الرئيسيةأعمدةمصطفى منير.. “لماذا تركتموه وحيدا؟ !”

مصطفى منير.. “لماذا تركتموه وحيدا؟ !”

دأبتُ على لقاء الفنان مصطفى منير منذ مدة في المهرجانات السينمائية المغربية إلى أن نشأت بيننا صداقة أساسها الود والاحترام المتبادل. فمن جانبي كنتُ ومازلت أرى فيه ذلك المشخص المتمكن من أدواته والذي واكب مسيرة المسرح والسينما والتلفزيون في المغرب منذ البدايات إلى الآن، لكن للأسف الشديد لم يعُد يجد فرصا للعمل المستمر لأسباب يُرجعها بعض المخرجين لمزاجه السيء والمتقلب والذي يجعله يصبح عِبئا على العمل أثناء لحظات التصوير، دون أن ينكروا ولو للحظة كونه ممثلا جيدا وقَلَّ أن تَهَبَ الساحة الفنية في المغرب مثله. على العموم فإن لَمِن ما يحزُّ في النفس أن نرى فنانا صال وجال فوق خشبات المسارح ولعب أدوارا لاتنسى في أهم الأفلام المؤسسة لسينما مغربية يُهمَل بهذا الشكل وتَتَحوَّل شيخوخته إلى شكوى وحنين للماضي وسخط على الحاضر البئيس.
من أهم ما يثيرني في جلساتي إليه (وكثيرا ماتكون جلسات جماعية) هي تلك الذاكرة الفنية التي يمتلكها والتي يمنحها بسخاء وكرم في لحظات صفوه، والتي يبدو أنها ستتبخر وتضيع بين موائد المهرجانات إن لم يُسرع صحفيون متخصصون لتدوينها ونقلها من شفاه مصطفى منير إلى دفتي كتاب أو – وفي انتظار ذلك- إلى صفحات جريدة أو مجلة، فما يحكيه منير ليس ذاكرة فردية خاصة به بقدر ماهي ذاكرة جماعية للفن في المغرب يجب لإنقاذها من الاندثار.
لَكَم شاهدتُ مصطفى منير الذي يُصِرُّ على حضور كل المهرجانات غير مُرحب به في بعضها وهو نائم في بهو الفندق وحيدا. قد يقول البعض أنه من يضع نفسه في مثل هذه المواقف المُحرجة وقد يقول الآخرون أن فنانا بمثل مساره لايجب أن يعامل بتلك الطريقة مهما كانت الأسباب. وفي هذا السياق اضطر الفنان محمد الشوبي وهو فوق منصة سينما “روكسي” أثناء تقديم فيلم “دموع الرمال” لعزيز السالمي الذي قام ببطولته، ليَحتجَّ على المسؤولين عن المركز السينمائي المغربي الذين طردوا مصطفى منير من الفندق، أو لم يعطوه في الأصل غرفة به، أثناء حضوره لفعاليات المهرجان الوطني للفيلم في دورته الأخيرة رغم كونه كان مشاركا بدور في فيلم “الحنش” لإدريس المريني المشارك في المسابقة الرسمية.
لكن يبدو أننا في هذا البلد لانتذكر المبدعين إلا حينما يتركوننا ويرحلون وحينها سيبكي الكثيرن كما هي العادة بدموع التماسيح على مصطفى منير وسينعتونه بالفنان الكبير الذي تنكَّر له قومه، لهؤلاء أقول أن الأجدى والأفضل أن تدافعوا عنه وعن حقه في ممارسة فنه واستعادة مجده الآن وليس حينما يموت ولايعود للكلام الجميل وللرثاء أي معنى.
تحضرني الآن لحظة جد مؤثرة أخذ فيها مصطفى منير الميكرفون أثناء مناقشة فيلم بالدورة الأخيرة للمهرجان الوطني وتحدث بحرقة عن حال الممثل المغرب وكأن لسان حاله يقول أنني رغم كوني أتحدث بالجمع فعن نفسي أحكي.

 

 

مسيرة مصطفى منير طويلة وحافلة وليس هذا مجال سردها كاملة لكن للإشارة والتذكير فقط فقط ألف حوالي 68 مسرحية وكتب سيناريوهات العديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية بين سنتي 1964 و 1979 من بينها “الحنصالي”، “الزهرة بنتي”، “الدقيقة 49 “، “قنطرة الأحلام”، والمبروك”.
ومن بين الأفلام المغربية والجنبية التي شارك فيها
” الحياة كفاح ” (1968) لمحمد التازي بن عبد الواحد وأحمد المسناوي ، ” كان ذات مرة الليجيون ” (1976) لديك ريتشاردز ، ” المسيح الناصري ” (1977) للإيطالي فرانكو زيفيريللي ، ” القنفودي ” (1979) لنبيل لحلو ، ” السراب ” (1979) لأحمد البوعناني ، و ” الرجل القادم ” (1979) لجورج سارافيان ، ” إبن السبيل ” (1981) لمحمد عبد الرحمان التازي ، ” للا شافية ” (1982) لمحمد التازي بن عبد الواحد ، ” أفغانستان لماذا ؟ ” (1983) لعبد الله المصباحي ، ” عباس أو جحا لم يمت ” (1986) لمحمد التازي بن عبد الواحد ، ” الديك الأحمر ” (1988) لهيربير رداند ، ” طبول النار ” (1990) لسهيل بنبركة ، ” قاعة الإنتظار ” (1991) لنور الدين كونجار ، ” بين الغياب والنسيان ” (1993) لداوود أولاد السيد ، ” ياريت ” (1994) لحسن بنجلون ، ” أنا الفنان ” (1978 – 1995) لعبد الله الزروالي ، ” سارق الشوفة ” (1995) لمحمد عبد الرحمان التازي ، ” للا حبي ” (1996) لمحمد عبد الرحمان التازي ، ” عايدة ” (2014) و ” الحنش ” (2016) لإدريس المريني.

*عناوين الأفلام وتواريخها من مقال للصديق الناقد أحمد سيجلماسي.

 

عبد الكريم واكريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *