الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  السينما العالمية    
ذكرى وفاة المايسترو الإيطالي فيديريكو فيليني السينمائي العظيم فريديريكو فيليني(1920-1993)

  ملصق فيلم   

إن شخصية المبدع الفنان غالبا ما تعبر عن نفسها في الإبداع وتبرز كشخصية مثالية حاملة لقيم إنسانية أفضل ، خصوصا في مجال الإبداع السينمائي حيث تصبح الصورة أكثر تأثيرا وتتميز الموهبة السينمائية بخصوصيات وأبعاد تتجاوز الفني لتصل إلى ما هو اجتماعي اقتصادي وكذلك سياسي. ينطبق هذا على المخرج السينمائي الإيطالي فيديريكو فيليني المزداد سنة 1920 بمدينة رمنيRIMINI    وكان بادئ الأمر رساما هزليا وصحفيا وأصبح سنة 1943 كاتب سيناريو وارتبطت شهرة فيليني بفلم "روما مدينة مفتوحة" إنتاج 1945 من طرف ROBERTO ROSSELLINI والذي عمل فيه فيليني كمساعد مخرج .
خصوصا وأن الواقعية الجديدة  كتيار سينمائي ارتبطت بهذا الفيلم ، هذه الحركة التي انفجرت في المشهد الثقافي عامة والسينمائي خاصة في ايطاليا بعد الحرب العالمية الثانية ويعرف فيليني هذه الحركة بقوله " الواقعية الجديدة تعني رؤية الواقع أي واقع بعين صادقة ليس الواقع الإجتماعي فحسب ، بل أيضا الواقع الروحي والواقع الميتافيزيقي وكل ما يحمله الإنسان  في داخله ".

الواقعية الجديدة ليست مسألة ما تعرضه. إن جوهرها الحقيقي يكمن في كيف تعرض ، إنها مجرد طريقة في البحث دون سلفية أو تعصب .
فبداية فيليني ارتبطت بشكل وطيد بالواقعية الجديدة بكل ما تحمله من نبذ للتقاليد الفيلمية والدرامية والتخلي عن الحبكة المتينة والتركيز على العمق الإنساني في الأفلام ، فكان أول تحقيق فيلمي هو فيلم "أضواء قاعة الموسيقى" LES FEUX DU MUSIC HALL  (1950) وهو  فيلم يحكي المعاناة والحياة الحزينة لممثلي فرقة مقهى غنائى تمثيلي في جولة، ثم فيلم "الشبح الأبيض"  (1952) الذي يرسم بسخرية حياة فئة من الشباب القروي ،  وبعده ينجز شريط les viteelloni  (1953).
ولعل الفيلم الوحيد الذي أكسب فيليني شهرة عالية جعلته في مرتبة كبار السينمائيين العالميين هو فيلم "لإسترادا" la sttrada  (1954)
فقد أكد أغلب النقاد السينمائيين أن أسلوب المعالجة السينمائية وكذلك المواضيع المثارة جد متطورة ، رغم ملاحظة تغير أسلوب المخرج عن بدايته الواقعية الجديدة واحتفاظه بنفس المواقف والاتجاهات  خصوصا وأن أسلوبه قد عرف انحرافا حيث كانت الخلفية الاجتماعية أقل بروزا ، فكان الطابع العام هو طابع السخرية، هذا الفيلم يحكي قصة ثلاث مهرجين تائهين في الشوارع بإيطاليا.
واستمر فيليني بعد "لاستردا" بأعمال اتسمت بالجدية والوضوح واعتمدت البساطة في التشكيل و تفضيل الواقع على المتطلبات السيكولوجية و الدرامية  بفيلم  IL BIDONE 1955 الذي أثار قصة الغشاشين الصغار الذين يعيشون ويموتون كالذئاب  وفي فيلم  les nuits de cobiria 1957   ركز  فيليني على دور المرأة من خلال نموذج  امرأة مناضلة مفعمة بالأمل والرغبة في الحياة، حيث النكهة الثورية قائمة تقول هذه هي الأشياء ولنفعل شيئا ما لتغييرها،  فالمعالجة الواقعية لما هو اجتماعي ركزت حول مشاكل الفقر والجوع والبطالة والاضطهاد الطبقي وإذلال الإنسان للإنسان.
 وليست أفلام فيليني وحدها التي تميزت بطريقتها في ايضاح المعنى بل جل الأفلام الأخرى للواقعية الجديدة ، لكن فيليني تميز بأن كل فيلم يمتلك أسلوبه التعبيري الخاص ويحمل طابعا إيديولوجيا عاما ، فكل فيلم هو قصة اصطدام تراجيدي بين الإنسان والمجتمع البورجوازي ، هذه الواقعية الاجتماعية تمارس تأثيرها على المشاهد بسبب استخدامها لمجموعة دلالات محددة كالممثلين غير المحترفين والبنية الحديثة والتصوير المحلي  والإضاءة الطبيعية بحيث  لا توجد خدع سينمائية أو درامية تسمح لنا بالفرار ولتبقى الكاميرا أسيرة الموقف والناس . ويلاحظ هذا في أفلام فيليني التي استمر في إخراجها بغزارة  من فيلم la dolce vita 1959 وفيلمHuit et demi   وفيلم    les clowns   1962بالإضافة الى فيلمROMA 1972    .
وفيلم  AMARCORD  1973 عالج  وعرض الريف الإيطالي في الثلاثينات وحمل في طياته فضحا للفاشية إذ كان عملا فنيا رائعا رغم اختلاف الحياة الإجتماعية للمجتمع الإيطالي عن تلك التي كانت الواقعية الجديدة معبرة عنها، فإن سينما فيليني استمرت في التجديد والعمل على تطوير تلك الحركة التي حملت المجد إلى السينما  الإيطالية من خلال أفلامه  prova d’irchestra  لسنة 1979   و فيلم la cité des femmes  1980 وفيلم la voix  de la lune و أفلام أخرى جديدة امتزج فيها الحب والنبرة المأساوية والبعد الأسطوري أحيانا وجعل صورها تتحدث بأحاسيسه الخاصة وبغزارة يصبح التعبير الذاتي عن الشخصية تعبيرا ذاتيا عن المجتمع .
ليبقى المخرج فيدير يكو فيليني من القليلين العظماء في  المجال السينمائي والذين تركوا فيلموغرافيا أفلام جد مهمة في تاريخ السينما الإيطالية و العالمية لتتأكد قولة بول نسكي بأنه "لا يستطيع أي فنان أن يكون عظيما انطلاقا من نفسه ومن خلاله نفسه ولا من خلال ألامه الخاصة . إن كل فنان عظيم لأن جذور ألامه وسعادته قد نمت عميقا في أرض المجتمع والتاريخ وأنه بالتالي عضو وممثل  للمجتمع وللإنسانية".

عزيز الحنبلي