الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  مشهد رئيسي    
"سينما المبروك"..ذلك الزمن الذي كان

 الصور  التي ظلت في  ذهني عن  قاعة "سينما المبروك" لاتشبه هذه الصورة بتاتا ، أتذكرها كما لو كانت خارجة للتو  من أحد الأفلام الأوروبية القديمة  قاعة  بديعة  زاهية  دخلتُها  في البداية مع أبي  الذي كان يرافقنا  في المواسم لمشاهدة الأفلام في صالات طنجة السينمائية الباذخة، ثم بعد ذلك وقد اشتد العود لوحدي  في أغلب الأحيان ، كانت عبارة عن طابق واحد يضم ثلاث مستويات للمشاهدة الأول عادي وكراسيه من الخشب ويفصل بينه وبين المستويين الآخرين حائط قصير، ولهذا الجانب باب خاص به، يليه مستوى آخر وهو الذي يأخذ أكبر مساحة في القاعة، به كراسي مريحة ومستوى مشاهدة نموذجي، أما الجانب الأخير فعبارة عن بيوت صغيرة يدخلها من يأتون مترافقين من أزواج  أو صاحب وصاحبته، بحيث لايمكن لمن في المستويين الآخرين أن يرى مايجري في البيوت الصغيرة.
شاهدت ب"سينما المبروك" عبر سنين أفلاما شكلت ذاكرتي ولاوعيي السينمائيين، لكن الذي مازلت أتذكره بوضوح أنها في بداية الثمانينات من القرن الماضي كانت تعرض فيلمين متتاليين : فيلم عربي وآخر غربي، وكنت أداوم على زيارتها لهذا السبب، بحيث أشاهد فيلمين بثمن فيلم واحد.
لم تكن قاعة سينما المبروك فقط فضاء للعرض السينمائي بل مكانا للقاء العشاق وربط علاقات عاطفية، وقد كانت لي تجربة في هذا السياق ظلت موشومة في ذاكرتي حتى اليوم مع  فتاة طلبت مني أن آتيها بتذكرة نظرا للزحام فتطور الأمر لعلاقة عاطفية مراهقة جميلة.
مالا أتذكره ولايمكن لي الحديث عنه هو المهرجان السينمائي الأول في المغرب الذي نظم بها وأظنه كان مهرجانا متوسطيا.
ومن نوادر ماجرى لي في "سينما المبروك" في ذلك العهد الذي لم تكن فيه رقابة  مثل هذه التي أنزلها علينا إخوان بنكيران، وذات فيلم مصنف "ممنوع على أقل من 18 سنة"  وكنت قد تجاوزت الثامنة عشرة بقليل وأبدو أصغر سنا مما أنا عليه بكثير،  قطعت التذكرة، لكن المسؤول عن مراقبة التذاكر رفض إدخالي تحت حجة أني صغير السن، وحينما حاولت إقناعه بالعكس طلب مني البطاقة الوطنية التي لم أكن قد استخرجتها بعد، وهكذا عُدت أجر أذيال الخيبة والحزن لضياع فرصة مشاهدة فيلم لن يتكرر.
الآن، ومنذ سنوات،  وقريبا جدا من مكان عملي بمكتب "سينفيليا"،  تنبت عمارة شاهقة في مكان هذا الفضاء السينمائي الذي كان ولم يعد موجودا.

عبد الكريم واكريم