الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  متابعات سينمائية    
فيلم ملاك لعبد السلام الكلاعي ب"دورة السينما والتربية" بالرباط

بدعم من المركز السينمائي المغربي ؛ وفي إطار التنسيق بين جمعية "ملتقى الصورة" المهتمة بالشأن السينمائي.. والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ؛ عرفت قاعة الفن السابع بالرباط أمسيتي يومي  28/و29 ماي 2015 برنامجا مسطرا لتقديم "دورة السينما والتربية" تحت شعار "الصورة دعامة للنجاح التربوي" لفئة الشباب المتمدرس؛التي أشرفت جمعية ملتقى الصورة على تهيئ برنامج خاص بها انطلاقا من عرض فيلم "ملاك" للمخرج العرائشي عبدالسلام الكلاعي كأرضية للدورة؛ موازاة مع أنشطة تعرف بتقنيات الكتابة السينوغرافية والإخراج؛وعرض أشرطة قصيرة للنقاش.
جاء في كلمة عضوة "جمعية ملتقى الصورة" التقديمية والترحيبية الفاعلة الجمعوية "ذة" مليكة بنضهر؛للمادة السينمائية المقترحة؛ تقديم نبذة عن الفيلم وعن صاحبه والمشاركين فيه.. والذي مثلهم بالنيابة حضورا الفنان محمد الشوبي؛ الذي اعتبر فيلم عبدالسلام الكلاعي طفرة سينمائية نوعية في مجال طرح الأسئلة لظاهرة أصبحت تؤرق المجتمع بكل مؤسساته و فئاته.
الفيلم يقدم صورة "الأمهات العازبات" كتيمة أصبحت ظاهرة؛لما تراكم من حالات أطفال لأمهات عازبات؛ وقد أثيرالأمر سابقا لاستفحاله من قبل الناشطة الاجتماعية في مجال رعاية الأمهات العازبات والأطفال المتخلى عنهم "عائشة الشنا" والتي أسست لاحتضانهن جمعية(التضامن النسوي) التي جعلتها مأوى للنساء اللائي حملن خارج إطار العلاقة الزوجية إما بسبب اعتداء جنسي أو اغتصاب أو تغرير..
يأتي فيلم عبدالسلام الكلاعي ليسلط الضوء على هذه الظاهرة؛وفق مقاربة سينمائية تعتمد الصورة المشهدية؛ من خلال كتابة قصة سيناريو "ملاك" والذي نجح في رسم معالم حبكته بطريقة فنية؛اعتمادا على ما راكمه من تجارب عملية في مجال العمل الجمعوي خاصة المتعلق بالقضية النسائية. قصة الفيلم تحكي عن فتاة "ملاك" والإسم لم يأت اعتباطا - في تصوري- نظرا لما يتوارد من أحداث تبين أن الطفلة "ملاك" كانت تعيش حياة ككل طفلة بريئة في وسط أسري اجتماعي متوسط ؛ لا يربطها بخبث ما يعيشه المجتمع إلا ما ستتعرض له من أحداث عبر سيرورة الأحداث والنمو الجسدي؛حيث بلغت سن 17 وهي تلميذة بإحدى الثانويات؛ غرر بها من قبل أحد الأشخاص بعقد علاقة تعارف قصد الزواج؛ لتجد نفسها في آخرالمطاف في وضعية حمل غير مرغوب فيه.
تواتر الأحداث لمعرفة ما سيقع؛وما سينتج عنه من ردود أفعال أسرة "ملاك"؛وما ستقدمه صديقاتها في الثانوية من نصائح لها؛ وما... كل ذلك جعل انتباه الجمهور المتتبع مشدودا ومتوترا ومنتبها أيضا.
 عبدالسلام الكلاعي نجح في تقديم صور العديد من المؤسسات التي تعاني في ممارستها لمسؤوليتها نوعا من الخلل؛ بداية من أسرة "ملاك" هذه الأسرة التي تبين عن خلل في مجال التواصل بين أفرادها؛ وعدم الانسجام فيما بينهم. علاقة الإبن بالأب-  علاقة الإبن بأخته. علاقة الزوجة بالزوج وبابنتهما..
ثانيهما الصورة المقدمة للمؤسسة التربوية التي تنبي عن فضح واضح لواقع معيش حيث الأستاذ "يلغي بلغهاه في واد" والتلميذات في واد آخر؛ حيث الاكتظاظ سيد الموقف؛وعلاقة المربي/الأستاذ بتلميذاته مغيبة؛وهذه الصورة الواقعية أضحكت جمهور التلاميذ وصفق لها كثيرا لأنها حالة من الحالات التي يعيشها.
ثالثها الصورة المقدمة لرجال الأمن.. وما تعيشه المخافر ؛من ضغوطات الاكتظاظ ؛وقلة الموارد البشرية ؛وكثرة الإعلام عن خصومات بسبب حالات السكر والشذوذ والعهر.. وكيفية تدبيرها.
رابعها المجتمع الليلي الذي له خصوصياته؛وله أهله و ناسه؛ وله قوانينه..
انتقال بطلة الفيلم من حياة إلى حياة؛ من "ملاك" سماوي إلى "شيطان" أرضي؛ ليس لها أية يد فيه سوى أنها غرر بها من قبل ذئب من ذئاب هذا المجتمع السفلي؛ الذي جعلها تتجرع علقم الحياة الوضيعة عبر حلولها في وضعيات لم تكن تحلم في يوم من الأيام أن تعيشها؛وهي في وسط أسرة ؛ كان المأمول فيها أن ترعاها وتحافظ عليها..
اختيار بطلة الفيلم شيماء بن عشا "ملاك" من قبل المخرج كان موفقا - من وجهة نظري- لاعتبارات عدة منها شخصيتها المتفردة؛ وتعبيراتها الملمحية الصامتة التي توحي للمتلقي بما تعيشه من ظلم وقهر..وحركاتها المتوازية مع صدق التعبير في الكثير من المواقف؛ وتقارب الشبه فيما بينها وبين أمها(الفنانة السعدية لديب)قدم للمتفرج شيئا من القبول ؛ وإن كانت ملامحها تحيل على جنسية آسيوية ؛ فهي أضفت عليها مسحة "أجنبية".
عوالم الفيلم وفضاءاته المصورة تعبر بما لايدع مجالا للشك؛ من أن المخرج اجتهد في تقديم الصورة القاتمة التي يعيشها مجتمع الليل؛ من خلال التعبير عنها بالعتمة التي تفتقد إلى بؤر نور؛ وتسليط الضوء على خفافيش الظلام ؛ ناهبي وآكلي لحوم البشر.
وقد قام كل من الفنان محمد الشوبي (بدور الأب) والفنانة السعدية لديب (بدور الأم) والفنان عمر لطفي (بدورأخ البطلة)؛ فيما قامت الفنانة نجاة الوافي بدور(طبيبة/جمعوية معاقة) والفنان المرحوم محمد مجد( في دور بسيط له أهميته في المشهد العام للفيلم)؛ أما الفنانة فتيحة وتيلي فقامت (بدور الوسيطة)..
الفيلم على العموم يمكن مقاربته التماثلية بفيلم "الملائكة لا تحلق في الدار البيضاء" للمخرج محمد عسلي ليس من حيث تيمته ؛ ولكن من حيث معالجته للعديد من الظواهر السلبية والسيئة.
  فقد قدم عبدالسلام الكلاعي وجبة سينمائية دسمة؛ لتيمة أصبحت ظاهرة (الأمهات العازبات)؛ بطريقة فنية/احترافية؛ وبشابات قادمات .. تبقى الملاحظة عليه من حيث تقديم بعض المشاهد الساخنة/الإباحية لجمهور مدرسي تستوجب التحفظ ؛ وتستوجب أيضا الإيحاء لإفساح الفرصة للجمهور في إعمال مخياله وبناء تصوراته الإيروتيكية كما شاء هو؛ولا نصدمه بالجاهز من المشاهد ؛ بحيث لا زلنا نؤسس لثقافة الصورة من خلال اعتبار الممثل (ة) يمثل شخصية وليس ذاتا (ه)؛وهذا يتطلب مزيدا من مثل هذه الدورات التكوينية والتحسيسية ومزيدا من الوقت.
فيلم"ملاك" من فعالياته الفنية.
- عبدالسلام الكلاعي كاتبا ومنتجا ومخرجا.
- الفنان محمد الشوبي .
- الفنانة السعدية لديب .
- الفنانة المتألقة شيماء بن عشاو
- المرحوم محمد مجد.
- الفنانة نجاة الوافي .
- الفنانة فتيحة وتيلي.
- الشابة مريم أجدو.
- الشابة نسرين الراضي.
-....................
صورت مشاهد الفيلم بكل من مدينة العرائش وطنجة.

عبدالكريم القيشوري