الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
ندوة الجامعة الصيفية للسينما بالدورة 9 حول موضوع "السينما المغربية ومسار التحديث"

تنظم الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب ندوة في موضوع " السينما المغربية ومسار التحديث .يشارك في هذه الندوة النقاد فريد بوجيدة ويوسف أيت همو وإدريس القري  وهي من تسيير نائبة رئيس جواسم الأستاذة أمينة الصيباري .
فيما يلي ديباجة وتقديم لاشكالية الندوة من إعداد إدريس القري
تشكل الحداثة La Modernité مفهوما جوهريا في منظومة أدوات التفكير والتحليل النقدي وخاصة فيما يتعلق بوسائل ‘’التواصل الجماهيري’’.
 تنبع هذه الأهمية القصوى من الآثار القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى التي تمارسها هذه الوسائل التواصلية على تطور المجتمع، بنخبه وبعامته، بمستويات متباينة. في هذا السياق تأخذ الحداثة كمفهوم دلالاتها من التاريخ ومن تطور المجتمعات البشرية، كما يتشكل منبعها الرئيسي المتنوع والمتعدد أيضا، من الموروث المعرفي العام الإنساني وقد خضع للتطويع والتصرُّف. يحدث هذا الأمر اليوم أكثر من أي وقت مضى من خلال وسائل التواصل التكنولوجية الحديثة التي أضحت معها المعلومة - لكن مشوهة ومطوعة - متاحة للجميع وفي كل بقاع الأرض تقريبا. وإذا كانت الحداثة كمفهوم كوني ترتبط في معاني استعمالاتها المتغيرة أساسا بالزمان/المكان، والحاضر منه خاصة، فذلك لأن المفهوم يحمل في طياته معنيان تشكل المفارقة بينهما صُلب جماليّتة.
يتعلق الأمر، من جهة أولى، بالثابت والدائم غير القابل للتغيير في كل مجتمع، وهو ما يحيلنا لبنيات ‘’الثقافات المحلية’’، كما يحيلنا على مكونات ‘’المُشترك العام’’ العابر للثقافات، القابِع في ‘’النماذج الأصلية Les archetypes ‘’ الكبرى للإنسانية بمظاهر وبأشكال متنوعة قاريا وإقليميا. كما يتعلق هذا الأمر، من جهة ثانية، بالمؤقت والمُتحوِّل، الذي يرتبط بالآني وبالعابر لتَوِّه الذي قد يعود مُجددا، لكن بصيغةٍ وفي إطارِ بنيةٍ وسياق لم يسبق أن وُجِد فيهما من قبْل.
إلا أن الأهم عند مقاربة الحداثة في الوضع الإنساني الحاضر، نقصدُ الحاضر باعتباره سياقُ اتخاذِ القرارات التي قد تتجاوز الماضي وبالتالي تصنع مستقبلا حداثيا، أو أنها لا تتجاوزه وتكون بذلك مكرِّسة لبقاياه ومُشوِّهة لبِنْيَاتِه التي لا يُمكن إعادة إنتاجها، الأهم إذن هو الحديث عن ‘’التحديث ’’ Modernisation باعتباره مسلسل عملي وآليات تطبيقية تتجلى في التدبير وفي التسيير سياسيا، كما تتجلى في التربية والتنشئة الاجتماعية ’’Education’’ et ‘’socialisation’’، كما تتجلى في تلحيم المجتمع حول ‘’قيمٍ’’ و’’مباديء’’ و’’رموز’’ وأحداث، تختصر التاريخ وتتقمص المشترك وتجسد المثل العليا وتحمل الإحساس الدافق بالانتماء. عملية التحديث هذه كانت تمر عبر الأسرة والمدرسة ومؤسسات التكوين والتأطير المهنية عموما في المجتمعات ماقبل الحداثية، لكنها غدت اليوم تخضع لمنطق وآليات اشتغال وطبيعة تدبير وتسيير وتمويل وتوجيه شبكات التواصل الجماهيري على تعدد واختلاف أشكالها وأنواعها. وعبر قواعد الفتتان والتطويع من أجل الانتصار وهو ما انطلق بوضوح مع النصوص السوفسطائية الإغريقية الأولى لجورجياس.
لا يهمنا هنا الحديث عن وسائل التواصل الجماهيري التي تتصل بشكل مباشر بالمؤقت والعابر والمتجدد على مدار الساعة بل الدقائق، وفي اتصال مباشر بسوق الخبر العابر والمثير وغير المفكر فيه، المُعَدِّ للاستهلاك الآني والخاضع للتطويع بكل أشكاله الفوضوي والمنظم من طرف، ليس المؤسسات فقط عمومية كانت أو خاصة، وطنية أو خارج الحدود، بل ومن طرف المُهمشين والمُبعدين والمترُوكِين لمصيرهم، كما للغاضبين وللجاهلين بكل قواعد التدبير والتسيير والتواصل الاجتماعي وما يشترط لنجاعته ولتسويقه من قيم التسامح والتعايش، ومن قواعد صيانة العيش المُشترك، كأساس بتنظيم الفضاء العمومي اللائق لتحقيق الأمن والاستقرار والمصلحة العامة، باعتبارها شرط لقيام الدولة ذاتها وليس المجتمع فقط. بل إن ما يهمنا في هذه الندوة هو الصورة والتصور، والصيغة والكتابة التي يصنع بها الفيلم السينمائي المغربي حكيه ويرسم بها شخوصه وليبني ما يتبناه من قيم ومباديء وبالتالي من مواقف من قضايا مسار التحديث الذي ينخرط فيه المجتمع المغربي طوعا وتحت ضغط الأوضاع في العالم ليضمن استقراره واستمراريته في عالم يعيد رسم خرائطه..
نحن واعون بأن السينمائي ليس لا نقابيا ولا سياسيا ولا حتى مثقفا بالمعنى التقليدي أو الأداديمي الحديث للكلمة. إنه مبدع وصانع، لكنت ما يبرر التساؤل عن موقفه وموقعه من مسار التحديث هو كونه مواطن أولا ومن الخاصة ثانيا.
 لذلك فعليه أن يكون ذا موقف عن وعي أو عن غير وعي.
 في الحالة الأولى يكون ميعا وفي الثانية لا يكون

إشكالية الندوة.
في هذا السياق وبهذا المعنى العميق، وفي صيغة تركيبية واحدة تُكثِّفُ كل الأسْئلة وتُشَرعِن كل التّسَاؤلات ُيطرح الناقد السينمائي الجمالي المغربي تساؤلات أمام صانع الفيلم السينمائي المغربي ومنها :
1 - - ما وظيفة الفيلم السينمائي المغربي وما مرتكزات انخراطه، من المنظور الإبداعي الحر، في مسار التحديث عبر مراحله الكبرى منذ الاستقلال؟
2 - - كيف يعيد هذا الفيلم صياغة أسئلة التحديث الذوقية والتنشئوية  وكيف يقدمها من خلال صيغ الحكي والمقاربة السينمائية ؟
3 -  -ما علاقة المخرج السينمائي المغربي بالثقافة كرافعة للتحديث وكآلية للتفكير الإبداعي في المجتمع وقضاياه الكبرى ؟
4 - - ما موقع السينمائي المغربي من قضايا القيم الكونية الكبرى مثل الحرية والعقلانية والتسامح والديموقراطية والعدالة، في ظل تفاقم العنف ورفض الاختلاف التطرف وانتشار العنف

سينفيليا