الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  السينما المغربية    
ثورية الموضوع.. لا ثورية الأسلوب في أفلام عبد السلام الكلاعي

  ملصق فيلم   



 


 


اٍضاءة:   (السينما لا تمنحنا صورة نضيف اٍليها الحركة  بل هي وبشكل مباشر الصورة الحركة )     جيل دولوز


لعله من المداخل الرئيسيىة لقياس الرؤية الفنية-السينمائية عند عبد السلام الكلاعي موضوع المرأة ..
وأفترض أنه ليس من باب الصدفة أو اعتباطا أن يعنون ثلاثة من أفلامه بأسماء نساء :
ماجدة ..سيدة الفجر ..ملاك ..
ولا أدري كيف فاته أن يعنون فيلم les eaux noires
...باسم امرأة ..و وما فتأ يعطي الادوار الأولى اٍلى نساء ..منى فتو ..الشعيبة العذراوي ..ثريا العلوي ، شيماء بن عشاو وبالتالي فاٍنه يحذو حذو مفيدة الثلاثلي –صمت القصور- , سعد الشرايبي "نساء ونساء"  والقائمة طويلة في السينما العربية ..
أسماء كثيرة من المخرجين العرب والمغاربة تطرقوا اٍلى موضوع المرأة سينمائيا ..الموضوع الشائك ..الموضوع المحك لصراع عرفته المجتمعات العربية منذ فجر استقلالها حتى الثورات الاجتماعية التي مازلنا نعيشها الآن ونسميها الربيع العربي , والتي ما فتأت تشتعل وتخبو دون أن تجني المرأة العربية المهيضة الجناح ثمارها وتنال أهليتها كمواطن راشد ..وعاقل ..الخ
صراع بين قوى تقدمية تنويرية طامحة , وأخرى ارتدادية ارتدت مسوح الدين و الدوغمائية والرأي الواحد ..
وعبد السلام الكلاعي واحد من السينمائيين المغاربة التقدميين ..يريد عن سبق اصرار وترصد أن يتطرق اٍلى موضوع  المرأة من زوايا متعددة ..ويعمل من خلال كاميرته على (التحريض ) , تحريض المرأة المغربية على الحرية ..
ثم ومن نفس الأداة ( كاميرته) يدين بشدة وضع المرأة , (الاٍدانة )..يدين نظاما اجتماعيا رجوليا قائما على احتقار المرأة والانتقاص من أهميتها , وهو نظام اجتماعي في تصاعد تدعمه حركات سياسية اٍسلاموية باتت تكتسح مجالات واسعة في مجتمعاتنا وقد دق ناقوس الخطر ..
ومن هذا المنطلق يقدم الكلاعي و من خلال أربعة أفلام نموذجين للمراة المغربية :
1-    نموذج المرأة التي تشتغل وتطمح اٍلى الحرية والمساواة مع الرجل ..وهي ذات شخصية قوية .. شخصية ماجدة في فيلم
ماجدة .
ثم شخصية الصحفية في فيلم ..التي تقوم ببحث صحفي عن أسباب تلوث في نهر بالعرائش يؤدي اٍلى أمراض خطيرة وتواجه بذلك الصعاب ..
2-    نموذج المرأة الضحية ..ضحية مجتمع ..نموذج ملاك بطلة فيلمه السينمائي المطول الأول , التي تحمل بابن غير شرعي فتعاني الأمرين ..ونموذج المرأة ضحية الشعوذة والخرافات ..فيلم سيدة الفجر
وخلال ثماني سنوات أنجز فيها عبد السلام الكلاعي  وبعصاميته الفذة أفلاما قصيرة  وتلفزية كان هاجسه موضوع المٍرأة دون شك وتطوير أداته الفنية  بشكل دؤوب ومستمر ..
فهل تلك المحاولات و المقاربات السينمائية أنجزت واقعا فنيا جديدا..يعد مكسبا له وأسلوبا متميزا داخل الحقل السينمائي المغربي أم اجترارا لتجارب سابقة  وانجازا لأفلام فقط من أجل أنجازها ..؟؟
وأنا أعتقد أن السينما هي فن يخلق واقعا جديدا ولا يستنسخه ..وأن آفة السينما المغربية تتمثل في عدم استيعاب  الكثير من المخرجين لجوهر السينما وآلياتها التقنية والفنية لدلك فاٍنهم يستنسخون  الواقع فنرى أفلاما رخوة لا حيوية فيها تشبه الحكايات التي نراها كل يوم واللغة التي نستمع اٍليها ..
ومخرجنا في بعض محطاته الفنية تميز أسلوبه بالسكونية وانعدام الحيوية ووسم بسمة المشهدية حيث لجأ اٍلى وصف لحظات درامية هي غاية في الأهمية من خلال مشاهد سوف اسميها \مشاهد احتماء scene de coverture وهي مشاهد عامة تجمع شخصيتن او اكثر تلتقطها الكاميرا من زاوية ساكنة \ حتى باتت سمة مميزة في بعض أفلامه
 ..ولن أستحضر كل المشاهد المعنية أو أقوم باٍحصاء ذلك فقط أعطي مثالا من فيلم ماجدة .ففي أوج أزمة حياة زوجية ,يلتقط لنا المخرج مشهد ماجدة وهي تتشاجر مع زوجها وتعد حقيبتها كي ترحل عنه والزوج مصدوما يتوسل اٍليها ..يلجأ مخرجنا اٍلى تصوير المشهد من زاوية نظر كاميرا ستاتيك و مشهد عام حيث لا نرى تعبير الممثلين الذي يمر على وجوههم ونكتفي كمتلقين أن نبقى محايدين خارج المشهد , وهذا النوع من المشهدية السكونية كثيرا ما يلجأ اٍليه في مواقف تتطلب دينامية في تنويع اللقطات ووجهات النظر من أجل تأزيم الموقف فنيا ,والاٍلقاء بالمتلقي في قلب المواقف الدرامية ..وسلبه انتباهه ..
اٍن اللجوء في الكثير من ألأافلام المغربية اٍلى مشاهد الاحتماء لهو علامة اٍفقار وقتل لروح السينما التي قوامها التفتيت والتركيب والحركة الذائبة ..وقد نجد لعبد السلام الكلاعي مبررا في كونها أفلاما تلفزية باٍنتاج ضعيف ..أو يقول قائل اٍنه اختيار فني ..اٍلا أن تلك السمة المهيمنة التي ميزت السينما المغربية في بداياتها وبدائيتها ..
وطبعا فاٍن عموم المخرجين يلجأون بعد تصوير كل متتالية اٍلى اٍعادة تصوير مشهد  للاحتماء , مشهد جامع وعام  , حتى اٍذا ما وقعت الكثير من الأخطاء في الربط RACORD أو افسد الشريط في التحميض فاٍن الموظب MONTEUR   يلجأ اٍلى استعمال مشهد الاحتماء لانقاذ الموقف ..هذا هو الهدف من تصوير الكثير من مشاهد الاحتماء في آخر متتالية وطبعا أحيانا تستدعي الضرورة الفنية أن يكون هدفا أساسيا وليس ثانويا ..
ونحن نرجأ السبب في التشبث بهذه العادة السيئة(انجاز افلام يغلب عليها طابع المشهدية ) عند مخرجين مغاربة هم في بداية الطريق ..ويعتقدون أنهم تمكنوا من الصنعة اٍلى الخوف من خوض تجربة تفتيت الفضاء المتخيل FiCTIF واٍعادة تركيبه بشخوصه وديكوراته دون السقوط في أخطاء الربط LES Faux RACORD ..ثم اٍلى عدم الأستعداد الجيد قبل تصوير أية متتالية  أومشهد وتفادي الارتجال عن طريق التقطيع السينمائي والمشاهد المصورة STORY BORD  مع العلم أن مخرجين كبار من أمثال هتشكوك كان يدرس المشهد ويقطعه دراسة متأنية قبل أن يبدأ في تصويره وكان يعرف النتائج التي يود الحصول عليها بشكل مسبق ..
وبالرغم مما قلته عن سمة مشهدية الاحتماء اٍن صح التعبير في أفلام عبد السلام الكلاعي التلفزية , فاٍنه استطاع أن ينجز لحظات ذروة في الكثير من أفلامه وبفنية وجمالية ملحوظتين موظفا عدة تقنيات  .
فمن خلال تقنية الرؤية العصفورية PLONGEE  انجز لقطة رائعة في فيلم سيدة الفجر . عندما_ومن بعيد _نرى مجموعة من النسوة يتخلصن من الحائك الابيض الذي كن ملفوفات فيه ويلقين به على الحقل في كوريوغرافيا جميلة ويجرين نحو النهر , هذة اللقطة الباهرة بفنيتها , والتي أنارت مجمل الفيلم بعمقها واٍنسانيتها ..والتي ذكرتني بأجواء  أفلام طاركوفسكي .
لعبد السلام الكلاعي لقطات ومشاهد غاية في الدرامتيكية والجمالية كذلك فقد أفلح في استعمال اللقطة المكبرة على وجه ممثله الذي صاحبه في الكثير من الأفلام acteur fetiche محمد مجد . فقد استعمل اللقطة المكبرة بشكل حاسم تطلبه الموقف الدرامي فكشف من خلال حدسه الفني وأداته _اللقطة المكبرة _عن اٍمكانيات تعبيرية اٍنسانية هائلة ومن خلال لقطة فقط لخص فيها الكثير من المواقف والكثير من الكلام الذي لا جدوى من ورائه .
وخلاصة القول أن عبد السلام الكلاعي يمضي في تطوير رؤيته الفنية وأدواته بشكل مقنع , ويريد أن يجعلنا نشعر أنه يكتب بالكاميرا وبشكل مثير عن المٍرأة المغربية / العربية التي لم يمنحها بعد هذا الربيع العربي أهليتها واٍنسانيتها ..
وأود ان أشير أنني لم أستطع أن أتطرق بالتحليل اٍلى فيلمه السنيمائي الأخير ملاك لأن ظروف اٍقامتي خارج الوطن منعتني من رؤيته , وبالتالي فاٍنني لن أستطيع أن أحكم أو أقيم , كيف انتقل مخرجنا من شوط التلفزة اٍلى السينما فنيا وما هو الجديد عنده وهو يدشن أولى أفلامه الطويلة  ملاك فقط أعرف أنه عرض لأول مرة في مهرجان مراكش وأن مخرج فيلم "صمت الحملان" الأمريكي جوناتان ديم قد رأى "ملاك" وأثنى عليه   قائلا :


J’ai aussi trouvé les films d’une trés grande qualité, esthétiquement parlant , mais aussi sur les plans du jeu d’acteurs et de la technique.
J’ai vraiment vu des filmes formidables comme par exemple “Malak” d’ Abdeslam Kelai, qui donne a voir les difficultés d’une jeune fille qui se trouve enceinte.
Jonathan Demme? Le réalisateur de “Lesilence des agneaux”

*كاتب وباحث في السينما
عزيز بلحجام *