الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  كسر الخاطر    
نبيل المالح : رحيل فهد السينما العربية (1936 / 2016 )

  عبد الإله الجوهري   

مات نبيل المالح ، رحل عن دنيانا فهد السينما العربية ، خرج السيد التقدمي ، مؤكدا أنه لن يعود لدنيانا الفانية ، تاركا كومبارس السينما العربية ، من مخرجي اللحظات الأخيرة و قبح الوقت و وحشية الحرب المدمرة ، في عوالمهم السينمائية المبعثرة ...
قراءة بسيطة لمنجزاته السينمائية ، تجعل عشاق السينما و جمهورها العريض ، يعرفون حجم الخسارة و عمق البلاء الذي حل بالفن السابع العربي ، أكثر من 150 فيلم ، افلام تتوزع بين المسلسلات والأشرطة التلفزية و الافلام الوثائقية و الروائية الطويلة و الروائية القصيرة و عشرات الجوائز في ارقى المهرجانات العالمية و العربية ، لوكارنو وكارلو فيفاري و القاهرة و قرطاج و دمشق ..
هوية السينما السورية تشكلت من خلال افلامه ( طبعا إلى جانب افلام سينمائية لمخرجين سوريين آخرين ) ، و أصبحت حقيقة واقعية بأسلوبها المميز و محاورتها للواقع السوري على مدى خمسين سنة ، واقع تشكل في أفلامه بصيغة اكثر عمقا و إبداعا ، أفلام نذكر منها الأكثر شهرة و اهمية و هي : الفهد و الكومبارس و بقايا صور و السيد التقدمي .. أعمال أهلته ليكون عميدا سوريا و ايقونة عربية حقيقية ، ليس فقط من خلالها و بواسطتها و لكن ، ايضا ، من خلال صمته البليغ و تواضعه الجم و أخلاقه العالية و غيرته الوطنية و العربية ، غيرة إنسانية و فنية ، قادته لإنجاز احد افلام ثلاثية " رجال تحت الشمس " ، ثلاثية عرت واقع معاناة شعب يواجه بشكل مفرد ، العدو الرازح على الصدور ، و يفضح اللاميالاة العربية و الدولية ، لرجال يبحثون عن مخرج لمأساتهم ، رجال دقوا الخزان في الصحراء الحارقة ، دون جدوى ..
يرى اغلب النقاد من دارسي تجربة نبيل المالح ، انه كان يشكل مدرسة سينمائية قائمة الذات ، مدرسة إبتعدت ما امكن عن فضاءات السينما الغربية ، التي يتباهى الكثيرون بالنهل من إتجاهاتها و اساليبها " الحداثية " البعيدة عن روح العالم العربي و مشاكله ورؤى مواطنيه في الفن و الحياة ، كان مخرجا شاطرا و الشطارة تعني هنا ، الروح الشامية المتوقدة العارفة بتفاصيل تسويق الفيلم للجمهور العربي و الدفاع عنه في المهرجانات و حصد الجوائز و التنويهات ..
مات نبيل الفن و السلم و السلام ، و سوريا القلب و الروح ، تتمرغ في وحل الحرب و الدمار و تكالب الأعداء و الأصدقاء ، ترك العالم و غصة الوطن رابضة في الصدر و منتصبة كشجرة محروقة أمام العينين ، ذهب ليستريح من عناء و تعب الحياة و معاركها التي لا تنتهي ، تاركا كل من احب سينماه أو خبر إنسانيته الغامرة العامرة بالصدق ، في ذهول مريب و حزن مكين و دهشة مصادرة للفرحة و البسمة ، بسمة يعز في هذا الزمن الاغبر ، أن تزهر على الوجوه أو تظهر في العيون ، الباحثة منذ بداية القصف و الخسف ، عن ساحة للوجود أو مكان عام للراحة ..

عبد الإله الجوهري