الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  كسر الخاطر    
السينما المغربية و الإنتاجات المستقلة

  عبد الإله الجوهري   

خلال السنة الجارية ( 2015 ) حققت السينما المغربية قفزة إنتاجية حقيقية ، قفزة تمثلت بداية في عدد الأفلام المصورة و تزاحم عمليات إنتاجها ، تزاحم لازال مفعوله ساريا لحد الساعة ، حتى أصبح الكثير ممن حصلوا على الدعم يحاولون عبثا تحديد تواريخ تكون شيئا ما بعيدة عن التواريخ المزدحمة بالأجندات الفنية للكثير من المخرجين الذين شمروا عن أكمامهم و حددوا تواريخ إعطاء انطلاقة محددة لإنجاز أفلامهم ، مشاريع أفلام متوقفة و أصحابها يراقبون الوضع عن كثب و يترددون قبل تحديد التاريخ المحدد لدوران الكاميرا، سلمى بركاش و عادل الفاضلي و نورالدين الخماري و نرجس النجار و الجيلالي فرحاتي و رؤوف الصباحي و محمد الحسيني و حميد باسكيط و حميد بناني و محسن البصري و محمد زين الدين .. و غيرهم من حاملي المشاريع يجدون صعوبة ، البعض يشرئب لتاريخ قريب لا يتجاوز الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2016 و البعض الآخر ينظر لتواريخ أبعد ، أي لما بعد شهر رمضان ... التزاحم و التهافت لا يعود بالأساس للأفلام المدعمة فقط من صندوق التسبيق على المداخل ، ولكن لدخول بعض المخرجين و المنتجين على خط انجاز أفلام مستقلة منتجة بالكامل من المال الخاص ، أفلام يقف وراءها أسماء آمنت بقدراتها في إمكانية صنع المستحيل و المراهنة على الروح الرأسمالية الوطنية المغامرة و الجمهور الذي يأتي أو قد لا يأتي للقاعات السينمائية المغربية القليلة ، و دعم غير مضمون لما بعد الإنجاز . أفلام ، هي الأخرى ، تساهم في الازدحام و خطف التقنيين و الفنيين القليلين أصلا بالنظر للحاجيات المطلوبة للإبداع السينمائي المغربي . في هذا الإطار الجميل أو التقليد الفني الشجاع ، ( أي إنتاج أفلام بميزانيات مستقلة ) ، انطلقت عمليات التحضير أو التصوير لمجموعة مشاريع فيلمية بمدن مغربية مختلفة ، مشاريع نذكر عملين بصدد التحضير و هما " حلويات السيدة عكاشة " لكمال كمال و " لهبال ديال جوج " لحسن بنجلون وفيلم تم الغنتهاء من تصويره و هو : " البرئ " للشاب أيوب العمراني و بطولة فريد الركراكي و نرجس الحلاق بمدينة الرباط و فيلمين في طور الإنجاز، و هما : " البحث عن السلطة " للمخرج محمد عهد بنسودة ، بطولة عز العرب الكغاط و نفيسة بنشهيدة و محمد بوصبع بمدينة فاس و شريط " نوح لا يعرف العوم " للفنان رشيد الوالي و بطولة ألمع نجوم الشاشة المغربية كسعيدة باعدي و فاطمة عاطف و أستاذ الأجيال جمال الدين الدخيسي و حسن فولان و هشام الوالي... مشاريع عديدة واعدة و متميزة بالنظر لطموحات أصحابها الفنية و التقنية و إصرارهم على الخروج من قوقعة الإعتماد الكامل على الدعم و ثقافة الإتكال القاتلة لمسار سينمانا الوطنية . في هذا الإطار لا يسعني إلا أن احيي هذه المبادرات الفردية / الجماعية ( في نفس الآن ) ، المعتمدة على الروح القتالية العالية ، الروح التي لا تستسلم أو لم تستسلم رغم الإحباطات و الأشواك المزروعة في الطرقات ، هنا أتوقف ( استثناءا ) عند تجربة و شجاعة رشيد الوالي ، الفنان الذي لا يعرف المستحيل رغم الإكراهات المتعددة ، العاشق للفن و الإشتغال ، المجاهد الحقيقي لجعل اسمه دائما في المقدمة ، اسم صنعه بالمثابرة و الدموع و الأخلاق الطيبة ، بل بغض السمع عن النقد و الانتقاد المثبط للعزيمة ، عزيمة تولدت عن نفس عاشقة ، نفس أدت الثمن غاليا في بعض الأحيان ، الكل يتذكر مغامرته الإنتاجية مع فيلم " نهار تزاد طفا الضو " الذي أنتجه ، رفقة صديق عمره المخرج محمد الكغاط ، بأمواله الخاصة ، و كان يأمل أن يحصل آنذاك على دعم ما بعد الإنتاج ، بالنظر للتضحيات و النتيجة المبهرة جماهيريا، لكن أمله اصطدم بصخرة لجنة حكمت على جودة الفيلم من ثقب ضرورة صنع فيلم طليعي يشاهده النقاد في المهرجانات و الملتقيات ،بدل انجاز فيلم جماهيري يشاهد في القاعات السينمائية ، أي حرمته من حقه في الحصول و لو على دعم رمزي ، دعم كان سيشجعه على السير أكثر في هذا الطريق الواعد مثلما كان سيشجع غيره من المنتجين و المخرجين على ركوب نفس المغامرة و بالتالي المساهمة في تحرير رقبة الإنتاج من المال العام ، لكن الرياح هبت بما لم تشتهيه سفن الإنتاج المستقل بالمغرب ، فانكمشت الكثير من الطاقات و تراجعت إلى الوراء ، و لم يبق إلا القلة من المغامرين المقاتلين ، أساسا منهم من له إمكانيات البحث عن الموارد من جهات مختلفة ، أشير هنا لنجوم الشاشة عبد الله فركوس و سعيد الناصري و سناء عكرود ،الذين توفقوا في صنع أفلام بأموالهم الخاصة ، بل و جر منتجين خواص لدخول ساحة الإنتاج السينمائي المغربي و استثمار أموالهم التي لا تستثمر إلا في المشاريع المدرة للربح المضمون .. اليوم مع رشيد الوالي و زملائه المنتجين و المخرجين الشجعان ، يفتح باب الأمل و تنطلق المغامرة التي نتمنى أن تعرف نهايات سعيدة بإنجاز أشرطة جميلة و مثيرة فنيا و جماهيريا ، و أن تتمكن من انتزاع إعجاب اللجنة الموكول لها تقييم الأفلام داخل جدران المؤسسة الوصية على السينما ببلادنا ، كل ذلك ، لما فيه ربح سينمانا المغربية .



عبد الإله الجوهري