الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
وريقات في الهواء هل يجوز الجد في حفل الصعب..رسائل إلى الطاهر الشريعة من خمسينية مهرجان أيام قرطاج السينمائية


استهلال


الطاهر الشريعة هو مؤسس أيام قرطاج السينمائية وهو أول عربي كتب الروبتاج السينمائي، وعدة مقالات نشرت في اول مجلة سينمائية تونسية اسسها هو وكانت تلك المقالات بمثابة مفاجأة قال عنها الشاذلي القليبي أنها " أدب النقد السينمائي"
وعنوان تلك المجموعة من المقالات هو : "وريقات في الهواء  استعرناه تحية لما قام به"


الأب أو الأخ أو العراب سي الطاهر أو عم الطاهر

 أو كما أريد أن أسميك مازحا  " جو بيتر" السينما التونسية الذي لولاه لما خرجت السينما في بلادنا من عدم .
 نعترف لك بتأسيس كل شاردة وواردة في السينما التونسية من نوادي السينما لأول ادارة سينما لأول مجلة سينمائية لأول مهرجان سنمائي عربي وأفريقي بقي صامدا من اجل الرسالة التي تركتها وكرسها مريدوك طيلة أربعين سنة وبدأ يتلاشى منذ عشر سنوات لما استفحل الجهل وعم مفهوم المال والفساد زمن زين العابدين بن علي واختطف المهرجان منتجون خواص عوض الإدارة ومعها الجمعيات السينمائية التي همشت اليوم .

اكتب لك من افتتاح الدورة السابعة والعشرين من أيام قرطاج السينمائية بدون حضورك ولا ذكرك إلا بسرعة خاطفة وكأنه كان لزاما على المنظمين ذكر اسمك ...
وبعد الخروج من الافتتاح كنتُ مبتهجا لعدم ذكرك وذكر خصالك حتى لا تدنس ذاكرتك وذاكرة المهرجان الذي اغتصبه ما اسميه " حلزون المطر الأخير" ... وأسوق لك بعض ما رأيت وكيف اشمززت وغضبت مما شاهدت ولاحظت وأنا الذي عن طريقك حضرت افتتاح كل الدورات إلا دورة واحدة وأنت تعلم حادث السيارة التاكسي التي دعستني وأنا متجه للافتتاح ولما زرتني سألتني عن صحتي وعن رحلتي من الغد إلى حلب لإلقاء محاضرتي عن مصطفى العقاد تكريما له وكيف أنني بكيت لعدم الذهاب إلى حلب.
توفي العقاد كما تعلم في حادث تفجير ،،،ًوراحت حلب ،،  وها هي حلب تعود في افتتاح المهرجان وتهرب مني بعد صدمة مشاهدة هذا الفلم.
ولم تصبر أنت لحضور الخمسينية وكنت تتمنَّى ذلك...
 لما رحلت عنا  أياما قليلة قبل تلك الهبة الشعبية التي يسمونها ثورة ، وهي في الأساس انفجار مجتمعي نتيجة ما بدأت انت ورفاقك في الخمسينات من نفخه في صدور الأجيال من توق للديمقراطية والعلمانية عن طريق السينما وكنا مريديك وواصلنا تلك الشحنة في الجامعة كطلاب ثم كأساتذة ومن مواقع أخرى في المجتمع ... يعرف القليل القليل فحوى تلك الأوراق التي سانشر ها والتي سلمتني إياها ذات صيف وأنا أسجل مذكراتك بانك كنت سنة 1959 المرشح التقدمي الوحيد في تونس ( عن دائرة صفاقس) وكيف أسقطت القائمة في اول انتخابات في تونس المستقلة حتى تكون تاريخيا اول شاهد على التزوير السياسي.

سي الطاهر
او السي الطاخر كما يقولون في المغرب
لم تكن سينيفليا حقيقيا فحسب بل انك كنت  ديمقراطيا فذا  لان السينما هي الجسد الوحيد الذي لا يذوب في الرجعية بل يتصلب فيها ويعكر سوائلها بأسئلتها وهذا حديث آخر ...و
حتى اهرب من تقليد أسلوبك الجميل المعروف بالبديع في اللغة وانت الأستاذ النحرير في الادب بشهادة تلامذتك الذين يشهدون لك وهم وزراء ونواب في البرلمان وأطباء والذين كلما اعترضني لا يسألوني عن السينما التونسية ... بل عن الطاهر الشريعة

أكتب لك وأنا أرى خيالك بجبتك وغليونك ومحفضتك ،،،لكن في هذه الخمسينية لم أر أحدا من المؤسسين ولا من الذين سهروا عن صيرورة مهرجان أيام قرطاج السينمائية وها أنا أهدي لقراء سينفيليا التي اخترت مراسلتك عن طريقها قائمة كاملة للهيآت المديرة التي نظمت المهرجان ( انظر الرابط الأسماء باللون الأخضر مديرين والأسماء التي تحتها سطر نساء).

هل تعلم ان أي من الذين بنو صرح المهرجان من وزراء أحياء ومديرين ومناضلين سينفيلين لم تقع دعوته بل بسط سجاد أحمر للعوام والقاصي والداني . البساط الأحمر الذي كنتَ تمجه منذ أن استوردته درة بشوشة وكرسه إبراهيم اللطيف في محاكاة بليدة وركيكة لمهرجان كان الفرنسي وبرلين الألماني الذي كنت لا تحبه والبندقية التي كنت تسخر منه لأنه لا يعترف وقتها  بالسينما العربية ولا الإفريقية إلا بعد تدخلاتك لما أصبحت مسؤولا عن السينما في المنظمة الفرانكفونية وساعده على ذلك صديقك سانغور الذي كنت تترجم لنا أشعاره وانت المفتون بالشعر
شفت البارحة مسخا لذاكرتك
كان الافتتاح استعراض عضلات تكنولوجية من تصميم وأضواء وبهرج بصري وكان المهرجان هو مهرجان تصميم وديزاين ،،، وكانت اللغة العربية غائبة ومسخها روئيس المهرجاًن لما قرأ كلمته واقترف خطا في كل سطر
لكن الأدهى عندما تعرض الأسماء والتظاهرات على الشاشة ( والحفل يبث مباشرة على القناة الوطنية الأولى) كان الكل بالحروف اللاتينية وهذا خرق للفصل الأول من الدستور الذي تكبدنا سنتين في كتابته وضمنا عروبة تونس قبل إسلامها.
أعلمك أن هذه الدورة مجددة فعلا فقد كانت لجان التحكيم فعلا افتراضية لم يعتل المنصة الا عبد الرحمان سيسكو لأن فوضى التنظيم جعلت من تذاكر السفر ترسل يومين قبل المهرجان
وما معنى افتتاح بدون تقديم لجان التحكيم.
كنت أتصور ان يدعى اهم الوجوه التي شاركت في لجان التحكيم وأصبحت منارات قي الثقافة العالمية.
اذكر على سبيل المثال صديقك النيجيري العظيم صاحب اول جائزة نوبل للآداب من افريقيا والعرب وول سيونكا الذي كان عضو لجنة تحكيم المهرجان سنة 1972 وكيف نظمت لنا نحن معشر نوادي السينما غداء معه وقلت لنا انه مستقبل الادب الافريقي وكنت مولعا به لانه كان معارضا ومناديا بتحرير كل شبر من افريقيا وكان رافع مشعل الدفاع عن شعب غينيا بيساو الباسل.
أمين معلوف الذي اقترحته أنا وثمنته أنت في لجنة التحكيم أو الطاهر بن جلون أو يسمينه خضراء.
كان الركح خاويا  من لجان التحكيم وتكلم عبد الرحمان سيسكو باسم اللجان التحكيم الخمسة التي لا مبرر لها وكان المهرجان في أوجه وأوجك يكتفي بلجنة واحدة.
أضحك وأبكي كلما أرى ملصق المهرجان وكيف أن لعبة الفوتوشوب استولت على لب المصمم لينبهر باللعب بالألوان ويأتي الملصق في شكل غجرية مسروقة من ملصقات تولوز لو تراك وظلها  صورة باهتة للتأنيث العظيمة إلهة النصب والمطر القرطاجنية ،،،نعم كنا الأصل فأصبحنا الفرع ببلادة فرنكوفيلية ركيكة لمن ليس له مرجعية وطنية.
الأغبياء يمرحون اليوم في بلادنا الثورية التي تستنبط  ثوريتها من مفهوم ان الثورة هي أنثى الثور .
لا أزعجك بذكر الذين فقدناهم اصبح الجهل مستفحلا. ففي خانة التكريمات  معقول ان نكرم كروستامي العظيم وادريسا وودراووغو ويوسف شاهين و،كلثوم برناز لانها توفيت  منذ ايام
لكن واعوذ بالله من كلمة لكن كما  كمت تقول.
كان لا بد من تكريم المخرج المخرج الغابوني فيليب موري الذي شارك في خمس دورات في المهرجان وانتحر في جوان الماضي او أندري فايدا الذي كان عضو لجنة التحكيم سنة 1970 على ما اذكر.
أما ذكر الأموات من السينمائيين الذين فقدناهم  فكان من بين أربعة منهم شاب صغير أحبه وصديق ابني، عدنان المؤدب ، في حين ان الجهل غيب ذكر فيليب موري والفضيحة الفضيحة  عدم ذكر صديقك وابن القرية المجاورة لقريتك وزميلك في المدرسة الصادقية وهو أول مخرج تونسي كما  تثبت وثائقك ذلك.
لم استطع ان اسر لك انه في ذاك اليوم الممطر ونحن نودعك في المثوى الاخير اكتشفت المرحوم محمد القويضي حيا كنت احلم بملاقاته لأنك اول من كتب عنه في دراساتك في حلقات بيروت الشهيرة حول السينما العربية التي نظمتها اليونسكو ،،،وواصلت التصال به لاسجل مذكراته ( سجلت ساعة وربع) ،،،ولكن اختطفته المنية، القويضي صاحب اول فلم عن المجلس التأسيسي سنة 1956 وأول افلام عن الجيش والحرس والذي طلب منه الرئيس بورقيبة (ومثل معه) فلما بيداغوجيا عن أولى الانتخابات التي شاركت فيها.
كان الغريب الغريب ولأول مرة يقوم مدير مهرجان "بفسخ" وزير الثقافة في الافتتاح بل قام بلعبة بهلوانية لاستدعاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد لافتتاح المهرجان بكلمة مرتجلة لا ثقافة فيها الا تلك العلكة ان "دور الثقافة لمحاربة الارهاب " وكأننا اكتشفنا دور الثقافة لما بُلينا بالإرهاب في حين ان الارهاب أتى لما همشنا الثقافة بميزانية صفر فاصل كما هو الأمر بالسياسيين المعارضة ونتائجهم في النتخابات صفر فصل وحتى الفاصل راح وبقي الصفر لما استولى المال الخليجي المسفلس بالإسلام السياسي التجاري على المشهد.

والإرهاب يجرنا لفلم الافتتاح لرضا الباهي الذي آثار الدنيا ولم يقعدها بعد ،،،وكانت الصدمة لا لعبد كم الحقير الذي له علاقة بهذا الفلم سأفصح عنها يوما بالوثائق بل لكل الذين حضروا العرض ،،،وفي مقال تحليلي لاحق ساشرحه تشريحا..شاهدنا يا عم الطاهر فيلم رضا الباهي المنتظر " زهرة حلب" فلا وجدنا لا الزهرة ولا حلب.
سألني عدة من المثقفين عند الخروج ومنهم رفيقي وصديقي  المؤرخ وعميد كلية الاداب والفنون والإنسانيات بمنوبة الحبيب الكزدغلي الذي صمد ضد الارهاب في الكلية  اثناء ما نسميه "غزوة العلم" لما أراد جماعة أنصار الشريعة نصب العلم الاسود مكان علم تونس وكيف تصدى الحبيب الكزدغلي والمجتمع المدني ضد ذلك وما كان من النهضة التي كانت في الحكم ان هرّبت ابي عياض وواضع العلم وجرجرت العميد امام المحاكم مدة سنتين
لما سألني قلت له ضاحكا :
فيلم "زهرة حلب" لرضا الباهي يذكرني بالإعلان الإشهاري للمشروب كندي وهو " كندا دراي "
له لون الكحول وطعم الكحول وليس بالكحول
ولو اسقطنا هذا الشعار على "زهرة حلب " لقلنا ان هذا الفلم له لون السينما وطُعم( برفع الطاء)  وليس بالسينما
في اربع جمل يتركب  "زهرة حلب" من ساعة ركيكة وكأنه جزء من مسلسل مبتذل حول تأطير طفل ليصبح إرهابيا ويسافر بسوريا ونصف ساعة في مايدعى أنها حلب بتصوير مشاهد حرب وقتال مبتذلة عن طريق الافلام الجزائرية الاولى او تلك الافلام المبتذلة اللبنانية حول الحرب ،،،أما الاكتشاف هو هند صبري التي اتت وكأنها ممثلة في بداية الطريق غير مقنعة خاصة لما ادعت الشخصية أنها اصبحت مناضلة إسلامية ،،،شريط اسمه باقة من القوالب الجاهزة .
أستسمحك سي الطاهر الشريعة وانت أستاذنا في الحكي لاحكي لك هذه الحادثة
انا استعد للذهاب الى الحفل الذي أقيم في قصر المؤتمرات في تحد للسينما وكنت معك ضد إقامة مهرجان سينمائي في قاعة مسرح أواي فضاء آخر رن الهاتف  وكان على الخط الصديق الذي عرفتني به انت سنة 1977 ببغداد وكنت فخورا به وهو الصديق المبدع العراقي قاسم حول كان مستاء و اعلمني انني لم أحضر حفل الافتتاح  وكان على حالة من التعب والقرف يرثى لها.
لمن لا يعرف قاسم حول هو احد مؤسسي السينما العراقية وهو اول عربي يفوز بأول تانيت في مهرجان ايام قرطاج السينمائية عن فلم " الحارس " للراحل هذه السنة خليل شوقي
تحصل الفلم على التانينت الفضي  سنة 1968وذلك لما حجبت الجائزة الاولى احتجاجا عن المنظمة العالمية (الفيابف) الفدرالية العالمية لمنتجي الافلام والتي تتحكم في المهرجانات ورفضت الترخيص للمهرجان لان تونس تقاطع وقتئذ الشركات الاحتكارية العالمية وأممت قطاع التوزيع  واودعوك السجن من اجل محاربة السينما الامبيالية وتلك قصة أخرى
كان فيلم الحارس تجربة فريدة من نوعها أنتجه عراقي وممثليه من العراق وأخرجه خليل شوقي الذي رحل في الغربة هذه السنة وكان بالأحرى تكريمه
قال لي قاسم الذي اصبح صديقا حميما منذ 1978 والذي تربطه بتونس علاقة حميمية لانه نفذ الأعمال المخبرية لفلميه الأخيرين "المغني" و"بغداد خارج بغداد" في تونس ولا يحلف الا مونتاج نادية بن الرشيد التي ركبت فلم تمبكتو لعبد الرحمان سيسكو  وحازت عنه بجائزة السيزار.
قاسم مخرج وممثل وكاتب وروائي ويكتب أركانا جميلة في الصحف العربية وركنه اليومي في جريدة العالم ورئيس الكتاب المثقفين  الاحرار في المهجر.  بلغ قاسم حول من الهمر عتيا  من العمر عتيا لكنه متمرس وراء المرح. كان قريبا من الشيوعيين لما عرفته هن طريق  فلميه " الأهوار" وشريطه الروائي ذي العنوانين "بيوت في ذلك الزقاق " او " العمل الراسمالي في البيوت". عاش قي بيروت خروبا من بطش االبعث حيث أسس بمعية صديقه غسان كنفاني قسم السينما بالجبهة الشعبية واخرج فيلم " عائد الى حيفا" عن قصة غسان كنفاني ،،،وبعد تشرد بين ليبيا وقبرص واليونان حط الرحال بهولندا اين يعيش وقد أعيد له الاعتبار بعد سقوط صدام وأعيدت له أملاكه في البصرة وهاهو يعد لفيلم الحسين.
مبدع بهذه القامة ينزل المطار لا يجد أحدا في استقباله ويمكث ثلاث ساعات في انتظار نادية بالرشيد التي استطاع ان يتصل بها من هاتف الشاعر المنصف المزغني الذي كان في المطارصدفة  في انتظار شعراء بتظاهرة الشعر في نطاق " صفاقس عاصمة ثقافية" ولما ينزل بنزل أفريكا ينتظر ثلاث ساعات ويقال له انك لست مدعوا ثم يرسل في نزل هامشي في شارع ضيق ولم يعطى دعوة للحضور في حين كان واجبا انه اول من يعتلي المنصة في افتتاح الخمسينية  كأول عربي صاخب جائزة التانيت في تاريخ المهرجان.
تذكرت مقالك الذي له تاريخ وسانشره هنا في "سينفيليا".

سي الطاهر
أغبطك عن غيابك حتى لا ترى فضائح هذا المهرجان الحلم الذي هدر فيه مليون نصف دولار وهو ما يعادل ميزانية الدعم للسينما  التونسية في سنة ،،،ويديره محتسب تحول الى مخرج بدعم ابنة زين الدين بن علي لما كان يشرف على إشهار شركة الأنترنيت التي فرضها أبوها كما فرض الكمبيوتر الشعبي لابتزاز المواطنين
كيف يقع هذا في تونس بعد ما يسمى بالربيع العربي
تونس بلد العجائب بعد ان اعتبرها العالم سباقة هاهي سباقة في رجوع المفسدين
وكما علمتني ان أقول للأعور أعور أتحمل مسؤولية كل ما أقول
وها انا ألجأ الى أصدقائي بالمغرب لان أبواب الصحافة أغلقت بعد رجوع جماعة السابع من نوفمبر تتحكم في الصحافة حسب سوق النخاسة الإعلامية .

غدا حلقة أخرى احكيلك عما فاتك ويفوتك وها انا ادخل القاعة صدفة مع ابنك قيصر ونتحدث عن ضرورة نشر كل أعمالك التي أوصيت بان اشرف على وشرها كتلك الساعات الستة والعشرين التي سجلتها معك في عام 1995.

عبد الكريم قابوس-تونس