الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  رأي العين    
السينما في كل مكان

  د.نور الدين محقق   

  أصبح من العادي جدا القول بأن عصرنا الحالي هو عصر الصورة بامتياز . ذلك أن الصورة قد أصبحت حاضرة و بشكل مكثف في كل مجالات الحياة اليومية بدءا من تسجيل الأفراح و وصولا إلى الأفلام السينمائية بمختلف تجلياتها و أنواعها مرورا  طبعا بالأفلام السينمائية القصيرة العادية وصولا إلى الأفلام السينمائية القصيرة جدا ، و التي غالبا ما أصبحت تصور بالهواتف المحمولة و تقام لها مهرجانات أو ملتقيات صغرى خاصة بها، يكون  الغرض منها تربويا / فنيا . هكذا و مع التطور الهائل للوسائل التقنية خصوصا ما تعلق منها بالحوامل المحمولة الذكية أصبح من اللازم و الضروري الحرص على تعليم الناشئة كيفية التعامل مع هذه الصور من مختلف النواحي بدءا من الناحية القانونية  و  وصولا إلى الناحية الإبداعية التي تجعل من التعامل مع الصورة فنا قائما بذاته ، بحيث يتحول من مجرد الرغبة في عملية التصوير إلى إبداع في هذه العملية و تحويلها إلى فن قائم الذات. وذلك لا يتم إلا  انطلاقا من تنظيم ورشات سينمائية صغرى ضمن برامج المهرجانات السينمائية التي تقام أو تنظيم ورشات تربوية خاصة تهتم بمجال التربية على الصورة إنجازا و مشاهدة و قراءة . وهو أمر أصبح يفرض ذاته في ظل التحولات الثقافية العالمية التي أصبحت الصورة فيها تحتل موقع الصدارة .
 من هنا و اعتمادا على هذا المنظور الشامل يصبح الفن السينمائي باعتباره رؤية للحياة و تعبيرا عنها من خلال أفلام سينمائية طويلة أو متوسطة أو قصيرة أو قصيرة جدا  مطلوبا ومرغوبا فيه ، خصوصا حين يتم دمجه في إطار ثقافي كلي يعترف به إن على مستوى الاحتراف وهو أمر  موجود و إن على مستوى الهواية وهو أمر يجب تشجيعه و العمل على تطويره داخل المؤسسات التربوية/ التعليمية بدءا من المستوى الابتدائي و وصولا إلى المستوى الجامعي .
   طبعا موازاة مع هذا الاهتمام التقني بفن الصورة و عملية إتقان التحكم فيها يجب الاهتمام و بشكل أساسي بالنواحي الثقافية المرتبطة بالصورة بشكل عام وبالصورة السينمائية بشكل خاص . ولا يتم ذلك إلا بتدريس مختلفات النظريات الثقافية التي ارتبطت بمجال الصورة و تناولت مختلف مكوناتها الجمالية و السوسيولوجية و الأنثروبولوجية و ما سوى ذلك ، حتى يكون المتعلم على دراية بمجال الصورة التي يريد التعامل معها و اتخاذها وسيلة للتعبير الفني بعد ذلك و أن يتعامل بطريقة تحولها من التقريرية السينمائية إلى الإيحاء الفيلمي ، على حد تعبير  أمبرطو إيكو ، ذلك أن التقريرية ، حسب وجهة نظره هي عملية مشتركة بين كل من التلفزيون و السينما، وهو ما يغيّب عنها طابع الإبداع الفني و يدخلها ضمن المجال المهني ليس إلا ، على الرغم طبعا من أهميته وضروريته .
  إن الصورة ، وكما يقول رولان بارت هي أيقونة العصر ، وبما أنها كذلك فعلى الجميع أن يصبح قادرا على عملية استعمالها ، ليس بشكل آلي و تلقائي فحسب و إنما بشكل فني راقي يحولها من إطارها التسجيلي البسيط إلى إطار فني مركب . و ليس هناك فن أبهى يعتمد على عنصر الصورة ، كما هو الأمر مع الفن السينمائي .  إذن لنجعل السينما ،و بشكل فني راق و متحضر ،حاضرة في كل مكان ، في البيت و في المدرسة و في الجامعة و في مراكز التكوين ...فالسينما هي ثقافة المجتمع الحالي.

د.نورالدين محقق