الصفحة الرئيسية   إتصل بنا
 >>  رأي العين    
السينما المغربية في سنة 2014 استمرارية الإبداع الفني و البحث عن الجمهور


   ما تزال السينما المغربية تسير في نفس الطريق الإبداعي الذي حقق لها تواجدا كبيرا و فعالا في الحقل الثقافي المغربي .هذا الطريق الإبداعي الذي يجمع بين المغامرة في التجريب و البحث عن الجودة الفنية و بين محاولة  جذب الجمهور و الدفع به إلى المشاهدة . و هذا الطريق الإبداعي السينمائي المتعدد هو ما منح للسينما المغربية هذا الإشعاع الوطني و القاري معا، و الحضور المشرف في كثير من المهرجانات العالمية . و هو أمر إيجابي سنسعى هنا و الآن إلى عملية توضيحه و التأشير عليه بغية تقديم صورة واقعية لمسارات هذه السينما طيلة هذه السنة (2014) .
  إن أول ما يمكن الوقوف عنده في هذا الصدد هو استمرارية الإنتاج السينمائي المغربي بنفس الوتيرة السابقة ، أي إنتاج ما بفوق 20 فيلما سنويا ، وهو رقم هام جد ، يمكّن هذه السينما من تحقيق تنوع بارز على مستوى المواضيع المطروحة و طرق الإخراج السينمائي المتبناة التي تنحى نحو الإبداعية التجريبية حينا أو تحافظ على النهج السينمائي العادي الذي يركز على سيرورة الحكاية في غالبية الأحيان. و يعود هذا العدد المهم في وتيرة إنتاج الأفلام السينمائية المغربية إلى مسألة الدعم المادي الذي تحظى به وفق شروط معينة من لدن لجنة الدعم التابعة للمركز السينمائي المغربي الذي عرف في هذه السنة تغيرا على مستوى الإدارة، فقد أصبح السيد صارم الفاسي الفهري مديرا للمركز السينمائي خلفا للسيد نور الدين الصايل .
 أما بخصوص الأفلام السينمائية المغربية التي تألقت  هذه السنة سواء تلك التي أنتجت فيها أو حتى تلك أنتجت في السنة الماضية 2013 ، و التي استطاعت أن تحقق لها وجودا قويا في الساحة الثقافية الفنية فقد ظل فيلم المخرج السينمائي المتميز هشام العسري "هم الكلاب" يحظى بالجوائز و يعرض في المهرجانات الوطنية أو الدولية و هو ما يؤشر على أهميته و على أهمية التجربة السينمائية لمخرجه. كما تألق أيضا الفيلم المغربي "وداعا كارمن" للمخرج السينمائي المغربي محمد أمين بنعمراوي و حظي بكثير من الجوائز منها الجائزة الكبرى لمهرجان ورزازات السينمائي و  الجائزة الكبرى كذلك للدورة الخامسة لمهرجان الداخلة السينمائي الذي ترأس لجنة تحكيمه الناقد و الروائي المغربي محمد برادة ، و ذلك نظرا لأهمية وضوعه و لطريقة إخراجه المتميزة ، كما سبق له أن خلف ارتياحا كبيرا لدى عرضه في المهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة و حضي ببعض الجوائز منها جائزة العمل الأول. و قد سجل فيلم المخرج المغربي جيلالي فرحاتي "سرير الأسرار" المقتبس عن رواية مغربية تحمل نفس الاسم للروائي المغربي البشير الدمون حضورا جميلا في هذا المهرجان أيضا و استطاع أن ينال جائزة السيناريو . و قد لقي استحسانا من لدن الجمهور الحاضر فيه ، كما تناولته الصحافة الفنية المغربية لاسيما وهو ينتمي إلى ما أصبح يطلق عليه بسينما الأدب ، أي تلك السينما التي تنبني على لعبة الاقتباس الأدبي. وقد سجل فيلم "الصوت الخفي" للمخرج كمال كمال الذي يحكي فيه جانبا من العلاقات المغربية الجزائرية حضورا قويا هو الآخر و استطاع أن ينال الجائزة الكبرى في مهرجان الفيلم الوطني بمدينة طنجة .و فيما يتعلق بفيلم المخرج السينمائي المغربي لطيف لحلو الذي حمل اسم "عيد الميلاد" فقد سار فيه على نفس السبيل السينمائي الذي ينهجه و المتميز في الحرص على تقديم الحكاية وفق شروط فنية سينمائية قوية تتميز بالوضوح في الطرح و التي تجلت في فيلمه السينمايئ السابق "سميرة في الضيعة" .
 هكذا نرى أن السينما المغربية من خلال هذه الأفلام السينمائية الطويلة التي أتينا على ذكرها قد عرفت هذه السنة تميزا ملحوظا سواء من حيث تعدد وتنوع المواضيع التي طرحتها والمتمثلة في تقديم بعض الأحداث الواقيعة و التبئير عليها و تقديمها إلى الجمهور كما هو الحال مع فيلم "هم الكلاب" للمخرج هشام العسري الذي ركز على البعد الاجتماعي و السياسي في فترة الثمانينيات و ما بعدها ،  و فيلم "وداعا كرمن" للمخرج محمد أمين بنعمراوي الذي ركز على البعد التاريخي و السياسي في فترة السبعينيات ، كما ركز فيلم "الصوت الخفي" على البعد السياسي التاريخي و الفني في تقاطعاته العلائقية و الاجتماعية و الإنسانية .
 و في موازاة مع استمرارية المهرجانات السينمائية المغربية مثل المهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة و مهرجان السينما الإفريقية بمدينة خريبكة و مهرجان السينما المتوسطية بمدينة تطوان ومهرجان سينما المرأة بمدينة سلا و سواها ، فقد شهد النقد السينمائي المغربي صدور بعض الكتب النقدية في هذا المجال نذكر منها بعض ما أصدره كل من النقاد و الباحثين في مجال الصورة عبد الرزاق الزاهير و نور الدين محقق و بوشتى فرقزايد وغيرهم ، كما نذكر تواجد وحضور بعض المجلات الرصينة التي تهتم بالسينما مثل مجلة "وشمة" و مجلة "المجلة المغربية للأبحاث السينمائية" و مجلة "سينفيليا" التي عرفت هذه السنة صدورا ورقيا أيضا بجانب حضورها على الشبكة الإلكترونية ، و سواها من المجلات السينمائية الأخرى.
   إن السينما المغربية و هي تشهد هذا الحضور القوي لها مطالبة بالمزيد من الحفر في القضايا الجمالية و الفنية بغية تقديم سينما حقيقية يطبعها الهم الجمالي الفني القوي مع المحافظة على الاقتراب من واقعها و تقديمها في صورة سينمائية جديرة بهذا الفن الرفيع .هذه السينما التي قدمت بالإضافة إلى المخرجين السابقين مثل لطيف لحلو والجيلالي فرحاتي و سعد الشرايبي و نور الدين لخماري و نبيل عيوش و سواهم و مخرجين آخرين مثل  المخرج محمد مفتكر و هشام العسري و عبد الإله الجواهري الذي سبق له أن قدّم أفلاما سينمائية قوية قصيرة كما قدم فيلما طويلا قويا هو فيلم" الراقص(ة)" . وهي أفلام سينمائية حظيت بمجموعة من الجوائز الرفيعة، كما أنه بالإضافة إلى ذلك وبموازاة معه يقدم برنامجا تلفزيونيا على القناة المغربية الأولى خاصا بالمجال السينمائي هو برنامج «شاشات"، وهو برنامج يساهم في التعريف بكل ما يتعلق بالسينما المغربية في تقاطعاتها مع باقي سينمات العالم.