الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
وريقات في الهواء..رسائل للطاهر الشريعة..الحلقة الثانية
هل نفرط في الأيام للخواص


الحلقة الثانية


العراب الطاهر الشريعة
لا أريد إزعاجك هذا الصباح بل أبوح لك ما اشعر به وأنا جالس في شارع بورقيبة أرنو إلى أفق  السينما والثقافة التونسيتين، أتذكر  وأتمنى وأحلم.

أي المهرجانات نود أن يكون مهرجان أيام قرطاج السينمائية ؟
أنا لست بالهدام ولا أحمل معولا لهدم أي صرح ثقافي. مهرجان قرطاج الذي أسست وأعطيته مسارا جعله يصمد هو اليوم من أهم مكونات التراث اللامادي.

هل تذكر ربيع 1974 عندما كاد المهرجان أن يندثر وقد أتى ذلك ، ويا للدهشة، من كاتب كبيرهو محمود المسعدي، وكيف حبّرت أنت ذلك النص الرهيب ، في شكل تقرير ، أحافظ على نسخة منه كالطلسم، وبينت أهدافه، وبالوثائق برهنت ما فعل المهرجان على المستوى العربي والإفريقي ، وحتى العالم، من قلب لمفاهيم سينما الجنوب ، وكنت مدافعا شرسا على هوية المهرجان،،،

وأنا أتذكر ذلك التقرير بدأت أرجع بالذاكرة للمهرجانات العربية والإفريقية التي حضرتها، ولم أحضرها وأتساءل أي نموذج من تلك المهرجانات نحتذي به ، وهل ان ايام قرطاج السينمائية يحتذى بها أم هي في حاجة لمسخ نفسها ، وأنا راجع هذا الأسبوع من مهرجان عنابة للفلم المتوسطي،،،الذي كان على درجة من الرداءة ومن عدم التنظيم ومن الارتجال ما يجعلني أتساءل : هل ان المهرجانات هي احتفاليات لتبذير المال العام او منارة لخدمة السينما
وهل بقي شيء اسمه سينما أصلا ؟
العالم كما تعرف تحول ، وتطور ، وتقهقر والحديث عن السينما اصبح كالحديث عن المخطوطات في زمن الكتاب الإلكتروني ،،،وها نحن نبحث اليوم عن الحفاظ على الموروث السينمائي في ندوة المهرجان التي أتى عنوانها "تراث سينمائي في خطر" وهي المرة الثالثة التي يطرح فيها هذا الموضوع ودار لقمان على حالها
اليوم نتحدث عن الشاشات الأربعة وتحول مفهوم السينما تماماً ولا بد من أن ينكب علماء الاجتماع والاقتصاد على تطور مفاهيم علاقة المتفرج بالصورة المتحركة والشاشات الأربعة ، الشاشة الفضية (السينما) والشاشة الكاتودية ( التلفزيون او التلفاز ، لم نتفق حتى اليوم حول تسميته) والشاشة الرقمية ( كومبيوتر مكتب او محمول) واللوحة والسما رتفون ،،،

وأنا راجع من الجزائر وفي مكتب الشرطة التونسية ، شدني مشهد ، دونته في كناشي الذي سميته ، " يبارك في ترابك يا تونس ،،،" أسجل فيه كل الإعوجاجات الناتجة على ما يسمى ثورة وكيف يطوع التخلف الحرية الى فوضى والديموقراطية الى اعتباطية فردية، كان الشرطي يتثبت في الجوازات وأمامه مركون على كومة من الجوازات جهاز سمسونغ وهو يتابع مقابلة في كرة القدم ،،،فما بالك في الأفلام
قاعات السينما تحولت وأصبحت في الجيوب وفي المكاتب وفي المحافظ
أما القاعة الكلاسيكية فهي تعتمد على براديغمات أخرى

سي الطاهر
أسمعني أنا شارد في هذه التساؤلات امام ما اشعر به من خطر على المهرجان الذي أسسته انت مع السيد الشاذلي القليبي ،،،واستمحك بإن اقتطف من هذا النص البيان الذي قرأه السيد الشاذلي القليبي في افتتاح الدورة الاولى وبقي ينشر في كتاب المهرجان لغاية سنة 1972 . وهو بالنسبة لي دستور المهرجان وفقرة من اول قانون اساسي الذي تغير من دورة الى دورة حتى ان النحرير ابراهيم اللطيف حول ديباجته التي هي كنهه وفلسفته وديدنه لسطر واحد حتى لا يتقيد بطابعه الوطني والعربي والإفريقي ولا يعلم ان هذا المهرجان ولد من رحم هبة افريقيا والعالم العربي للتحرر لا من الاستعمار البالي، استعمار الارض، بل لتحرير الثقافة، والفكر والمخيال والبصر من ربقة الاجتثاث

في أول نص كتبه الشاذلي القليبي أتى ما يلي وبالحرف الواحد:

" لم يكن قصدنا من تنظيم هذه الأيام السينمائية ( لاحظو ان كلمة مهرجان لا وجود لها في تعليق الكاتب) تقليدا لعادة شاعت في الكثير من بلدان العالم.
فليس من عاداتنا ان نحتذي ولا من همنا ان نضيف مهرجانا جديدا الى سلسلة المهرجانات العالمية التي تعنى بالسينما في شتى المواسم.
الذي قصدناه هو ابسط وهو في نفس الوقت انسب الى وضعنا وإمكانياتنا .
فقد اردنا اولا وبالذات تيسير اللقاء بين " النابتة" السينمائية في تونس  - وغيرها من بلاد المغرب وأفريقيا- وثلة من الرجال الذين سبقوهم في هذا الميدان ، على اختلاف مشاربهم ، آملين ان يثمر هذا اللقاء فيصبح تعارفا قد يعقبه التعاون والتخاطب. ...
فالحديث عن السينما إنما هو حديث عن الإنسان ومشاغله  وما يصبو اليه. فليس خيرا منه وسيلة لتقريب الشقة بين الأفراد والشعوب لتأليف قلوبهم بجعلهم يتكلمون لغة واحدة وينظرون إلى الدنيا نظرة واحدة – ولو حينا قصيرا من الزمن .
فعسى أن تكون هذه " الايام" لا حلبة تسابق وتنافس بل مجالا للتعارف والتآخي.
هل هناك ما هو أوضح .
اشعر اليوم ان سجاد الفكر والوطنية والأصالة سحب من تحت ارجلنا نحن الذين حلمنا وبسط سجاد احمر كان اليوم موضوخ تندر كل الصحف اذ كان خفروشا علو مطبات سقط فوقه العديد من النجيمات وتعرين امام الكاميرات.
هل تعرف عما تحدث وسائل الاعلام
عن احسن الفساتين
عن النجوم ، ولا نجوم لنا ،عن الهوامش
سوف احدثك هن الافلام والبرمجة بل قي هذا اليوم الاول اسوق لك ما سجلته عابرا في كنشي

 التاسعة صباحا
كنت اود ان احضر نقاش فلم زهرة حلب لرضا الباهي وافصح له رأيي عن الفلم
دار الثقافة ابن خلدون مغلوقة للترميم والنقاش لا وجود له وهو  اهم صرح في مهرجان  قرطاج و قد سقط اذ ان اهم ما ينتظره احباء السينما هو اللقاء مع المخرجين والنقاش معهم وحتى احراجهم وهم فخورين بذلك.

العاشرة صباحا
حضور ندوة "تراث سينمائي في خطر" وهو عنوان أطروحة حمادي بوعبيد وموضوع حساس
الموضوع مهم وخطير واثني على مستوى المتدخلين كل من ميدانه وتجربته وان كان الموضوع قد طرح في العديد من الاماكن وان مستوى التدخلات كان راقيا وحرفيا... الا انني اشك في ان ينبثق عن الندوة اي مشروع عملي
سيختتم المهرجان والكل يرجع لقواعده ولا حلول عملية لأننا في بلدان الجنوب على اطلاع بما يدور في العالم المتقدم ونطرح القضايا نظريا لكن لا من مجيب ونبقى دوما بين الدهشة والسخط وتحبير اللوائح.
ستكون هناك توصيات تنشر ربما ملخصة في وسائل الاعلام ان حضرت وتطوى الصفحة فموضوع على ذا المستوى من الخطورة لا بد ان يطرح على مستوى  اصحاب القرار في القمة الافريقية او اليونسكو والإسسكو الغائبيتن

البحث عن الوثائق

أصبح الكاتلوغ ستة كاتالوغات في رزمة واحدة ولما اتصفحه ابكي عن اللغة العربية واشعر انني في مهرجان نامور للسنما الفرنكوفونية  فالفرنكوفونية ليست عيبا وانا شخصيا اعتز بفرنكوفونيتي كرديف للغتي وكشباك يفتح على ثقافات العالم لكن اومن مع غاندي " ان تهب رياح ثقافات العالم على شبابيك  البيت شريطة ان لا تحطم البيت كله"
اذكر أمر بسيط ومفزع أسر اليك  على أناقة الطباعة تجد أسماء المخرجين العرب مترجمة صوتيا من الحروف اللا تينية مرة اخرى قاسم حول
في جذاذة فلم الحارس اسمه قسّام حوّال (انه الجهل يا اخي) طبعا من نريد الشباب تسلم ناصية الامور لكن شباب مثقف وليس من بطانة اولاد المرسى والاحواز الذهبية الكارعون من مناهل ويكيبديا
فقط هل يدلني احد على برنامج العروض باللغة العربية  مطبوعا أو على موقع المهرجان .. يا عرب تعلموا الفرنسية قبل ان تاتونا
وهذا ليس بغريب فقبل كل مهرجان قرطاج منذ درة بشوشة يسند وسام "الليجيون دونور" الفرنسية  إلى مدير المهرجان

بعد الظهر
تود أن تلتقي بالنقاد والمخرجين والباحثين والمنتجين لا تعرف اين هم وهل قدموا فعلا كما روج لهم ومتى
تتذكر سي الطاهر لما كنت تصر ونحن نعد النشرة اليومية التي كانت تسحب ليلا من طرف متطوعي نوادي السينما على ساحبة من الفرون الوسطى لكن كنا ننشر يوميا قائمة الزوار ورقم غرفهم  وكم كنا نتخاطف تلك النشرية المسحوبة يدويا ونعتز بها
وهاهي، النشرية اليومية، مفخرة المهرجان  وملحها، الغيت وقيل لنا اننا خارج العصر وعلينا أن ننتقل لتويتر وفايس بوك ويوتوب، أي أننا ندخل حضارة مسح الذاكرة ولن نترك وثيقة واحدة تؤرخ للمهرجان
رجعنا لتلك المواقع نجد صورا لأحسن فساتين الافتتاح وأحاديث مقتطفة من القنوات الخ
اصة المختصة في التفاهة

عشية
اجمل ما رأيت في قاعة سيني جميل بحي المنزه أثناء  حضور عرض فلم الحارس وكانت النسخة رديئة جدا وبدون ترجمة
لكن متابعة الحضور كانت مذهلة ولما انيرت الاضواء اكتشفت ان هناك مراهقين فرحين قدمت بهم اساتذتهم في عملية تطوعية ومجتمعية من حي برج الطويل الشعبي  ويا للدهشة كان هناك شباب في الرابعة عشرة افصحوا انهم يدخلون قاعة السينما لأول مرة في حياتهم

ليلا
توجهت لقاعة الريو لأحجز مكانا لفلم " أوغستين " هذا المشروع التونسي الجزائري المصري إخراج سمير سيف  فالتراتيب تقول مع الشارة يجب ان تقطع تذكرة ولو مجانية قبل العرض وهذا يتسبب في فوضى عارمة لكن كانت الشبابيك مغلفة لان المنتج حسب ما قال لي صاحب القاعة المخرج خاتم بن ميلاد قد وزع الف استدعاء .
سي الطاهر
إن أكبر حملة اليوم يقودها ابراهيم اللطيف هي ما يسمى استقلالية المهرجان
الكل يعرف ان المهرجان ينظم باموال الشعب وان قدرتك على الاقناع وارساء المشاريع المزمنة على قواعد صحيحة ادى ان المهرجان كان دوما تنظيميا وماليا تابع للدولة لما لها من قدرة لتذليل الصعاب وكان مستقلا برمجة وفكرا وفنا ويفتخر اوتفتخر تونس ان افلام المخرجان لا تمر ابدا على الرقابة وفي حالتين طرحت مشكلة المنع لفيلم البريئ لعاطف الطيب حضر العرض الاستشاري زين العابدين بن علي وشاهد الفلم وهو مدير الامن بعد ان كان مدير المخابرات العسكرية اقنعناه ولم يمنع الشريط

كيف السبيل للحفاظ على هذا المهرجان والمشروع المطروح هوخوصصة وجعله شركة ذات صبغة ربحية
لو تم ذلك سنقدم قضية لاسترجاع الاصل التجاري الذي اسسناه طيلة خمسين سنة متطوعين ومتحمسين وساحكي في المقالات القدمة عن الوجه التجاري لهذا المهرجان

سلاما لروحك

عبد الكريم قابوس-تونس