الرئيسيةإفتتاحيةالمجلات السينمائية وإشكالية الاستمرارية*

المجلات السينمائية وإشكالية الاستمرارية*

من دَخل مغامرة إصدار مجلة سينمائية متخصصة وَحدَهُ يعلم صعوبة التجربة في منطقة يقِلُّ فيها القراء يوما عن يوم، والمهتمون بالقراءة عن السينما أكثر، وما التجارب التي صدرت ثم توقفت على طول خارطة العالم العربي سوى دليل على ما نقول.
هي مجلات كان وراء إصدارها دائما عشق سينمائي كبير، لكن الصعوبات المادية جعلتها تتوقف ولا تستمر، إذ عكس ماهو عليه الأمر في الغرب حيث المجلات السينمائية ضرورة تُساير المنتوج السينمائي وتواكبه، فإن تقليد الكتابة عن السينما في العالم العربي حتى لو كان قد شهد بعضا من التَّوهُّج في الماضي فإنه قد خَفَّ ومِيضه في السنوات الأخيرة.
وإذا كانت مصر هي الرائدة في هذا المجال بحكم أنها كانت ومازالت تتوفر على بنية سينمائية مكَّنتها من أن تكون الصناعة القائمة الذات الوحيدة في العالم العربي، فإن هذه الصناعة كانت تواكبها دائما كتابات صحفية أو نقدية متخصصة، بل إن المعاهد السينمائية في مصر أنشأت تخصصات لدراسة النقد السينمائي كما الأمر بالنسبة لدراسة الإخراج والتصوير والمونطاج… وهكذا ظهر في مصر نقاد دارسون واكبوا المنتوج السينمائي منذ زمن طويل.
لكن في دول عربية أخرى، كانت نشأة وتطور الكتابة السينمائية مختلفا عن مصر، فمثلا في المغرب أغلب النقاد السينمائيين كان تكوينهم ذاتيا ولعبت حركة الأندية السينمائية التي شهدت ازدهارا ملحوظا في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في المغرب دورا مهما في هذا السياق. إذ ابتدأ “النقد” شفهيا في الأندية السينمائية، لتأتي الكتابة عن السينما في مرحلة لاحقة. ويبدو أنه مع انطفاء وهج وانتشار هذه الأندية سنلاحظ أن حتى عدد النقاد السينمائيين من الأجيال التالية سيكون قليلا مقارنة بمن سبقوهم.
وبخصوص المجلات السينمائية فإن مجلة “دراسات سينمائية” التي كانت تصدر عن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية في الثمانينيات كانت من بين أهم الإصدارات السينمائية التي صمدت لمدة وخصوصا أثناء ازدهار الأندية السينمائية لتتوقف مع بداية التسعينيات.
الآن ونحن نخوض مغامرة إصدار مجلة “سينفيليا” التي وصلت لعددها السابع عشر نجد أنفسنا بدورنا في نفس وضع الذين سبقونا، بحيث أصبح دعم وزارة الثقافة سيفا على رقابنا أكثر من كونه دعما حقيقيا، فرغم أن المجلة نالت الدعم خلال السنوات السابقة ومنذ صدورها إلا أننا نفاجأ بأن مبالغ الدعم قد تم تجميدها منذ مجيء الحكومة الحالية وهكذا لم نتسلم مبالغ الدعم برسم سنة 2017 وما زال في ذمة الوزارة لنا مبلغ عدد واحد من سنة 2016 ، هذا دون الحديث عن سنة 2018 ، رغم كوننا التزمنا بالصدور في المواعيد المحددة وأوفينا بكل الشروط المطلوبة فيما وزارة الثقافة لم تف بوعودها لحدود كتابة هذه الأسطر.
ورغم كل شيء فإننا نعد قراءنا أننا سنقاتل حتى آخر رمق، وحتى إن لم نستطع الصدور ورقيا فسنستمر في الصدور بطريقة ال”بي دي إف”. وبما أن هذا العدد بين أيديكم فاعلموا أننا لم نستسلم بعد وما زلنا نقاوم وذلك بفضل مساندتكم لنا كوننا نعتبر القارئ السينفيلي درعنا والسبب الذي ما زال يجعل “سينفيليا” صامدة.

سينفيليا

*إفتتاحية العدد 17  من مجلة “سينفيليا”

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *