الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
فيلم "يا خيل الله" على الشاشات الباريسية

  ملصق فيلم   

" قصة جميلة".. هكذا يصف نبيل عيوش المسار المتميز الذي قطعه حتى الآن فيلمه " يا خيل الله"٬ الذي خرج إلى قاعات العرض الفرنسية منذ أول أمس الأربعاء.
فمنذ ظهوره خلال السنة الماضية بمهرجان كان السينمائي (جنوب فرنسا)٬ تمكن هذا الفيلم المقتبس من رواية "نجوم سيدي مومن" للكاتب ماحي بينبين ٬ حيث استوحى أحداثه من الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت الدار البيضاء عام 2003 ٬ من تحقيق نجاح ملف خلال مواعيد عرضه عبر العالم.
كما تمكن هذا الفيلم خلال مختلف التظاهرات السينمائية ذات الشهرة العالمية من احراز أزيد من خمسة عشر جائزة ٬ كان آخرها جائزتا أفضل موسيقي وأفضل صورة في الدورة 14 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة.
وقال مخرج الفيلم٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ "هي قصة جملية٬ بدأت مع اختيار الفيلم في المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي( زاوية "نظرة ما") ومنذ ذلك الحين تواصل النجاح في جميع أنحاء العالم مع كل هذه المهرجانات وهذه الجوائز ٬ التي بلغت 17 جائزة".
و أضاف عيوش "هذا مشروع تبنيته منذ مدة واحتضنته لعدة سنوات٬ ولم أكن أتوقع أن يكون النجاح حليفه بهذا الشكل" ٬ هو الذي يرسم مسار منفذي الاعتداءات المأساوية الإرهابية في الدار البيضاء المأساوية٬ مسار شباب تم تضليلهم ٬ ينحدرون جميعهم من حي سيدي مومن٬ تعرضوا لغسل ادمغة من طرف متطرفين ٬ دفعوهم إلى ارتكاب جرائمهم وتفجير أنفسهم منذ ما يقرب من عشر سنوات٬ في 16 ماي 2003.
ويرجع سر هذا النجاح أساسا إلى كون هذا الفيلم " يتحدث الى الجميع".
وأكد المخرج السينمائي أن هناك عوامل كثيرة تبعث على الارتياح لأنه "من الصعب جدا انجاز عمل يرضي عموم الجمهور والنقاد على حد سواء ".
غير أن اللحظة التي ستظل متميزة خلال هذا النجاح التاريخي كانت تتويج فيلم نبيل عيوش بجائزة الصحافي والناقد السينمائي الفرنسي فرانسوا شالي التي تنظم على هامش المهرجان الدولي للسينما بكان.
وقد أشاد اعضاء لجنة تحكيم هذه الجائزة بموهبة المخرج المغربي٬ الذي استطاع من خلال هذا الفيلم "الجريء"٬ متوسلا بأسلوب ذكي في التشكيل الاجتماعي تفكيك وسائل الشحن العقدي في بعض التنظيمات المتطرفة التي تدعو إلى الجهاد عبر الإرهاب: وهي من بين أكبر التهديدات التي يعيشها الكوكب في القرن 21" مما جعله يندرج " بشكل لا يمكن إنكاره ضمن الربيع العربي الذي مكن من توسيع حقل الحريات والذي عرف عيوش كيف يدفع بخطوطه إلى أقصاها".
ورغم ذلك فإن مخرج فليم " علي زاوا" يعترف أنه حظي بتقدير خاص من خلال نيله جوائز جمهور الشباب بمونبليه ونامور وروتردام ٬ لكونه لم يتخيل يوما أن جمهورا لا يتجاوز سنه الإثنتى عشر عاما يمكنه أن يتوج فيلمه بإحدى الجوائز.
وعبر عن ارتياحه لكون الرسالة التي أراد تبليغها من خلال هذا الشريط السينمائي قد لقت صداها لدى الغربيين٬ الذين على الرغم من مناخ الإسلاموفوبيا السائد حاليا بأوروبا٬ بدأوا يدركون أن الخطابات الراديكالية لا صلة لها إطلاقا بالإسلام٬ وهو ما اعتبره نبيل عيوش "أحد الانتصارات" التي حققها عمله السينمائي.
وأبرز أن هذا الفيلم يركز الاهتمام أكثر على جذور الإرهاب من خلال الحياة التي يعيشها الانتحاريون في سيدي مومن٬ الذي يشكل حسب عيوش "فضاء مصغرا" لهذه الأحياء التي تعيش على هامش التنمية المجتمعية ٬ والتي لم تحظ بما يكفي على صعيد الروابط الاجتماعية والهوية والتعليم.. .. ".
وقال عيوش إن هؤلاء " الشباب الذي يغمرهم احساس النسيان ٬ ولا يجدون طريقة للتعبير عن أنفسهم سوى بواسطة العنف٬ يكونون فجأة أكثر قابلية لممارسة العنف وفي جميع الأحوال أكثر تعرضا لبعض الإيديولوجيات ٬ وهنا يتعين أخذ زمام المبادرة٬ دولة ومجتمع مدنيا ومواطنين لإعادة ادماج هذه الشريحة".
وحرص نبيل عيوش من خلال هذا العمل على البقاء قريبا ما أمكن من روح الرواية٬ التي أتت برؤية جديدة حول الهجمات الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء٬ عبر حياة انتحاريين٬ كانوا أنفسهم ضحايا " يتم تجاهلهم في غالب الأحيان".
من جهته٬ عبر ماحي بينبين٬ في تصريح مماثل٬ عن ارتياحه لعمل نبيل عيوش الذي تمكن من منح الحياة لشخوص٬ اضطلع بأدوارها ممثلون غير محترفين بسيدي مومن٬ مما أضفى طابع الواقعية على العمل السينمائي.
وأضاف أنه إذا كانت هناك نصيحة لأولئك الذين قرأوا روايته فهي" عدم السعي وراء المقارنة بين المشاهد لكون فيلم نبيل عيوش عمل متكامل".
ياشين ذو العشر سنوات٬ يعيش مع عائلته بحي سيدي مومن الصفيحي بالدار البيضاء. أمه٬ يما٬ تحاول جاهدة تدبير شؤون العائلة. أبوه مصاب بحالة اكتئاب شديد٬ أخوه الأكبر جندي و آخر شبه مصاب بمرض التوحد و الثالث٬ حميد٬ 13 سنة٬ صعلوك الحي الذي يتولى حماية ياشين.
في الوقت الذي سيجد حميد نفسه في السجن٬ يزاول ياشين عددا من الأعمال الصغيرة لتجاوز مستنقع العنف و الفقر و المخدرات.
عند خروجه من السجن٬ تغير حميد جذريا حيث صار إسلاميا متطرفا خلال الفترة التي قضاها وراء القضبان و سيقنع ياشين و أصحابه للالتحاق ب "الإخوة".
حينها سيخضعون لإعداد ذهني من قبل الداعية أبو الزبير. وفي يوم من الأيام٬ يخبرهم أن الاختيار وقع عليهم لنيل الشهادة.
ويتضمن رصيد نبيل عيوش٬ الذي ولد في باريس في عام 1969٬ عدة أفلام ذات صيت عالمي ٬ منها "أرضي"٬ وهو فيلم وثائقي حول الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني٬ الذي تم عرضه في العديد من المهرجانات الدولية وحاز عدة جوائز خصوصا في المهرجان الوطني للفيلم بطنجة (جائزة أفضل مونتاج وجائزة أفضل موسيقى).
كما أنتج عيوش أفلاما أخرى لقيت شهرة واسعة في مختلف المهرجانات العالمية منها " مكتوب" و علي زاوا" اللذين مثلا المغرب في جوائز الاوسكار سنتي 1998 و 2001.

أمل التازي