية او طبيعة الحوار وكل ما يتصل بها من فعل وانفعال وهنا يصطدم الكاتب بتحييد الواقع المحرك للدراما فشخصية الخير تبقى من بداية العمل الى نهايته هي شخصية خير او العكس وحتى منطق التفكير لهذه الشخصيات واحد موحد لا يتجزأ فلا يختلف فلا تتواجد الدراما المطلوبة فالأمين لا يمكن ان يكون خائنا والخائن لا يمكن ان يكون  أمينا والصادق لا يمكن ان يكون كاذبا والكاذب لا يمكن ان يكون صادقا والجبان لا يمكن ان يكون شجاعا وغيرها من صفات الانسان لكن الكاتب حامد المالكي خرج من ربقة هذا الطوق بان شرع الابواب امام ظواهر وبواطن الشخصيات كي تنطلق وفق ميول إنساني لا دخل لأحكام الكاتب في بلورتها وربما تظهر ردود فعل غريبة لهذه الشخصية او تلك وبشكل مفاجئ تغير من تعاطف او انطباع المشاهد كما في شخصية جمال على سبيل المثال لا الحصر فتراه صادقا , كاذبا , مجرما يريد الانتقام والقتل , مسالما وديعا أحيانا تراه في قمة الجبن والتخاذل واخرى شجاع لا تلويه الرياح , أحيانا يمزح وأحيانا جاد في عمله , تراه مرة عاشق ولِهٌ لرؤية حبيبته وأحيانا يتمتع بقسـوة اتجاهها تفصم عرى المحبة بينهم , أحيانا واثق من محيطه الانساني واخرى يشك حتى بنفسه اذن هناك سيل من المتناقضات التي تعكس حقيقة الانسان ولكن الامر المهم انها تتوافق مع المنطق والضرورة الدرامية وقد نجح الكاتب في ذلك أيما نجاح وكل ما خرج بهذا الخصوص اثري العمل وطور الصراع .. و . هـ . م .
ثمة شيء استوقفني في طبيعة جمال الراوي وجمال المبتلى بالأحداث والمترع بأوجاعها فهذا يتكلم فلسفة وحكم قل نظيرها وذاك لم نرى منه على طول المسلسل سوى بعض العبارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع, وكذلك تمايز بين طبيعة صوتيهما في الحديث فصوت جمال المجنون مبحوح وكانه ترجيع لصوت الشيطان في الجلسات العلاجية الروحانية للممسوسين وصوت جمال العاقل او المبتلى صوت طبيعي كباقي البشر , هناك برود واسترخاء لجمال المجنون وتشنج وخوف وتردد لجمال العاقل , هناك وثوق لجمال المجنون وهناك شك وريبة لجمال العاقل فساحة الفعل والإحساس مليئة بما يعكس طبيعة الانسان او مجموع طبائع وأحاسيس البشر قاطبة هناك توليف من الكاتب لتواجد ما أسلفنا بين طيات الظاهر والباطن للجمالين وهذا التمايز فيه دعوة للتشويق والإلحاح على المشاهد بالمتابعة المتجلية الكاشفة للغامض والمبهم واستقاء الدروس ولتأتي الإجابة بان جمال الثاني ليس الأول وإنما هو صورة متشظية منه , ومن خلال هذا الاكتشاف في نهاية المسلسل يتأكد قول القائل(خذ الحكمة من أفواه المجانين)وكأن الكاتب يريد ان يقول..المجنون هو من يتكلم بالحكمة والعاقل هو من يتبع المجنون في توجيه بوصلة تفكيره وفق الخطوط التي رسمها, بما معناه ان المجنون هو المنطق الحقيقي للعاقل , إضافة لذلك أرى ان الكاتب حامد المالكي يريد ان يقول ان جمال الكاتب هو عاقل يعرف ماذا يصنع وأعماله هي ابتزاز أموال وضحك على الذقون للقراء الذين هم مجانين بالفطرة لإهدارهم وقتهم بكتابات يعتقد الكاتب بعدمية جدواها مع استنزافهم لوقتهم الثمين وتصفير جيوبهم التي هي بالأصالة ناشفة من الدولار علاوة على الدينار والدرهم وكانه يوجه الاتهام لبعض الأدباء ممن استخدموا منجزهم الفكري سلما للوصول الى غايات اقل ما يقال عنها انها حطام من سفاسف الدنيا..اذن من هو المجنون ومن هو العاقل وكيف يمكن لنا وبأيآلية و أدوات يمكن ان نميز بينهم ... فلسفة عميقة يحيلنا الكاتب عليها بجمالية نادرة ,  ووفقا لما ورد فالكاتب استطاع التخلص من فوضى الأحكام للمشاهد بحيث وجه دفة التفكير لديه وفق سياق ونظام متلازمين على طول العمل .
نعود لأحداث المسلسل , بعد ان ينقل الجنود من ساحة التدريب وعلى عجل الى جبهات القتال وهذا امر قد تداول كثيرا في حيثيات العمل العسكري البعثي في الضخ المتصاعد والمتسارع لشبابنا الغض الى محرقة معاركه وبجرة قلم وكانه تسويق بضاعة الى سوق يلتهم النار نفسها لو كانت بضاعة ليكون نصيب جمال ورفاقه احدى الوحدات العسكرية في شمال العراق حيث حل بهم المطاف في منطقة يصفها احد الجنود بأنها جنة وجحيم فكونها جنة لأنها منطقة جبلية سياحية ذات غابات وشلالات غنية بما لذ وطاب مما انعم الله به على الانسان من خيرات وبكونها جحيم لأنها تمثل محط معاناتهم مع اللون الخاكي والحديد والنار وسطوة وطغيان المنظومة العسكرية بقيادة آمر الوحدة الرائد صكبان كما انها واقعا ارض محاذية للعدو وتحت مرمى العدو ومقبرة حتمية لهم وبهذا الاتصال ثمة مقال لجمال أجج الذاكرة في استحضار جملة من الأحاديث المتبادلة بين العراقيين وهي تختصر عهد طال أمده حينما تستعيدها الناس ممن طالهم شرر نار الحرب من قريب او بعيد وقد نجح الكاتب أيما نجاح حينما عزف ألحانا متميزة على وتر حساس يسمى الذاكرة الوطنية الجمعية ربما يبدو المصطلح ملائم جدا كي يكون اسم حزب ينافس بالانتخابات القادمة أليس كذلك ؟.. (اكثر المتزوجين يخافون من الزواج لأنهم مع أول  التحاق لهم بعد إجازتهم يعودون الى أهاليهم وقد لفوا بعلم) نعم فالكثير من الجنود لا يتوقع عودته حينما يلتحق بجبهات القتال لان الموت هناك حاضر لا يغيب وهنا لدي مقاربة في محل الشاهد ان المنظومة الثقافية البعثية كانت تردد عبارة شمسنا لن تغيب وهي في حقيقتها تلميح لمقولة أخرى الموت عنا لن يغيب , وكم كان جميلا ذلك الدفق الكبير من الأحاسيس وأنت تشاهد الجندي جمال وطبيعة حياته العسكرية القاهرة والمتلفعة بعباءة قد بهت لونها اسمها الدفاع عن الوطن حيث كانت الأحداث متصاعدة لا يشوبها الملل الذي تواجد في أماكن أخرى من العمل مع ملاحظة الحالة المنقولة بدقة من الواقع الى التلفزيون والتي نجح الكاتب في رسمها بدقة كما في نقل الجنود بالعربة العسكرية نوع الزيل التي استوطنت عقول وأذهان المشاهدين بقوة في ذلك الوقت كما كانت لأغاني الجنود فيما بينهم في لحظات الاستراحة إشاعة لمعانٍ صادقة تعكس جمالية الانسان العراقي حينما يرتقي فوق آلامه وشجونه ليكون ابن اللحظة يعيش يومه وليكن بعدها الطوفان وهذا ما أشرته بخصوص احد الجنود والذي اسمه عناد فهو على مدى عدة مشاهد شارك بها كان مماحكا بشوشا يروي القفشات والنكات وكثير السخرية للتأثير البيئي الايجابي عليه الا انه في لحظات اخرى لا تعرفه أبدا وبالذات حينما تعتريه هواجس الخوف او الموت في لحظات القصف المعادي مما يبرهن ان العراقيين شعب محب للحياة لكن إدمان استنشاق رائحة الموت جعل الجميع يتوق للخلاص من الحياة ومرافقة الموت الى مجاهل لا يعلم منها شيئا .
ضمن إطار مسمى المكان وهو الوحدة العسكرية أشرق علينا الكاتب بعدة شخصيات وعدة خلفيات ثقافية لكل منها , مع سيل كثيف من التراجم لسلوكياتها وفق نظرة عميقة مترامية تضرب أطنابهاأقصى اليمين وأقصى الشمال حيث كان لميول جمال الثقافي في اقتناء الكتب الفكرية والروايات العالمية ذات التحرش السياسي بالنظام طريقا للتعرف على شخصية الضابط سيف الذي وجد في روايات جمال بعض العزاء له في تعويض ما خسره من حياة جميلة على أعتاب الجيش والعسكر كما ان الروايات كشرت عن مقاصدها التنويرية لذهنية الضابط سيف في اعتناق رأي معاد للسلطة والنظام والرغبة بالخلاص من هذا الجحيم بأي طريقة كانت ويبدو ان هذا الرأي غريبا بعض الشيء على ضابط تعود جذوره وأصوله العشائرية والسكنية الى محافظة يقصدها الكاتب ولا تقصدها الصدفة فسيف هو مواطن من محافظة الموصل المعروفة بحب أبنائها الشديد لارتقاء سلم المجد من خلال الالتحاق بالكلية العسكرية ومزاولة هواية التبختر والتكبر على خلق الله وسببا مهما للاستحواذ على قلوب النساء اللواتي باتت إحداهن لا ترضى بغير الضابط برتبة  ملازم زوجا او حبيبا لها كما في مقولة نساء ذلك الوقت من هذه المحافظة (( لو مُلازم لو مَلازم )) بضم الميم مرة وبالفتح مرة اخرى مع علمها انه مرشح وبقوة للاستجابة لدعوات عزرائيل بمغادرة الدنيا والمكث في ارض غصت به وبرفاقه .
سيف هذا قبل على مضض تنفيذ رغبة أبيه في الدخول الى هذه الكلية التي لا يتعلم فيها العراقي سوى الكره والحقد ومناوئة الناس اذن كم من العراقيين اجبروا بقسوة على إقحامهم في تفاصيل هذه المنظومة من غير رغبة منهم , هنا تكمن روعة الكاتب حامد المالكي في البناء الحكواتي القصصي ان كل شخصية لديه هي قصة بحد ذاتها تتفاعل مع كلية الحدث وتجري مجراه ذائبة فيه متفاعلة تفاعلا فيزيائيا كيميائيا يمكن لنا ان نعيد بلورتها في صورة اخرى مع الاحتفاظ باستقلاليتها كما في شخصية سيف وغيره من الذين سنتعرف عليهم في قابل الدراسة .
الرائد صكبان آمر الوحدة العسكرية هذا الرجل الجاهل الحاقد على كل متعلم والذي يسير بالضد من طبيعة شخصية سيف , هذا الرجل وكما يقول الكاتب على لسان جمال (( اعمل بالشك حتى تتحصل على اليقين )) كان كثير الشك بالجنود والضباط لأنه مهدد ان لم يعمل بالشك فهو مرتبط بقيادة مجرمة لا ترحم لو ان مجموعته ارتكبت خطأ ما يسير بالضدية من النظام هذا يعني شطبه من قائمة الأحياء هو وأسرته ومن تبع له بإحسان الى يوم الدين لذلك زرعت أنامله نبتة شائكة وسط الجنود أشبه بالرادار الذي ينقل الإشارات يطلق عليها العراقيون بلغتهم الدارجة لفظة (( الشماشمه او اللوكيه )) وكم كان لهم دور في تغييب الكثير من شباب العراق وهم في حقيقتهم أناس ذووا أخلاقيات منحرفة خسروا كرامتهم على أعتاب رضا المسئول او الضابط لأنه بالتأكيد يحتقرهم لكنه يراهم يدا مساعدة في تحقيق أغراضه المعوجة , والمشكلة التي تغيض ان هذا الجاسوس ليس ببعيد قد يكون زميل او صديق وتجمعه مع الموشى بهم قصعة واحدة يتناولونها بفرح غامر رغم تواضعها وهم بأتم الرضا عن بعضهم تليها لحظات التدخين وشرب الشاي وسرد النكات والمواقف المضحكة وترديد الأغاني الشعبية الأثيرة على النفوس لكنه وبمجرد تركه الموضع الذي يجمعهم يتوجه مباشرة الى أسياده ليشي بأصدقائه , والجندي محسن هو من كان ينقل أخبار الجنود وحواراتهم لصكبان وكان يترصد بطلنا جمال في كل حركاته وسكناته وقد أفضى برواية كان يقرأها جمال الى صكبان فاستخدمها الأخير لابتزاز جمال في زرعه كجاسوس على رفاقه لكن جمال كان شجاعا ولمرة واحدة فرفض الاستسلام لرغباته الحقيرة لتبدأ فصول المواجهة الحقيقية بين الاثنين فيتهم جمال بالشيوعية والعمل لحساب الأعداء او انه جاسوس لإحدى الدول المعادية ليذكرنا الكاتب بعبارة تمثل طبيعة الفكر الصدامي ان من يصلي فهو عضو في حزب الدعوة وهو حزب محظور من قبل النظام والانتماء إليه يعني الإعدام ومن يقرا كتبا أدبية او من كان مثقفا فهو شيوعي .. والشيوعية كلفظ تحيلنا ذهنيا للفظة اخرى اشد لمعانا وأكثر رعبا وهي الشيعة فكثير من جهلة النظام البائد لا يميز بين الشيعة والشيوعية فصكبان جاهل حاقد على المتعلمين ولفظة الشيوعية إما سقطت بالمصالحة وذابت في مدرسة البعث فلم يعد أبنائها ينتمون لها فضلا عن الإيمان بها فليس لقول صكبان معنى يذكر باتهام جمال بأنه عميل للأعداء لأنه شيوعي , وإبان تلك الفترة كان العدو الأوحد هو جمهورية إيران الشيعية , بل انك يا جمال شيعي عميل لإيران وما قراءتك لغابريل غارسيا ماركيز الا للتستر على اتجاهاتك الدعوجية التي تستحق لأجلها سلخ جلدة فروة راسك .. ومن هنا خلق البعث عدوا جديدا اسمه جمال الذي كان مسالما للبعث وكما يختزله إخوانناالمصريين بعبارة ((ماشي جنب الحيط)) لتبدأ سلسلة من التحضيرات الإجرامية للرائد صكبان للنيل من جمال و

كاظم نعمة اللامي-العراق