الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
السينما المغربية.. أية أفلام ولأي جمهور؟

أسدل الستار مساء السبت الماضي على فعاليات الدورة 18 للمهرجان القومي للسينما بالمغرب، الذي احتضنته مدينة طنجة على مدى أسبوع من عروض المسابقتين الرسميتين للأفلام الطويلة والقصيرة والندوات التي توجت بلقاء لعرض حصيلة مثيرة للجدل بين مهنيي وعشاق الفن السابع بالمملكة، خصوصا في ما يتصل بمعادلة "الكم والكيف".


فقد كرست هذه الحصيلة -التي عرض مؤشراتها الرقمية مدير المركز السينمائي المغربي صارم الفاسي الفهري قبيل حفل اختتام المهرجان- استمرار الوتيرة الإنتاجية ذاتها التي تتجاوز العشرين فيلما في العام، وهو معدل يبقى مرتفعا بالمعيار الإقليمي والعربي.


لكن سؤال الجودة بات يطرح بإلحاح، وتجسد هذا العام نفسه في عدم اختيار أي فيلم مغربي للمشاركة في مهرجان مراكش الدولي، وهو ما أثار نقاشا واسعا في المشهد الثقافي والفني المغربي.


معادلة رفع مستوى الأفلام بالتزامن مع دعم مشاريع الإنتاج لا تحل بمساطر إدارية أو قرارات فوقية، بل عبر إعادة النظر في السياسة السينمائية ككل تضع في صلبها إشكالية التكوين، بحسب رئيس الجمعية المغربية لنقاد السينما خليل الدمون.


ويقول الدمون "إننا نجني حصاد ما تم التخطيط له قبل عشر سنوات، حين راهنت الإدارة الوصية على الكم، واليوم تبين أن هذا التوجه كان خاطئا"، مضيفا أن المهنيين مقتنعون اليوم بهذا المأزق وبضرورة تجاوز الحلول الجزئية القصيرة الأفق، والتأسيس لصناعة سينمائية حقيقية.


مشروع خاسر


ولا يتعلق الأمر فقط بالعمل على رفع مستوى الجودة عبر تشجيع إنجاز أفلام ذات لغة سينمائية راقية تعيش جنبا إلى جنب مع أفلام تجارية، بل أساسا بإيجاد أسواق يتنفس فيها الفيلم المغربي -الذي وصفه بأنه "مشروع خاسر اقتصاديا"- وتشجيع الاستثمار في القطاع، فضلا عن الانكباب على الثغرات في حلقات التكوين ومشكلة القاعات المنقرضة وغيرها.


ولم ينف مدير المركز السينمائي المغربي وجود مشكلة حقيقية على مستوى معدل الجودة الفنية في القائمة الإجمالية للأعمال المنجزة، وتحدث عن مبادرة المركز بإقامة نظام ورشات لتطوير كتابة السيناريو بالنسبة للأفلام المغربية الحاصلة على الدعم الحكومي.


هذه الورشات التي تجرى بمدينة إفران تحت إشراف خبراء أجانب في مجال كتابة السيناريو، استفاد منها 12 فيلما في 2015 و13 فيلما في 2016، وينبغي انتظار خروج هذه الأعمال إلى الوجود لتقييم نتائج هذه المبادرة في ظل تداول واسع لعبارة: "السيناريو عطب السينما المغربية".


واعتبر صارم الفاسي الفهري، أن المستوى العام لجودة الأفلام في الدورة الـ18 للمهرجان القومي للفيلم يجيب عن التساؤلات التي طرحها المشهد السينمائي المغربي حول غياب الفيلم المغربي عن مسابقة المهرجان الدولي لمراكش في دورته المنصرمة.


إنتاج وانقراض


يبدو أن حركية الإنتاج تحافظ على وتيرتها التي دشنت قبل أزيد من عشر سنوات مع تعزيز الاعتمادات الموجهة لصناعة الأفلام، حيث تم العام الماضي إنتاج 24 فيلما، وهو ما يضع مهنيي القطاع على محطة مفصلية، تسمها مفارقة الإنتاج المتنامي في ظل الانقراض المتواصل للقاعات السينمائية وتناقص الإقبال على ما بقي منها.


فالمؤشرات الرقمية التي عرضها المركز السينمائي بمناسبة المهرجان، تشير إلى انخفاض بنسبة 17% لمرتادي القاعات السينمائية.


غير أن مدير المؤسسة الوصية تعهد بتركيز العمل خلال المرحلة المقبلة على دعم إنشاء وتحديث القاعات السينمائية، لاستيعاب وإنعاش الجدوى الاقتصادية التي تحفز على الاستثمار في قطاع الفن السابع.


هذا الوعي بإشكالية التوزيع يتخذ بعدا خارج الحدود المغربية، والعين على أكبر سوق سينمائية في المنطقة العربية -وهي السوق المصرية- من أجل فتح القاعات السينمائية أمام أفلام مغربية.


في هذا الصدد، حل ضيفا على المهرجان القومي وفد مصري مهم من رؤساء الهيئات المعنية، يضم رئيس المركز القومي للسينما رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية خالد عبد الجليل، والمنتج محمد العدل (العدل غروب)، ورئيس اتحاد النقابات الفنية المخرج عمر عبد العزيز، ونقيب السينمائيين رئيس اتحاد الفنانين العرب المخرج مسعد فودة.


ويتجه مشروع التعاون المغربي المصري في هذا الأفق نحو تسهيل مشاريع تصوير الأفلام في البلدين، وتعزيز التبادل في التكوين بالمهن السينمائية وخصوصا السيناريو، وفتح قنوات توزيع الفيلم المغربي بالسوق المصرية، ودعم الإنتاج المشترك.


وفي ظل العائق الذي تشكله اللهجة المغربية بالنسبة للمتفرج المصري (والمشرقي عموما)، تقرر تدشين هذا المشروع باختيار خمسة أفلام مغربية للعرض في القاعات المصرية، مصحوبة بترجمة مكتوبة بالفصحى.


هي منظومة سينمائية نجحت في إرساء مقومات لانطلاق صناعة سينمائية، ومنحت الفن السابع المغربي إشعاعا معتبرا في المهرجانات الدولية، لكن بعض المهنيين والنقاد يتحدثون عن مشهد يعاني صعوبة في "التنفس" ولا يستطيع العيش دون "أوكسجين صناعي" يتمثل في الدعم الذي تخصصه الدولة لإنتاج الأفلام.

عن الجزيرة.نيت- نزار الفراوي